خلو الدليل وعدم يقين المحكمة.. أبرز حيثيات براءة قضية ''متظاهري دار السلام''
كتب - أحمد أبو النجا ومحمد الصاوي:
أودعت محكمة جنايات القاهرة حيثيات حكمها ببراءة 3 ضباط و4 أمناء شرطة بقسم دار السلام، من تهمة قتل 3 متظاهرين والشروع فى قتل آخرين، أمام القسم في أحداث 28 يناير من العام الماضي والمعروفة إعلاميا بـ ''جمعة الغضب''، والحاصلون على البراءة هم الرائد بهاء الدين على، والنقيبان أحمد صلاح وإسماعيل أحمد موافى، وأمناء الشرطة أحمد حسن وفوزى منصور وزكريا القبيصى وهشام حسانين .
وقالت المحكمة أنه لما كان الجزاء الجنائي، هو أخطر الجزاءات جميعا يصيب الناس في أرواحهم و أشخاصهم و أموالهم و كيانهم الادبي، ومن سما وجب التزام الحرص الشديد والتحقق الكامل و الوصول الى اليقين القضائي الاكيد، وهذا اليقين يستمد اساسه من اصل البراءة الذي هو أصل من اصول المحاكمات الجنائية، و هو يضع عبء الاثبات الجنائي على عاتق سلطة الاتهام، وأن الاحكام الجنائية تبنى على الجزم و اليقين من الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر ولا تؤسس على الظن أو الاحتمال من الفروض او الاعتبارات المجردة .
المحكمة لم تطمئن
وكانت المحكمة بما لها من دور ايجابي في تحقيق الدليل في الدعوى الجنائية، واتخاذ الاجراءات التي توصلها للحقيقة، قد تناولت الدعوى الجنائية الماثلة بجلسات عدة، استعدت فيها شهود الاثبات الرئيسيين وغيرهم، و ناقشتهم في مضمون شهاداتهم، وأتاحت ذلك للخصوم في الدعوى وصولا لليقين المتحد، كما كلفت الفنيين المتخصصين بتفريغ محتويات الاسطوانات المدمجة التي تقدم بها شهود الاثبات و المتهمين، و تحتوي على مشاهد لبعض وقائع الدعوى، و شاهدتها بنفسها.
وقد خصلت المحكمة بعد استعراضها لوقائع القضية، وما أحاط بها من ظروف وملابسات إلى عدم اطمئنانها إلى صحة الاتهام القائم فيها قبل المتهمين ، بعد أن اختلج وجدانها الشك فيه، وآية ذلك أنه و ان كانت اوراق الدعوى قد حملت دلائل مستمدة من اقوال شهود الاثبات، وتحقيقات النيابة العامة، إلا ان هذه الدلائل سرعان ما تبدلت، بعد ان تناولتها المحكمة بالتحقيق والفحص ووقارنت بينها و بين ادلة النفي التي حملتها الاوراق، و ذلك لأسباب حاصلها أولا، أنه بينما شهد بعض شهود الاثبات أنهم شاهدوا ضباط و امناء شرطة من وحدة مباحث قسم شرطة دار السلام، و ضباط و جنود من قوة القسم يؤازرهم بعض الاشقياء و المسجلين، يطلقون أعيرة نارية بكثافة و بصورة عشوائية على المتظاهرين أمام ديوان القسم،
شهادات سماعية
وقال بعضهم إنهم شاهدوا من بين هؤلاء الاشخاص المتهمين الماثلين، إلا أنهم عادوا و شهدوا بجلسات المحاكمة، التي استمعت فيها المحكمة لأقوالهم، أنهم لم يبصروا أي من المتهمين يطلق أعيرة نارية على المتظاهرين، وأنهم لم يعاينوهم بموقع الاحداث أمام ديوان القسم، وأن ما شهدوا به بالتحقيقات كان نقلا عن متظاهرين آخرين لم يسمونهم أو يبلغوا المحكمة اسمائهم .
وأضافت المحكمة ثانيا ان باقي شهود الاثبات ال54 الذين ورد ذكرهم بأدلة الثبوت، هم في جلهم لم يشهدوا وقائع القتل أو الشروع فيه، فكان منهم بعض ذوي المجني عليهم، والبعض الاخر من الأطباء الذين قاموا بتوقيع الكشف الطبي على المجني عليهم، فيما جاءت شهادات المجني عليهم و المصابين قاصرة، عن بلوغ حد الكفاية اللازم للإدانة، إذ قرروا انهم لم يشاهدوا مطلق الاعيرة النارية، التي أحدثت إصابتهم ولا يعلمون شخص مطلقها أو الأسلحة التي استخدموها.
الأسطوانات لم تكشف عن المتهمين
ثالثا لم يكشف استعراض المحكمة، لتقرير خبير المصنفات الفنية عن سمة دليل اثبات أو نفي، وكل ما أظهره عرض تلك الاسطوانات ومشاهدتها بمعرفة المحكمة مظاهرة سلمية في النهار، وعمليات كر و فر ليلا أمام قسم شرطة دار السلام، بين فريقين أحدهما يقف أمام ديوان القسم تحت أضواء الطريق العام، والآخر يقف بالقرب منه في منطقة مظلمة يتبادلون إلقاء أشياء و مواد حارقة، وسط اصوات متداخلة، وإطلاق الاعيرة النارية يتدرج بين الكثافة والفردية، لا يظهر مطلق تلك الاعيرة و من أي اتجاهات اطلقت.
كما لم يظهر من خلاله أيضا أي من المتهمين الماثلين بموقع الاحداث ، كما احتوت المشاهد أثار الاعتداء على القسم من تكسير الخشب والحوائط و آثار حرائق داخل القسم و خارجه، وأشخاص يحملون متاع و منقولات خارجين من ديوان القسم و احتراق احدى سيارات الشرطة .
خلو القضية من الدليل
رابعا و من القواعد المقررة عدم مساءلة الشخص جنائيا عن عمل غيره، ولابد من مساءلته أن يكون قد ساهم بالقيام بالعمل المعاقب عليه فاعلا أو شريكا، و خلت اوراق الدعوى من دليل يقيني، تطمئن له المحكمة على مساهمة أي من المتهمين في جرائم القتل أو الشروع فيه المنسوبة اليه، سواء كفاعل أصلي بظهوره على مسرح الجريمة، و إتيانه عملا من الاعمال المكونة لها مما يدخله في نطاق المادة 39 فقرة 2 من قانون العقوبات، بجعله فاعلا أصليا او كشريك في الجريمة مع الفاعل الاصلي، بإحدى الصور المنصوص عليها على سبيل الحصر بالمادة 40 فقرة 2 من قانون الإجراءات الجنائية و هي التحريض أو الاتفاق او المساعدة .
تقاعس الشرطة عن تقديم التحريات
خامسا خلت أوراق الدعوى من أي اعمال تحرى أو جمع استدلالات بشان الجرائم موضوع المحاكمة، و تقديمهما لسلطة التحقيق، وهي النيابة العامة وهو الامر المنوط بالجهات الامنية المختصة بالدولة والتي كلفها القانون بالبحث والتنقيب و تقديم الأدلة الكافية، وهو ما يعد تقاعسا من رجال الشرطة المختصة لعدم تقديمهم الادلة للنيابة العامة للتحقق منها .
فيديو قد يعجبك: