مبارك ورث نرجسية ناصر والسادات.. وحافظ علي ديكتاتورية الجيش والحزب الواحد
القاهرة ــ محرر مصراوي
أكدت الكاتبة الأمريكية موريال ميراك فايسباخ أن الرئيس السابق حسني مبارك ورث النرجسية من سلفيه جمال عبدالناصر وأنور االسادات، كما حافظ علي ديكتاتورية الشخصانية والجيش والحزب الواحد.
وقالت الكاتبة، في تحليل لها لواقع شخصية مبارك، إن الأخير يخالف العقيد اللليبي معمر القذافي حيث لم ينشيء بنفسه دولة ديكتاتورية بل ورث شكل الدولة الذي أنشأه عبدالناصر ومعها مؤسساتها الرائدة باتفاق المؤرخين، حيث استمرت بنية المؤسسات الأساسية رغم خضوعها لبعض التعديلات في ظل السادات، فتولاها نائبه مبارك إلي جانبه إرثه السياسي بعد موته اغتيالاً في 1981 .
وأضافت أن عبدالناصر والسادات ورثا ما أسمته بـ (عبادة الشخصية) من حولهما بوصفهما قائدين أعليين، وبدا الأمر كما لو أن مبارك بانتقاله إلي موقع الرئاسة، أصبح زعيماً نرجسياً، إلا أنه توجب برأي المحللين النفسيين، أن يمتلك التركيبة الشخصية ليتمكن من تقمص ذلك الدور.
وتابعت: للظاهرة تاريخ طويل بالثقافة المصرية تعود إلي الأزمنة القديمة حين رمزت شخصية الفرعون لسلطة الدولة، فالسادات قال لمحمد هيكل: أنا وجمال عبدالناصر آخر الفراعنة العظام في تاريخ مصر، وأكثر من ذلك فقد كررها ذات يوم للرئيس جيمي كارتر وإن كان قد طور النظرية ليقول: إن الناس ينظرون إلىّ علي أنني خليفة عبدالناصر، وذلك ليس صحيحاً، فأنا لا أحكم مصر طبقاً لأسلوبه، ولكن أحكمها طبقاً لأسلوب رمسيس الثاني، وقد أعطي المصريون منذ زمن طويل اللقب نفسه لمبارك، وقد وفر كتاب حديث عنوانه آخر الفراعنة: مبارك والمستقبل غير المؤكد لمصر بالشرق الأوسط المتقلب مادة مفيدة تؤكد هذا الزعم، ويلاحظ المؤلف علاء الدين الأعسر أن زعماء القرن العشرين المصريين الثلاثة من المعجبين بنوع خاص بالفرعون رمسيس الثاني، ولسبب وجيه: فبحسب الأسطورة عاش رمسيس الثاني حتي عمر التاسعة والتسعين، وحكم مصر لستة وستين عاماً من تلك السنين.
كما أمر رمسيس بتشييد عدد هائل من المباني الضخمة والتماثيل والمعابد، بما فيها أبوسمبل والرامسيوم، وقد نقل مبارك في 2006 واحدًا من تماثيل رمسيس من إحدي الساحات المركزية للمتحف، مشيرة إلى أن النظام الذي أقامه عبدالناصر للجيش دور الجزء لا يتجزأ من الدولة فتولي ضباطه المناصب الحكومية والدبلوماسية والأجهزة الاستخبارية والأمنية ووسائل الإعلام التي جري تأميمها كما ألغي الأحزاب السياسية القائمة من قبل ورسخ الاتحاد العربي الاشتراكي الذي أعاد السادات تسميته الحزب الوطني الديمقراطي حكم الحزب الواحد.
وأوضحت أن مئات القضاة عندما رفضوا الانضمام إلي الحزب طردهم عبدالناصر في عملية باتت تعرف بمجزرة القضاة، وصنفت ديكتاتورية عبدالناصر التي ورثها مبارك بوصفها التهديد الثلاثي أي أنها ديكتاتورية تجمع بين ثلاثة عناصر من ثلاثة أنواع الشخصانية: حيث تتركز السلطة في شخص واحد والجيش وديكتاتورية الحزب الواحد.
ولفتت إلى أن الجيش حافظ علي دوره الطليعي بالمؤسسات الاجتماعية وفي الاقتصاد إلا أنه لم يمكن الاعتماد عليه في خدمة مصالح النظام أو قائده فوق مصلحة الشعب لأنه لايزال جيشاً من المجندين، وهو ما أثبت علي أنه كعب أخيل مبارك في ثورة 2011 بيد أن قوي الأمن الداخلي وجهاز الأمن وهما الاستخبارات التي يخشي منها عن حق بقيت تحت سيطرته المباشرة وقد استخدمها من دون رحمة ضد الأعداء المزعومين أو الفعليين جميعاً واشتهرت المخابرات المكروهة التي جلت في 15 مارس 2011 بوسائل تعذيبها الوحشية بالمقارنة بتلك التي اعتمدها جهاز أمن الدولة ستازي في ألمانيا الشرقية الشيوعية، وأوقف المواطنون لأتفه الأسباب بموجب قانون الطوارئ وتعرضوا لتحقيقات عنيفة تخللتها عمليات التعذيب.
وأوضحت أن مبارك حافظ مع الحزب الوطني الديمقراطي علي عرف حكم الحزب الواحد الذي أقامه عبدالناصر، وقد سمح من الناحية الرسمية بوجود أحزاب معارضة أخري لكن تم التلاعب بقوانين الانتخاب إلي درجة تمنع أي منها، أو أي ائتلاف بينها، من تحدي احتكار الحزب الوطني الديمقراطي للسلطة، أما بالنسبة إلي الانتخابات الرئاسية فلم تظهر إلي الوجود حتي 2005، إذ كان مبارك يسمي نفسه بوصفه المرشح الوحيد ويدعو الناس إلي انتخابه في استفتاء يجري مرة كل ست سنوات، وفاقت نسبه المئوية دوماً التسعين بالمائة.
ولفتت إلى أن مبارك وطد سلطته الرئاسية علي مؤسسات الحقبة الناصرية ليتبني بعدها تدريجاً البهارج الخارجية التي تليق بحاكم مطلق، تيقن شخصياً من عدم تعرض شخصه أو صورته العامة للتلطيخ من وجهه النظر الصحفية المناوئة فعين بنفسه رؤساء تحرير الصحف اليومية المصرية الرئيسية وأبقي علي السيطرة الحكومية علي الطباعة والتوزيع، ونصت بنود في قانون الجزاء وقانون الصحافة علي عدم جواز الحط من كرامة رئيس الدولة وطبقت تطبيقاً شديداً، وأدين سعد الدين إبراهيم من مركز ابن خلدون لدراسات التنمية بتهمة التشهير وحكم عليه بالسجن سبع سنوات.
وبينت أن مبارك ــ تماشياً مع حاجات النرجسي ــ سعى إلي تمجيد شخصه، وإلي مراكمة المراكز الرسمية والألقاب الخفرية منها والحقيقية، وحاز أكثر من حصته منها فهو رئيس الحزب الوطني الديمقراطي والقائد الأعلي للقوات المسلحة والحاكم العسكري، ورئيس قمة مجموعة الدول الـ 15 ورئيس القمة العربية ورئيس منظمة الوحدة الإفريقية والأمين العام لحركة عدم الانحياز وغيرها، وفاقته زوجته سوزان في تجميع الألقاب وكلها تتعلق بانخراطها الظاهري في البرامج الاجتماعية وللائحة وقعها في النفس: راعية لسلسلة الأطفال التليفزيونية عالم سمسم والرئيسة الفخرية لنوادي الروتاري في مصر ومؤسسة ورئيسة الجمعية المصرية للطفولة والتنمية البشرية والمبادرة ومؤسسة مركز توثيق وبحوث أدب الأطفال، ومؤسسة متحف التاريخ الوطني للأطفال ورئيسة المجلس الاستشاري للمجلس القومي للطفولة والأمومة، ورئيسة اللجنة المصرية القومية للمرأة ورئيسة المؤتمر القومي الأول والثاني للمرأة وصاحبة المبادرة في القانون الموحد للطفل، ورئيسة القس المصري للمجلس الدولي لكتب الشباب، ورئيسة الجمعية المصرية للهلال الأحمر وصاحبة المبادرة في الحملة القومية للنقل الآمن للدم، ونائبة رئيس الكومست ورئيسة المجلس القومي للمرأة.
اقرأ ايضا :
فيديو قد يعجبك: