إعلان

''الدستورية العليا''...من هدوء القضاء لـ ''أضواء'' السياسة

12:01 م الأحد 08 يونيو 2014

''الدستورية العليا''...من هدوء القضاء لـ ''أضواء''

كتبت-إشرق أحمد:

لم تكن ''ياسمين محمد'' تعلم شيئًا عن المحكمة الدستورية العليا قبل ثورة 25 يناير، ما كان لديها خلفية ''بتعمل إيه'' غير أنه مكان أقسم به محمد مرسي قبل إعلانه رسمياً رئيسًا للبلاد، كتاب مر به ذكر المكان، ترك عند الفتاة العشرينية تخيل لهيئته ''أعمدة أشبه بالفرعونية''، وانطباع نُقل إليها ''من الحاجات اللي لا شكل ولا طعم ولا لون لها''، لذلك سرعان ما عرفت هوية البناء الواقع على يمينها وقت مرور ''الميكروباص'' على كورنيش النيل في ذكرى الثورة الثانية 2013 أثناء عودتها من زيارة صديقتها بمنطقة حلوان، تلك أول مرة تبصر فيها ''المحكمة''.

ظلت جاهلة بما يفعله ذاك المبنى، فقط الجدال الواقع بأن يتولى رئيسها شؤون البلاد إذا ما تغيب رئيس الجمهورية أو عُزل؛ ومن ثم اقتران الاسم بالرئيس المؤقت عدلي منصور؛ تحول شهده المبنى المطل على كورنيش النيل، منتقلاً من العزلة إلى ضوء ''السياسة''.

محيط هادئ، طبيعة المنطقة الواقع بها المحكمة تشبهها، على خلاف غيرها من مؤسسات الدولة، لا تأتي الحراسة عليها مشددة، تمرق السيارات سريعًا أمام ''الدستورية'' ذات الطراز الحديث المتطبع بنمط فرعوني، لا ينقطع الطريق لمرور رئيس المحكمة أو أحد أعضائها، في صمت يدخلون ويخرجون من الأبواب المطلة على كورنيش نيل المعادي، كذلك ظل الحال منذ افتتاح المقر الحالي للمحكمة عام 2001.

هيئة مستقلة بذاتها هي ''الدستورية العليا''، أعلى سلطة قضائية توصيفها، قرارات رفيعة تتخذها، الفصل في تطابق القوانين مع الدستور مهمتها، لذلك لم تتعد القضايا التي فصلت فيها حتى عام 2008 ما يقرب من 5 آلاف قضية، 4 أدوار ظلت منغلقة على ما بها، تؤدي دورها بعيدًا عن الأحداث، اتهمها البعض في عهد ''حسني مبارك'' بأنها تابع للنظام، نظرًا لتعيين رئيس الجمهورية أعضائها بما فيهم رئيس المحكمة، لكنها ظلت حتى ثورة الخامس والعشرين في معزل عن أضواء الأحداث.

30 يونيو 2012، تحولت الأنظار إلى منطقة المعادي، ''المحكمة الدستورية'' في انتظار أول رئيس منتخب لأداء اليمين الدستورية أمام هيئة المحكمة، لم تلبث أن دخل المكان في قلب الأحداث السياسية في 14 يونيو 2012، حينما قضت بعدم دستورية قانون ''تنظيم مبشرة الحقوق السياسية، وكذلك بعض مواد مجلس الشعب المنعقد، ليأتي الحكم ببطلان قانون انتخاب مجلس الشعب ومن ثم حله كضربة للنظام البرلماني وقتها أعاد للأذهان قرار الدستورية عام 1990 حينما أصدرت حكمً بمحل مجلس الشعب ذي أغلبية ''الحزب الوطني''، لينقلب الحال من هدوء وصمت إلى مقصد للاحتجاج؛ اعتصام ديسمبر 2012، للمرة الأولى يفترش محتجون محيط المحكمة خشية اصدارها قرار بحل الجمعية التأسيسية للدستور ومجلس الشوري.

''يا محكمة دستورية أنت مش جهة سياسية'' لافتات وهتافات سادت أرجاء المكان منددة بقرارات المحكمة من قبل أنصار جماعة الإخوان المسلمين و''حازم صلاح أبو اسماعيل''، وصل الأمر لرفع دعوى قضائية تلزم رئيس الجمهورية ووزيري الدفاع والداخلية لفض الاعتصام باعتباره يهدد تأمين القضاة لمواصلة عملهم، ما يقرب من 24 يوم استمر الاعتصام حتى غادر المحتجون فور إجراء الاستفتاء على الدستور وإعلان تأييده.

ما بين أحداث متفرقة تقع في محيط الدستورية، وأخرى تشهدها البلاد بشكل عام، ظل ''مبارك'' طريح فراشه بمستشفى ''القوات المسلحة'' التي لا يفصلها عن المحكمة سوى أمتار، تتهيأ المحكمة لاستقبال شخص جديد، بينما يكتفى بالتلويح من نافذة المستشفى لأنصاره المتوافدين بين الحين والآخر، يتغير الـ''جيران'' ممن يتولون رئاسة البلاد، بينما أمره لم يشهد سوى حكم بثلاثة سنوات سجن في قضية ''قصور الرئاسة''.

انتقلت الأحداث لأماكن عدة، لتعود الدفة إلى ''الدستورية'' مرة أخرى بعد 30 يونيو الماضي، بيمين يؤديه رئيسها ''عدلي منصور'' كرئيس مؤقت للبلاد بعد عزل ''مرسي''، منذ ذلك الوقت بات وقع اسم ''المحكمة الدستورية العليا'' اعتياديًا على سمع ''ياسمين''، مع استقبال المبنى بحراسة مشددة وتأمين حذر للمرة الثالثة خلال أعوام ثلاث لرئيس جديد، يدلي القسم بالمكان ذاته.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان