جبران خليل جبران.. الناي لازال يُغني (بروفايل)
كتبت- نسمة فرج:
"أنا حي مثلك، وأنا واقف الآن إلى جانبك؛ فاغمض عينيك والتفت، تراني أمامك" دونت هذه الكلمات على قبر الشاعر والفيلسوف والرسام جبران خليل جبران، الذي تحل اليوم ذكرى ميلاده، عُرف بالشاعر الأكثر مبيعا بعد شكسبير ولاوزي، على الرغم من تأثر جبران بالبيئة الإنجليزية ولكنه كتب ورسم و"فلسف" الأمور بروح شرقية أصيلة.
جبران الذي ولد ببلدة بشرى شمال لبنان لعائلة مارونية من أحفاد يوسف جبران الماروني البشعلاني. كان والده راعي غنم سكير وفظ وعائلته فقيرة، لذلك لم يستطع الذهاب للمدرسة، بدلاً من ذلك كان كاهن القرية، يأتي لمنزل جبران ويعلمه الإنجيل والعربية والسريانية مما فتح أمامه مجال المطالعة والتعرف إلى التاريخ والعلوم والآداب، هاجر جبران إلى أمريكـا بسبب ضيق أحوال الأسرة في لبنان وسجن أبيه.
بدأ يحظى بالشهرة في أوساط بوسطن الأدبية والفنية، بسبب تميزه في الفنون التي تعلمها على يد كاهن القرية، ولكن العائلة قررت أن الشهرة المبكرة ستعود عليه بالضرر، وأنه لا بد أن يعود إلى لبنان لمتابعة دراسته وخصوصا من أجل إتقان اللغة العربية.
وبالفعل عاد جبران إلى بلدته ليتعلم اللغة العربية التي كان قد نسيها في الغربة ودخل مدرسة الحكمة، وفي يوم من الأيام نظمت مدرسته مسابقة شعرية وفاز بالمركز الأول عن قصيدة "الموت" والتي غنتها السيدة فيروز والمعروفة بـ "بأعطني الناي وغني" وتعتبر جارة القمر هي أكثر من غنت له حيث قدمت مقاطع كاملة من كتاب النبي بالإضافة لقصيدة الأرض والتي مطلعها سفينتي بانتظاري، وأخيرا غنت له قصيدة يا بني أمي.
بعد إكمال دراسته عاد إلى أمريكا وخاصة بوسطن ليتفاجأ بموت أخته بمرض السل ثم أخيه بنفس المرض، واكتملت أحزانه بموت أمه التي كانت تعتبر سنده في هذه الحياة بمرض السرطان.
تركت أمه بصمات عميقة في شخصيته، وعن أمها قال في كتابه "الأجنحة المتكسرة": "إن أعذب ما تحدثه الشفاه البشرية هو لفظة الأم، وأجمل مناداة هي يا أمي. كلمة صغيرة كبيرة مملوءة بالأمل والحب والانعطاف وكل ما في القلب البشري من الرقة والحلاوة والعذوبة. الأم هي كل شيء في هذه الحياة، هي التعزية في الحزن، والرجاء في اليأس، والقوة في الضعف، هي ينبوع الحنو والرأفة والشفقة والغفران، فالذي يفقد أمه يفقد صدرا يسند إليه رأسه ويدا تباركه وعينا تحرسه".
بعد أن تجاوز المحنة كانت الكاتبة جوزفين بجانبه فقد قامت بتقديمه إلى مجتمع بوسطن وكان يحبها ولكن علاقته بها لم تنجح. إلا أنها ألهمته بكتاب النبي الذي اشتهر في جميع دول العالم.
وآخر حب في حياته كان الشاعرة مي زيادة وقد بقى يراسلها دون أن يرى أحدهما الآخر، حتى بعثت له صورتها ورسمها في إحدى لوحاته، ولكنه لم يفكر بالارتباط بها لأن كل واحد منهما يعيش في عالم مختلف، وقد ندمت لتسرعها في مصارحته بمشاعرها حتى أنها انقطعت عنه لفترة.
مرض جبران ووافته المنية عام 1931 في امريكا، ونقل جثمانه الى قريته في بشري واشترت أخته الدير الذي دفن فيه وأقامت له متحفا يضم مقتنياته ولوحاته.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: