إعلان

أستاذ الديانة اليهودية بالأزهر يرد على المدوّن الاسرائيلي المُدّعي عدم عبور موسى البحر

07:26 م الثلاثاء 25 مارس 2014

أستاذ الديانة اليهودية بالأزهر يرد على المدوّن الا

كتب – محمد الحكيم:

فنّد الدكتور سامي الإمام، أستاذ الديانة اليهودية بكلية اللغات والترجمة جامعة الأزهـر، ما نشرته صحيفة ''هآرتز'' الاسرائيلية، من مقال للكاتب اليهودي ''جوش مينتز''، قد كتبه في مدونته الشخصية يوم 26 مارس 2012 يشكك خلاله بعبور النبي موسى عليه السلام وبنو اسرائيل البحر ومعجزة الشّق، أو أن أحد الفراعنة استعبدوا بني اسرائيل مستنداً على على العديد من الفرضيات المادية.

وقال أستاذ الديانة اليهودية بجامعة الأزهر في بيان مكتوب خاص بـ ''مصراوي'' بعنوان ''مسار رحلة بني إسرائيل من مصر إلى كنعان (فلسطين)''، وجاء نصه كالتالي :'' إن موسى قاد بني إسرائيل في رحلة الخروج من مصر, التي يُرجح أنها كانت في القرن الرابع عشر قبل الميلاد, فتوجه إلى جبل سيناء, وهناك تسلّم التوراة من الله, في صورة لوحين حجريين منقوش فيهما الشريعة, وفي أثناء مكوثه في الجبل وقع بنو إسرائيل في خطيئة عبادة العجل الذهبي. كسّر موسى عليه السلام لوحي الشريعة حين رأى قومه يعبدون العجل.

وبعد معاقبة الرب لهم صعد موسى ثانيًا الجبل بغرض مناجاة ربه واستغفاره لقومه، ثم رجع من الجبل بعد أربعين يومًا وقد تلقى من الله أمرًا بعمل لوحين حجريين جديدين وأن يصعد الجبل للمرة الثالثة ليكتب الله له التوراة في اللوحين الجديدين؛ وهناك نصّ توراتي يقول : إن الله نقش الشريعة في هذين اللوحين بأصبعه!''.

ولما رجع بعد أربعين يومًا أخرى جمع إليه بني إسرائيل وألقى عليهم الشريعة وقرأ عليهم الوصايا العشر, جُلّ ما في الشريعة, وأمرهم بعمل المسكن؛ وهو عبارة عن خيمة متنقلة, كانت تُحمل معهم أينما رحلوا وتُنصب أينما حلّوا, وكانت هى المكان الذي يتلقى فيه موسى الوحي السماوي ومن هنا سُميت ''خيمة الاجتماع'' والمقصود اجتماع الرب مع موسى, كما كانت بمثابة مركز تتجمع حوله خيام الأسباط الاثني عشرة. كما ضمّت الخيمة ''تابوت العهد'' وهو تابوت خشبي أمر الله موسى بصنعه لتوضع فيه أشياء مقدّسة أهمها : لوحا الشريعة, وعصا هارون, وقنينة كان بها بعض المنّ للتذكار.

وصُنع التابوت على هيئة خاصة بوحي من الله لموسى عليه السلام, بالضبط كما فعل مع نوح عليه السلام حين أمره بصنع الفلك (وَاصْنَعْ الْفُلْك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْينَا) سورة هود / الآية 37, وكان مغشى بالذهب الخالص, وتحوطة قداسة شديدة, وفوقه غطاء عليه تمثالا ملكين, كما كان دليلهم في رحلة التيه فجعل الله فوقه سحابة بالنهار, وعمود من النار ليلا, تسير جماعة بني إسرائيل إذا سارت السحابة أو عمود النار, وتحلّ حينما تتوقف, كل ذلك بمعجزة إلهية لا دخل لهم فيها. وفي هذا التابوت تشير آية سورة البقرة :

“وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ; (آية 248).

نعرف من ذلك أن مفهوم التيه يختلف عن فهمنا لمعنى التيه طالما كان هناك سيطرة إلهية على مسار الحل والترحال. استمرت رحلة التيه في الصحراء أربعين سنة, تنقلوا خلالها من مكان إلى مكان آخر وقد حصرت التوراة هذه الأماكن على النحو التالي:

رعمسيس (مكان الانطلاق بمصر), سوكوت, إثام, فم الحيروث, مجدول, مارا, إيلام, بحر سوف, صحراء سين, دوفكا, ألوش, رفيديم, صحراء سيناء, قبور الشهوة, حتصروت, رتما, ريمون برتص, لفانا, ريسا, قهلتا, جبل شفار, حردا, مقهلت, تحث, ترح, متقا, حشمونا, موسروت, بني يعقان, حور, هجدجاد, يطفتا, عفرونا, عصيون جابر(عندخليج العقبة) , قادش, تصلمونا, فونون, أ?وت, عاي, ديبون جاد, علمون, تيما, جبل هعفريم, صحراء موآب.

هذه الأماكن والمواضع تبدأ برعمسيس بشرق مصر, وتنتهي بـ صحراء موآب, عند الضفة الشرقية من نهر الأردن مقابل أريحا, وفي هذه الصحراء مات هارون وموسى عليهما السلام وتركا فتح كنعان لخليفة موسى ''يوشع بن نون''.

جدير بالذكر هنا أن التوراة تذكر مدينتي ''فيثوم'', و''رعمسِس'' بمصر كمدينتين أمر فرعون بتسخير اليهود واستعبادهم في بناء مخازن ملكيّة فيهما’ وكانوا مسستعبدين بقسوّة, تذكر بعض المصادر أن سبب الاستعباد هو طبيعتهم التآمرية, وازدياد أعدادهم, ما جعله يفكر في الحدّ من هذه الزيادة بأية طريقة, خشية من يشكيلهم فريقًا مناوئًا له, ومواليًا لغيره في ظرف ما.

يتضح من ذلك أن رحلة بني إسرائيل مرّت بصحراء سيناء الجنوبية, بعد انشقاق البحر وعبورهم في منطقة يرجح أنها بالقرب من مدينة السويس وقبالة ''عيون موسى'' التي تفجرت بالمياه حين بلغ بهم العطش مبلغًا شديدًا, ومنها إلى عصيون جابر على خليج العقبة الحالي ومن هناك اتجهوا شمالا إلى حيث ''صحراء موآب''.

وهذا المسار هو المرجح لدى معظم الباحثين. وكان هو الطريق الوحيد المتاح لهم للوصول إلى كنعان, أما ما يؤكد ضعف إن لم يكن استحالة رواية اتخاذهم طريق شمال سيناء مرورًا بغزّة فهو أن هذا الطريق كان مؤمنًا بالتحصينات العسكرية الفرعونية لأنه طريق التجارة والاقتصاد, وكانت مصر آنذاك القوة الأعظم في العالم القديم, وكان هذا الطريق يسمى بطريق ''حورس''.

يرى بعض المؤرخين أن بني إسرائيل لم يخرجوا من مصر عبر سيناء, كما يَفترض كثيرون, ولكن خرجوا عبر قارة إفريقيا!. ويرى أنهم توجهوا نحو تشاد والنيجر الحاليتين, ومن هناك إلى غرب السودان فشرقِهِ, حيث إثيوبيا ومنها بمحازاة الساحل الغربي للبحر الأحمر شمالا إلى السويس ومن هناك عبروا البحر إلى آسيا واتجهوا شمالا إلى كنعان. ويعتمد هذا الرأي على وجود قبائل إفريقية لا تزال تحتفظ بوصايا توراتية!, فضلا عن وجود قبائل اثيوبية (الفلاشا) لا تزال تدين باليهودية منذ ذلك الحين, بالإضافة إلى أماكن عدة تحمل أسماء عبرية.

وهذا رأي غريب وشاذ حيث لا حاجة إلى اتجاههم جنوبًا وعبورهم حدود دول عدة للوصول إلى البحر حيث العبور المشهور. كما أن الاستدلال بقبائل تتعبد بوصايا توراتية, أو وجود أسماء بعض القرى والمدن التي تحمل سمات يهودية لغوية أو دينية فلا يرتقي إلى دليل دامغ حيث من المعروف أن هناك تواجدًا يهوديا في المنطقة بتأثير هجرات يهودية من اليمن إلى الجهة المقابلة من إفريقيا باجتياز مضيق باب المندب, في القرن السادس قبل الميلاد, تأثرًا بالسبي البابلي والشتات الأول لليهود.

والغريب في هذا المسار الأخير, المفترض, أنه يتفق مع افتراض الدكتور/كمال الصليبي, الأستاذ بجامعة بيروت, من أن أحداث خروج بني إسرائيل مرت بمنطقة جنوب غربي الجزيرة العربية, ويستدل في ذلك على أدلة اكتشفها في مجالي اللغة والآثار, مقارنة بالمألوف والسائد من الجغرافيا التاريخية للتوراة. كل ذلك في مؤلفه المعنون بـ ''التوراة جاءت من جزيرة العرب''. ويفترض الدكتور ''الصليبي'' أن كل أحداث اضطهاض بني إسرائيل, ومطاردتهم, بما فيها معجزة انشقاق البحر لم تحدث في مصر بل في جنوب غربي الجزيرة العربية! وهو ما يتفق مع ادعاءات أخرى عدة تتحد في انكارها لقصة الوجود الإسرائيلي برمته في مصر!! استنادًا إلى عجز علم الآثار عن العثور على أية بقايا أوآثار تشير إلى وجود محتمل لهؤلاء القوم في مصر.

جدير بالذكر أن كل هذه الافتراضات والاجتهادات لا تتنافى مع ما ورد بالقرآن الكريم من كلام الله تعالى ولقاءه بعبده موسى على جبل حوريب بسيناء لأن رحلة الخروج والتيه تمت بعد هذه الأحداث كلها. وخاصة أن الآثار المصرية القديمة لم تسجل أي شيء عن تاريخ العبريين بمصر, أو عن تقاليدهم وعاداتهم الاجتماعية على الرغم من بقائهم أكثر من اربعمائة سنة. بالإضافة إلى حرص الفراعنة على تسجيل كل أحداث التاريخ !!

ويمكننا اعتمادًا على الأثر الوحيد الذي يتناول الاسم ''إسرائيل''؛ وهو ليس علمًا على شخص بل على جماعة بني إسرائيل كلها, والذي ورد ذكره في مسلّة من عهد الفرعون ''مرين- بتاح'', ابن رمسيس الثاني, أنه محا كل أثر يذكر لبني إسرائيل!!

فهذه العبارة كفيلة بحلّ لغز خلو الآثار المصرية القديمة من ذكرهم أو من أي أثر لهم. وهو ما يطابق نتائج الاحتمال الآخر وهو أن أحداث قصة موسى وبني إسرائيل كانت في أقليم صغير بمصر للدرجة التي لم يُعِرها المصريون أي اهتمام ولذا لم تُسجل في الآثار المعتبرة .

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك: