"رياض النيل".. أمسية تسعى لترطيب الأجواء بين القاهرة والرياض
كتب – محمد سعيد:
في أجواء يشوبها توتر على الصعيد السياسي بين مصر والسعودية، أقام السفير السعودي لدى القاهرة، أحمد قطان، أمسية شعرية في منزله ضمن صالون ثقافي دوري يحمل اسم "رياض النيل"، حضره عدد كبير من الإعلاميين والكُتاب المصريين والسعوديين.
أزمة أُثيرت مؤخرًا بين البلدين ظهرت إلى العلن، حينما صوتت مصر لصالح مشروعي قرار قدمتهما فرنسا وروسيا خلال جلسة مجلس الأمن بشأن الأوضاع في سوريا، في الثامن من أكتوبر الجاري. وهو الأمر الذي وصفه المندوب السعودي لدى الأمم المتحدة عبد الله المُعلمي بـ"المؤلم" و"غير المفاجئ."
وأضاف المُعلمي أن بلاده ستواصل دعمها للشعب السوري بكل الوسائل. ووصف طرح روسيا مشروعا مضادا، واستخدامها الفيتو ضد مشروع القرار الفرنسي بـ"المهزلة"، حسب تعبيره.
لقاء يبدو دوريًا، ولكن حمل بين طياته جوانب الخلاف الذي ظهر على السطح لأول مرة.
"أجواء إيجابية"
يقول الإعلامي جمال الشاعر، أحد الحضور، إن "الأجواء الإيجابية طغت على الأمسية الشعرية التي خلدت سيرة الشاعر الراحل فاروق شوشة، حيث أكدنا أن الثقافة أكبر من أي خلاف سياسي".
أضاف الشاعر، في حديث هاتفي مع مصراوي، أن "توقيت اللقاء هذه المرة هو الذي أعطاه أهمية إضافية، فرغم أننا حاولنا أن نتجاوز الحديث عن الخلاف بين البلدين، إلا أننا تناولنا - على هامش اللقاء - مع الجانب السعودي حوارات عامة تطرقت إلى الأزمة الأخيرة."
وقال الشاعر "قيّمنا الأداء الإعلامي لتناول الموضوع وكيف تحكمت شهوة السبق الإعلامي في تفاقم الأزمة".
وطفى على السطح في الفترة الأخيرة ما وُصف بـ"صراع الأقلام" بين كتاب سعوديين ومصريين، عكس شدا وجذبا في العلاقات بين البلدين. فتارة يهاجم الإعلامي السعودي جمال خاشقجي القاهرة متحدثًا على صفحات جريدة الحياة اللندنية قائلًا "إما أن تكونوا معنا وإما ضدنا". وأخرى يقولها الكاتب الصحفي المصري إبراهيم عيسى في برنامجه المُذاع على فضائية "القاهرة والناس"، إن "السعودية لا تطيق موقفا قياديًا ومستقلًا لمصر".
وتابع الشاعر "الكل رايح يسجل، إن محدش يلعب بالنار بين الدولتين... نرغب في رفع منسوب الوعي السياسي في الأداء الإعلامي".
حضر الصالون الأمين العام الأسبق للجامعة العربية عمرو موسى، الإعلامي خيري رمضان، الإعلامي تامر أمين، الإعلامي علاء الكحكي، رجل الأعمال محمد الأمين، الكاتب الصحفي عادل حمودة، النائب البرلماني مصطفى بكري والدكتور مفيد شهاب، وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية السابق.
"قلة خبرة"
وينفي السفير أحمد القويسني، مساعد وزير الخارجية الأسبق، وجود أي خلاف حقيقي بين مصر والسعودية. معللًا ذلك في حديثه لمصراوي، بأن "أي خلاف بين الدول لابد أن يكون على مصالح ما، وجوهري، وهو ما لا يتوفر في هذه الحالة".
ووصف القويسني، الذي ترأس من قبل إدارة شئون مجلس التعاون الخليجي بوزارة الخارجية، تصريح المُعلمي عقب تصويت مصر على مشروعي القرار الروسي والفرنسي، بـ"قليل الخبرة".
وأضاف "موقف مصر من الأزمة السورية ميزعلش السعودية"، ضاربًا المثل بأن الرياض تربطها علاقات مع تركيا، ورغم ذلك فإن مصر لم تُبدي أي انزعاج من ذلك.
وحمّل القويسني، الذي شغل منصب سفير مصر لدى السعودية من قبل، سبب تفاقم التوتر بين البلدين، إلى الإعلام بشكل أساسي. وأكد أن لقاء قطان مع عدد من الساسة والكُتاب المصريين يوثق العلاقات على المستوى النخبوي.
وقال إن "النخبة المصرية لا تعلم الكثير عما يدور في السعودية، وهو ما يُعطي أهمية إضافية لهذا اللقاء".
أما السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية للشؤون الأسيوية السابق، فيقول إن "هذه النوعية من الصالونات لن تُجدي، فدورها ثانوي، فالعلاقات بين البلدين أكبر بكثير من أي توتر قائم، ولكن الخلاف ليس عميق بين مصر والسعودية".
وأضاف هريدي، لمصراوي، أن "مصر تسير في طريقها في القضايا الإقليمية والدولية بما يخدم مصالحها، ونحترم دائمًا خيارات الاخرين، لذا نتوقع أيضًا احترام سياستنا الخارجية، فسياستنا في سوريا قائمة على الحفاظ على أمننا القومي، وما يخدم مصلحة الشعب السوري".
الحوار
على الجانب الاخر، يقول الدكتور أنور ماجد عشقي، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية في السعودية، إن التوتر القائم بين البلدين (السعودية ومصر) ليس اختلافًا استراتيجيًا، لكنه فقط اختلاف في وجهات النظر.
وأضاف عشقي، لمصراوي هاتفيًا من جدة، أن حكمة القادة السياسيين في الدولتين ستتغلب على الوضع الراهن، مطالبًا بضرورة تقريب وجهات النظر خلال الفترة المقبلة.
وقال عشقي "هناك دول ومنظمات تُحاول بث الفُرقة بين البلدين، في مقدمتهم إيران".
وتوقّع عشقي انفراجه في التوتر القائم. "لابد من عقد لقاءات على الصعيد الرئاسي بين البلدين، من أجل تجاوز أي خلاف، فالحوار هو السبيل الوحيد لإنهاء ذلك".
فيديو قد يعجبك: