منشق عن الإخوان يكشف عن تنظيم عسكري سري للجماعة ''حوار)
حوار- عبد الماجد محمد:
''شدتني تلك الروح من المحبة الصوفية بين الإخوان، والطهارة في اليد واللسان، والرغبة في خدمة الدين والأوطان، وأشهد أن الجماعة مستودع ضخم لخبرات مدهشة من كل نوع عشت مع تلك الجماعة وشاركت في مشاهد عدة بعضها مصنوع في معامل النظام السابق، وبعضها كان حلقة من حلقات النضال الوطني الحقيقي من أجل الدين والوطن لم أشعر إلا متأخرًا بأن الحركة التي وهبت لها عقدين من حياتي كانت تمضي في المسار الخطأ طوال الوقت''.
هذه بعض كلمات من الاستقالة المسببة لـ''أحمد بان''، الباحث السياسي وأحد المنشقين عن جماعة الإخوان المسلمين، و قد كانت هذه الاستقالة منذ العام 2011، عندما كانت الجماعة في أوج شعبيتها .. وهذا نص الحوار:
ما مراحل علاقتك بالجماعة؟
علاقتي بالجماعة مرت بمرحلتين: مرحلة الانبهار، واستمرت لما يقارب 10 سنوات ومرحلة من الشك والتفكير العميق، تستطيع أن تقول ''مرحلة السكرة'' و ''مرحلة الفكرة''.
مرحلة السكرة، عبرت عن حالة الانبهار بشخصيات إخوانية مؤثرة و حالة المحبة والرقي الروحاني والانتظام الروحي، أما مرحلة الفكرة أو الجدل أو النقاش، بدأت في ىخر 10 سنوات لي بالجماعة وبدأت حينها الدخول في الهيكل الإداري للجماعة والاحتكاك بالإدارة وهنا تجد غياب المؤسسية و إلى أي حد لا توجد أهداف واضحة.
في النهاية وجدت نفسي أمام خطط إشغال تستفرغ طاقات الآلاف من الشباب دون أي إنجاز حقيقي ولا يوجد تناقض واضح بين الإخوان ومبارك و لا يوجد محاولة حقيقية لكسره.
هل إختلافك مع الجماعة كان فكريًا أم تنظيميًا؟
الخلاف بدأ تنظيميًا و انتهى فكريًا.
هل تعرضت لضغوط بعد الانشقاق؟
كل هذه الردود التي تستهدف تسفيه من خرجوا من الجماعة، تسعى إلى تحقيق اغتيال نفسي للشخصيات التي تخرج بالحديث عن اتهام النوايا التي هي محل نظر الحق تبارك وتعالى وأنا شخصيًا لم أخرج من الجماعة بإرادة الجماعة بل رغمًا عنهًا، استقلت وأنا عضو مؤسس في حزب الحرية والعدالة، ومسئول شعبة وعضو اللجنة السياسية في الجماعة وبالتالي كنت أحظى بثقة الجماعة.
هل القرار جاء مفاجئ أم تصورت الجماعة ذلك؟
بالنسبة لهم كانت مفاجئة، أما بالنسبة لي فلم تكن مفاجئة لأنني كنت على مدار 10 سنوات أعاني داخل التنظيم من تساؤلات ليس لها إجابة، ناهيك عن موقفهم من الثورة بالجلوس مع عمر سليمان والتفاوض والصفقة التي عقدوها مع المجلس العسكري التي باعوا من أجلها الثورة، وأنا أعتقد أن الإخوان مسئولين عن كل ما وصلت له الثورة المصرية.
هل الجماعة انتهت؟
من الصعب القول بأن الجماعة انتهت تمامًا لكنها تواجه فشل سياسي لم تره من قبل وفشل أخلاقي أيضًا، اعتقد أن الجماعة بين 3 سيناريوهات: الأول، أن يعيدوا فهم الأحداث على نحو جديد فيخرجوا بمراجعات تؤدي إلى اعترافهم بالخطأ ويعودوا إلى الاندماج في الخريطة السياسية المصرية.
والثاني، أن يظلوا في هذا المسار العبثي، مسار منازعة الشرعية، أما الثالث، أن يتجهوا للعنف بشكل كامل ويلتحموا مع الجماعات الجهادية، لكن في كل الأحوال لن يعودوا إلى ما كانوا عليه.
هل تؤيد المصالحة مع الإخوان وما هي سبل المصالحة؟
اعتقد أننا في مصر لسنا في حاجة إلى أن نعيد نفس تجارب الدول التي كان بها صراعات داخلية، وأن تجاربهم تقول ''إذا نشأ صراع داخلي وتكبدت البلاد بسببه الخسائر في الأرواح والأموال في النهاية جلسوا وتفاوضوا ''نحن لسنا في حاجة إلى خسارة الآلاف من البشر لنتفاوض ونصنع صيغة للتعايش والاندماج لذلك اعتقد أننا لابد أن ننخرط في مصالحة وطنية مع الفصل في الجرائم الجنائية والجرائم السياسية، نحن لم نحاسب نظام مبارك على جرائمه السياسية لذلك من الصعب محاسبة الإخوان على جرائمهم السياسية وإذا كنا بصدد محاسبة على الجرائم الجنائية فهذا شأن القانون، ولابد من فتح مسار للتفاوض والحديث عن مصالحة حقيقية والكف عن ''شيطنة'' الجماعة من جانب وعلى الجماعة أن تكف عن التحريض ضد الجيش والشرطة.
ألا ترى أن وسائل الإعلام تتعامل بأسلوب ''شيطنة الجماعة''؟
الدولة المصرية اعتادت على التعامل مع جماعة الإخوان والحركات المشابهة بسلاحين الإعلام والأمن، الإعلام، يشيطن، والأمن يضرب.. الدولة اعتادت على ذلك ولم تعرف أساليب أخرى للتعامل وحل الأزمات وهذا خطأ فادح ارتكبته الدولة في التعامل مع جماعة الإخوان.
و بالنسبة لفض إعتصامي رابعة و النهضة؟
كنت ضد فض الاعتصام وصرحت يومها على الهواء مباشرة أن أفضل سيناريو لجماعة الإخوان هو فض الاعتصام بالقوة حتى تبني مظلومية تاريخية جديدة تستفيد منها وصرحت أن أسوء سيناريو للدولة المصرية هو فض الاعتصام بالقوة.
هل الجماعة مع الوقت تحولت لاثنتان؟
بالفعل جماعة الإخوان هي جماعتان وليس جماعة واحدة، الجماعة الأولى كانت في إطار وتنظيم مدني بدأه حسن البنا في عام 1928 واستمر على ذلك حتى العام 1938، و مع المؤتمر الخامس للجماعة بدأ يتضح الاتجاه إلى المنحى السياسي وبعد ذلك نشأ التنظيم الخاص، ثم ''عسكرة الجماعة''، وظلت الجماعة على هاتين الصيغتين، صيغة التنظيم العسكري الذي يسيطر على الجماعة والصيغة المدنية المفتوحة التي تتحدث عن جماعة إحياء إسلامي، فطوال الوقت نحن أمام تنظيم سري، أعضاءه موجودين من قمة الهرم التنظيمي وحتى الأسرة و الشعبة، وإطار آخر مدني فضفاض واسع يمثل بعض الوجوه الإصلاحية، و في النهاية تأتي الأمور إلى المجموعة التي ورثت هذا التنظيم السري هى جماعة القطبيين التي سيطرت على الجماعة في العقود الثلاث الماضية وهم الذين ساهموا في إدخال الجماعة إلى دائرة العنف.
ماذا يعني مصطلح ''أستاذية العالم'' وما سبب اعتراضك عليه؟
الحقيقة أنني في بداية إنبهاري بالفكرة تصورت أن استاذية العالم ''أمر لا غبار عليه'' أي انني كنت اتفق معها اتفاق كاملا، وإنه حلم مشروع للأمة الإسلامية و مع التجربة والتفكير اكتشفت أن علاقة هذه الأمة بغيرها هى علاقة الشهود الحضاري بين الأمم، التي تحدثت عنها الاية الكريمة ''وَكذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا''.
فالآية تتحدث عن مقام الشهادة بقدر تقمس هذا الدين وتقمس آدابه وسلوكياته بالشكل الذي يدفع الآخرين لاعتبارك قدوة وليس وصي عليهم، اعتقد أن علاقة البشر باختلاف مشاربهم الفكرية هى علاقة ''أخذ وعطاء و''تأثير وتأثر''، وليست علاقة ''أستاذ لتلميذ''، لأن كلنا تحت مظلة الحضارة الإنسانية نعلم ونتعلم.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة… للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: