إعلان

السيول تفضح قصور البنية التحتية في مصر مجددًا (تقرير)

07:49 م الإثنين 31 أكتوبر 2016

السيول فى رأس غارب

كتبت - نورا ممدوح:

كشفت السيول التي ضربت عدد من محافظات الجمهورية في الأيام الأخيرة، مدى القصور الذي تشهده البنية التحتية لمصر والذي يحتاج إلى تطوير على المدى الطويل وحلول سريعة على المدى القصير.

في منتصف ليل الخميس الماضي، شهدت منطقة رأس غارب بالبحر الأحمر سيول عنيفة تسببت في تصدع وانهيار بعض المنازل في، حيث غمرت المياه الشوارع وجرف السيل سيارات تكدست على جانب الطريق في فوضى، وأسفرت أيضًا عن مقتل 22 شخصًا و72 آخرين وفقًا لتقارير حكومية.

وكإجراء تحذيري تتخذه هيئة الأرصاد الجوية قبل وقوع كارثة مشابهة لذلك، يقول وحيد سعودي المتحدث باسم الهيئة، إنهم يصدرون التحذيرات لكافة قطاعات الدولة وعلى رأسها المحافظات المعنية بسوء الأحوال الجوية مثل الصعيد والمدن التي تطل على سلاسل جبال البحر الأحمر، ومحافظات شمال وجنوب سيناء لأنها ذات طبيعة جغرافية خاصة "سرعان ما تتحول فيها الأمطار إلي ظاهرة السيول".

أول تأثير للأمطار يكون على الطرق والكباري في المحافظات المختلفة، وهو ما يواجهه اللواء عادل ترك رئيس هيئة الطرق والكباري، بخطة لمجابهة أي موقف مفاجئ على أي من الطرق التابعة للهيئة "عندنا مجموعة صيانة للطرق تبدأ عملها قبل موسم الأمطار والسيول بعمل صيانات لمخرات السيول و المواسير وتطهيرها من الحشائش التي تمنع انسياب المياه للداخل".

وكانت محافظة الإسكندرية قد شهدت العام الماضي ارتفاع لمنسوب المياه في شوارعها بعد تعرضها لنوة أدت إلى غرق بعض البيوت والمحال التجارية وتوقف الحياة اليومية في بعض الأحياء، بسبب المياه الراكدة التي تجمعت في عدة مناطق دون أن يكون هناك مصارف لها.

"لدينا أكثر من 16 مجوعة صيانة منتشرة على مستوى مصر وفي جنوب سيناء والبحر الأحمر حتى حلايب وشلاتين" يقولها رئيس هيئة الطرق والكباري، الذي يؤكد أنه يتم دراسة استيعاب الطرق للأمطار الغزيرة عند إنشائها وتأثيرات السيول عليها من 25 إلى 100 عام ومن ثم يتم عمل حماية للطرق الأكثر تعرضا لهذه السيول.

ومن بين أهم أركان البنية التحتية التي تتأثر بالأمطار الغزيرة هي شبكات الصرف الصحي ، ويقول هشام الهلباوي مستشار وزير التنمية المحلية والمنسق الوطني للتنمية المحلية، إن 60 % من المدن غير مغطاه بشبكات صرف صحي عمومي من الأساس وقد يزيد العدد، مؤكدا أن الحل الوحيد للتعامل مع الأمطار الغزيرة يكون صرفها في الترع والمصارف.

"شنايش المطر" هي أحد الحلول التي يقول عنها الهلباوي أنها تستخدم لسحب مياه الأمطار للصرف الصحي، إلا أن معظم الطرق لا يوجد بها هذه "البلوعات" وأنها إذا وجدت تكون مسدودة ولا يتم تنضيفها وتطهيرها بشكل مستمر قبل موسم الأمطار تجهيزا لاستقبالها.

أما مخرات السيول فيوضح مستشار التنمية المحلية، أنه تم ردمها منذ زمن أو البناء عليها واختفت بشكل تام، مؤكدًا أنه لابد من إنشاء مخرات سيول جديدة والصرف علي الترع كحلول على المدى القصير بالتعاون مع خبراء الري والصرف، أما على المدى الطويل فلابد من عمل استثمارات بمليارات الجنيهات للوصول لتغطية شاملة لشبكات الصرف الصحي.

"البنية التحتية في مصر غير مؤهلة لاستقبال السيول" يقولها سامح العلايلي عميد كلية التخطيط العمراني الأسبق بجامعة القاهرة، مؤكدًا أنه عند هطول هذه الكميات من المياه على تربة ليست ثابتة وطرق مخلخلة، يؤدي إلي انهيار الطرق وتكسير مواسير الصرف الصحي وهو ما يتسبب في التدمير الذي يعقب أي سقوط لكميات كبيرة من الأمطار.

وينتقد عميد كلية التخطيط الأسبق، عدم التفكير في الاستفادة من هذه المياه التي تعتبر قيمة مفقودة مثلما فعلت المغرب التي تعيش بشكل رئيسي على الأمطار "منذ 40 عام تعتمد هذه البلد علي مياه الأمطار بتخزينها خلف السدود للاستفادة منها وهي تعتبر تجربة هائلة".

أما في مصر يقول العلايلي، إنه كان بها شبكة صرف أمطار متميزة منذ أيام الإنجليز، إلا أنها لم تدم حتى الان فعندما زاد تعداد السكان وأثر ذلك على الصرف الصحي، تم استخدامها.

كشبكة صرف صحي وهو ما وصفه بـ"المصيبة" حيث أصبحت هذه الشبكة مسدودة وتتسبب في تجمع المياه وركودها دون أي وسيلة للصرف مثلما حدث العام الماضي.

أما عن معايير البنية التحتية فهناك مواصفات قياسية مصرية من المفترض أن يتم تطبيقها، وأخرى عالمية، بحيث يكون للطرق والمواسير مواصفات معينة، إلا أنه لا يتم تطبيقها لأنها تتكلف كثيرا ويتم اختيار مواد ذات أسعار رخيصة وهو ما يؤدي إلى أعمال ذات جودة ضعيفة وتنهار في الحال وفقا لعميد كلية التخطيط الأسبق.

خبير الإدارة المحلية حمدي عرفة، يقول إن البنية التحتية في مصر لن تستطيع مواجهة السيول المتوقعة، " لدينا 4426 قرية و26 الف 757 كفر ونجع وعزبة لا تتعدي البنية التحتية فيهم أكثر من 10% فقط، أما في المدن والأحياء فإن البنية التحتية فيها قد تصل إلى 65%" مؤكدا أن 82% من المسئولين غير مدربين أو مؤهلين للتعامل مع ملفات السيول.

ويضيف أن البنية التحتية غير مؤهلة لأن نسبة الصرف الصحي التي عرضتها الحكومة في خطتها 2030 في شهر ينايرالماضي بلغت 15% فقط، كما أن رصف الطرق لا يتعدى الـ3% في حين يصل اختلاط مياه الشرب بالصرف الصحي إلى 90%.

ويشير عرفة، إلى أن هناك 30 % من مواسير المياه متهالكة ويتم تسريب المياه منها وتحتاج إلى تجديد، "ما أفسد البنية التحتية في مصر هو الضغط الشديد عليها عندنا 25 مليون و840 ألف مواطن ساكنين في العشوائيات"، فعندما يقوم هؤلاء ببناء عقارات مخالفة يقومون بسرقة المياه والكهرباء وهو ما يضغط على بنيتهم التحتية.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان