فاطمة ناعوت تعتذر عن تصريحات ''مذبحة العيد''
كتبت-عبير القاضي:
قدمت الكاتبة الصحفية فاطمة ناعوت، الاعتذار للشعب المصري، بشأن تصريحاتها الاخيرة، عن أضحية عيد الاضحي، والتي أثارت جدلا واسعاً ووغضب مستخدموا مواقع التواصل الاجتماعي، قائلة '' لم أكن أقصد، وأحترم العقائد السماوية''، على حد قولها.
وقالت ناعوت عبر حسابها الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي''فيسوك''أمس الاحد، ''يبدو أنني، من دون قصد، قد تسببتْ كلماتٌ ثلاثٌ ذكرتُها (في سياق أدبي) في جرح مشاعر بعض الناس (وأعتذر لهم) حين أخذوها على غير ما أقصد وعلى غير ما تحمل تلك الكلمات من معنى، فقط لو أنصفَ قارئوها وعدلوا وصفّوا عقولَهم ونقّوا قلوبهم وأجادوا فنَّ قراءة المقال الأدبي، لا المقال الصحفي''.
وأضافت قائله:''لهذا أقدّم هنا شرحًا دقيقًا لتلك الكلمات الثلاث: (مذبحة- رجل صالح- كابوس)، لأوضح لماذا كتبتُها وكيف أساء المتصيدون فهمها، وصدقهم البعضُ إما: عن سوء نية وعداء مسبق لشخصي (فهذا موسم لكل من يريد الظهور)، وإما: بسبب عدم وضوح كلماتي ربما، لأنني أكتب بصيغة أدبية مجازية، شأني شأن الشاعر حين يكتب مقالا.
للأخيرين (فقط) أقدّم هذا البيان لأوضح ما خفى من قولي، وإن كنتُ أعلم أن الكلامَ على الكلام صعبٌ، مثلما صبّ الماء على الماء غير مُجدٍ، لكن ما حيلتُنا مع أناس يتصيدون ويفبركون ليداووا أمراضَ أرواحهم''.
وتابعت موضحه:'' أن ضعيفُ الإيمان فقط، هو المشغول بتتبع إيمان الآخرين والتشكيك فيه، لكي يملأ صدوعَ روحه وشروخها، بأحجار بنيان الآخرين المتين. أما قويّ الإيمان فهو دائمُ القلق على إيمانه؛ مشغولٌ طوال الوقت بتكريس علاقته بالله، فلا يجد فُسحةً من عقله ولا وقته لتتبع إيمان الآخرين. ولأنه ذو ''نفس لوّامة''، فهو يعلم أنه غيرُ أهلٍ لحساب الناس، فلا يزاحمُ الَله في محاسبة عباده معه، وقبل يوم الحساب''.
وأكدت أنها تعتز بالقرآن الكريم،'' قرأتُ القرآنَ الكريم عشرات المرات قراءة متعمّقة، وأحفظُ أجزاءً ثلاثة منه منذ طفولتي، مثلما أعتزُّ بأنني قرأتُ التوراة والأناجيل الأربعة في وقت مبكّر من حياتي، ولم أكتف بدراسة الرسائل السماوية وحسب، بل قرأت كل الفلسفات الوضعية كالبوذية والزرادشتية والطاوية وغيرها من اجتهادات بشرية تصبو لمعرفة هذا الخالق العظيم الذي نعبده جميعًا ونتطلع إلى عليائه، وإن عبر مساراتٍ ودروبٍ مختلفة، إنما جميعها في الأخير يُفضي إلى إله واحد لهذا الكون، لا شريك له سبحانه، مثلما تُفضي أنفاقٌ كثيرة إلى نور واحد في نهاية تلك الأنفاق، وبهذا فأنا أتفوق درجةً على سواي ممن ورثوا العقيدة وراثةً دون اختيارها بعد قراءة ما عداها من عقائد، لديّ رفٌّ في مكتبة بيتي يحمل القرآن الكريم إلى جوار تمثال تخيّلي للسيدة العذراء عليها وعلى ابنها السلام، جوار تماثيل للزاهدين: بوذا وزرادشت ودلاي لاما وغيرهم، أسميه: رفَّ: ''الباحثون عن الحقيقة''. فأنا أحترمُ مَن يجتهد للوصول إلى الله، حتى وإن عبر طريق مغاير لطريقي. فأنا أنزع نحو المنزع الصوفيّ الذي يجعل من المحبة لله ولخلق الله جميعًا (بشرًا وحيوانًا وطيرًا ونباتًا) نهجًا ودربًا في الحياة. لهذا تصالحتُ مع كل البشر مهما كانت عقائدهم، مثلما تصالحتُ مع كافة المخلوقات مهما كانت وحشية أو مؤذية. فأُربي في بيتي الأليفَ منها، ولا أشارك في قتل المؤذي منها، بل أترك هذه المهمة لسواي''.
وأشارت إلي أنها''رغم أنني مسلمةٌ وأحفظُ من القرآن، إلا أنني أنتقي من ''الفلسفات''، (ولا أقول ''العقائد'')، الأخرى ما يناسب تركيبتي النفسية. لهذا حاكيتُ البوذيين والزرادشتيين في الامتناع نهائيًّا عن إزهاق أي روح، لأنني لم أخلقها لأُميتها، ولم أمنحها الروحَ لأسلبها منها، لهذا لا أستوعب فكرة هدر الدم والقتل، حتى قتل الحيوان والطير المُباح شرعًا في شريعتنا الإسلامية، وفي جميع الشرائع السماوية الأخرى. امتناعي عن ممارسة الذبح ''الحلال''، لا يعني أنني أستنكرها على غيري، أو أُنكر شريعتها الربوبية. إنما هو عدم مقدرة مني على اتباعها. تمامًا مثل تعدد الزواج المباح شرعًا في الإسلام، قد تجد رجلا يرفض أن يتزوج على امرأته رغم الرخصة الإسلامية بذلك. هذا الرجل ليس كافرًا لأنه لا يستخدم رخصته، إنما لا يستسيغ فعلها، وإسلامه صحيح''.
ولفتت أنها ترفض القتل بشكل عام، مما جعلها ترفض '' عقوبة الإعدام حتى للسفاحين القتلة. لأننا يجب أن نكون أرقى من قاتلينا وإلا شابهناهم. وإنما ناديت كثيرا بمعاقبة القاتل بالسجن مدى الحياة، أولا لأن سلب الحرية أوجع من القتل، وثانيا لأن اللص والقاتل والنصاب وغيره من المجرمين، قد أساؤوا استخدام حريتهم، وبالتالي علينا أن نستلب منهم ما أساؤوا استخدامه، الحرية، وحتى المرشد العام لجماعة الإخوان ''محمد بديع''، وهو خائن حاول تدمير مصر في تقديري، انزعجتُ من حكم الإعدام الصادر في حقه وأعلنتُ هذا، فهاجمني المصريون كافة وقتها''.
وقالت :''رماني الجهلاء بأنني أهاجم، بل وأهين، أبا الأنبياء خليل الله سيدنا إبراهيم عليه السلام! كيف أهين نبيًّا؟! وهو أبو الرسالات السماوية الثلاث؟ إنما كان البوست منصبًّا على رفض فكرة ''الذبح'' وليس على تكريس نبوته المكرّسة أصلا من قِبل السماء ومن آلاف السنين. وماذا في كلامي يُهين رسولا كريما؟ إنما ألمحتُ أنه هو نفسه لو كان يعلم ما سيُرتكب في حق مليارات الخراف بسبب حلمه الموجع بذبح ابنه، لربما كان رفض تلك المذابح السنوية. هذا رأيي الذي قد يُصيب وقد يخطئ رماني الكذابون بأنني أُنكر شريعة نحر الأضحية في عيد الأضحى! وما حدث هو أنني قلت: “لا تنتظروني معكم على مقاصلكم''. فهل حين لا أقدر على الذبح ولا أطيق مرأى الدم، أخرج من الملّة وأُكفَّر؟! إنما هو فقر إيمانهم يجعلهم ينتقصون من إيمان سواهم. وقلتُ إن النص القرآني لم يحدد فصيل ''الخروف''، بل قال ''ذبح عظيم'' وهو قول مجازي رمزي ليس بالضرورة يعني خروفًا او نعجةً أو جديًا''.
وأختتمت ناعوت قائله :''أود أن أطمئن قرّائي وأحبتي إلى أنني مطمئنةٌ لإيماني بالله وأعرف أنه أدرى بي من نفسي، فلا أخشى شيئًا لأنه عالمٌ بصدقي مع الناس وحبي له ولخلقه وإيماني بأنبيائه ورسله وكتبه''.
وكانت قد عبرت ناعوت عن رأيها بذبح أضحيه عيد الاضحي بأنها''بعد برهة تُساق ملايين الكائنات البريئة لأهول مذبحة يرتكبها الإنسان منذ عشرة قرون ونيّف، ويكررها كل عام وهو يبتسم، مذبحة سنوية تتكرر بسبب كابوس باغت أحد الصالحين بشأن ولده الصالح. وبرغم أن الكابوس قد مرّ بسلام على الرجل الصالح وولده وآله، لكن كائنات لا حول لها ولا قوة تدفع كل عام أرواحها وتُنحر أعناقها وتُهرق دماؤها دون جريرة ولا ذنب ثمنًا لهذا الكابوس القدسي، برغم أن اسمها وفصيلها في شجرة الكائنات لم يُحدد على نحو التخصيص في النص. فعبارة ''ذبح عظيم'' لا تعني بالضرورة خروفًا ولا نعجة ولا جديًا ولا عنزة. لكنها شهوة النحر والسلخ والشي ورائحة الضأن بشحمه ودهنه جعلت الإنسان يُلبس الشهيةَ ثوب القداسة وقدسية النص الذي لم يُقل، اهنأوا بذبائحكم أيها الجسورون الذين لا يزعجكم مرأى الدم، ولا تنتظروني على مقاصلكم. انعموا بشوائكم وثريدكم وسأكتفي أنا بصحن من سلاطة قيصر بقطع الخبز المقدد بزيت زيتون وأدس حفنة من المال لمن يود أن يُطعم أطفاله لحم الضأن الشهي. وكل مذبحة وأنتم طيبون وسكاكينكم مصقولة وحادّة.”
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: