إعلان

كيف تتأثر مصر بإجراءات تسريع الخطى نحو رفع أسعار الفائدة الأمريكية؟

06:38 م الخميس 16 ديسمبر 2021

البنك المركزي الأمريكي

كتب- مصطفى عيد:

توقع محللون تداعيات سلبية لتسريع البنك المركزي الأمريكي التشديد النقدي والاتجاه نحو رفع أسعار الفائدة خلال العام المقبل، على الاقتصاد المصري واستثمارات الأجانب في أدوات الدين المحلية.

وكان الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي)، اختتم اجتماعه أمس الأربعاء، بقرار تسريع التخلص من برنامج التحفيز النقدي عبر زيادة قيمة التقليص الشهرية في البرنامج إلى 30 مليار دولار بدءا من يناير المقبل، وهو ما يجعل الانتهاء منه أسرع مما كان مخططا له عند منتصف العام المقبل.

كما توقع مسؤولون بالمركزي الأمريكي رفع أسعار الفائدة 3 مرات العام المقبل وبمجموع 8 مرات في السنوات الثلاث المقبلة، حيث يتيح إنهاء برنامج التحفيز إمكانية البدء في رفع الفائدة المتوقع في وقت أبكر مما هو معتقد.

وكأول بنك مركزي يتخذ هذه الخطوة المتوقع تنفيذها على نطاق واسع بين العديد من البنوك المركزية بالدول المتقدمة خلال العام المقبل، رفع بنك إنجلترا أسعار الفائدة اليوم الخميس من 0.1% إلى 0.25%.

وترى منى بدير، كبيرة الاقتصاديين بشركة برايم لتداول الأوراق المالية، أن الخطوات المعلنة من الاحتياطي الفيدرالي تعد نوعا من التأثير على توقعات التضخم بالأسواق كجزء من سياساته من أجل احتواء التضخم الحادث، ولا يعني ذلك أنه سيتم رفع أسعار الفائدة بنفس المعدلات التي يتوقعها المركزي الأمريكي بالضرورة.

وأوضحت أن الإسراع بخفض برنامج التحفيز يعطي مساحة للمركزي الأمريكي لمعرفة تأثير خفض السيولة على معدلات التضخم قبل اللجوء إلى رفع أسعار الفائدة.

وأشارت إلى أن معظم البنوك المركزية حول العالم في عام 2022 ستسير على خط رفيع بين الحفاظ على مستوى دعم معين للاقتصاد مع استمرار مخاطر الجائحة وتأثيراتها، والعمل على احتواء معدلات التضخم.

ما التأثير على مصر؟

قالت إسراء أحمد، المحللة بشركة الأهلي فاروس لتداول الأوراق المالية، لمصراوي، إن تسريع التشديد النقدي في الأسواق المتقدمة، ومن بينها الولايات المتحدة، له تأثير غير مواتٍ للسيولة الخارجية في مصر.

وأضافت أنه من ناحية، شأنها شأن الأسواق الناشئة، قد تشهد مصر خروج الأموال الساخنة أو جزء منها مع ارتفاع الفائدة في أسواق أمريكا وأوروبا.

وتابعت: "إن كان هذا ليس بسبب مجرد تنافسية العائد فبسبب مخاوف العملة التي قد تواجه ضغوطا أكبر بطبيعة الحال، والخوف من عدوى هشاشة القطاع الخارجي وأسعار العملات بين الأسواق الناشئة إذا أخذنا ما يحدث حاليا في تركيا في الاعتبار على سبيل المثال".

وتشهد أسعار عملة الليرة التركية انهيارات متتالية وسط انخفاضات أجراها البنك المركزي التركي في أسعار الفائدة رغم المستوى المرتفع لمعدلات التضخم، وسط ضغوط من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على المركزي لخفض الفائدة.

وتتفق منى بدير، على أنه من المتوقع أن تؤثر سياسة الفيدرالي على شهية المستثمرين في الأصول عالية المخاطر في الأسواق الناشئة، وهو ما يشكل أحد المخاطر المهمة في ظل اعتماد مصر بشكل كبير على تدفقات الأجانب في أدوات الدين المحلية في تمويل عجز الميزان الجاري.

وأشارت منى بدير لمصراوي إلى أن هذا التأثير على استثمارات الأجانب في أدوات الدين المحلية بمصر لن يكون بالشكل الذي يزعزع استقرار العملة المحلية.

وأوضحت أنه رغم فرصة مصر الكبيرة في الحفاظ على قدر معين من استثمارات الأجانب في أدوات الدين المحلية بسبب عدد من التطورات المحلية الإيجابية، فإن هناك عوامل أخرى قد تشكل مخاطر على تدفقات هذه الاستثمارات منها مستوى السيولة العالمية، وسياسات الاحتياطي الفيدرالي، وشهية الأجانب لقبول المخاطرة.

وقالت منى بدير إنه من المتوقع أن يشهد عام 2022 صعود الدولار ومعدلات تضخم مرتفعة واتجاه معظم البنوك المركزية لرفع أسعار الفائدة وتراجع قيمة عملات عدد من الأسواق الناشئة مقابل الدولار، وهو ما يعد بيئة غير مثالية لتدفقات الأجانب في أدوات الدين والاستثمار في أصول الأسواق الناشئة.

وأضافت أن مدى تأثر كل دولة من الدول الناشئة بهذه المخاطر يعتمد على عوامل كثيرة منها استدامة الدين الخارجي، واستقرار العملة، وتطور بنية سوق الديون السيادية وتكلفة التأمين عليها، ومستوى الاحتياطات النقدية للدولة، وغيرها.

وترى إسراء أحمد أن هناك أثرا آخر على مصر من سياسات الفيدرالي وهو ارتفاع الفائدة خارجيا أيضا وهو ما يرفع تكلفة الاستدانة من الأسواق الدولية كقروض أو سندات دولية يتم إصدارها. "ولذا يمكن اختصار التأثير بأنه معاكس، ويفرض نوعا من البيئة الخانقة على السيولة الخارجية خاصة إذا لم تتعافَ السياحة بالسرعة المطلوبة".

أحد الآثار الأخرى التي تتوقعها منى بدير هو ارتفاع تكاليف الاقتراض الحكومي (في حالة اللجوء لرفع أسعار الفائدة) خاصة أن مدفوعات الفائدة تستحوذ على جزء كبير من المصروفات الحكومية، وتعادل بين 9 و10% من الناتج المحلي الإجمالي، وخاصة في ظل ارتفاع تكلفة الاقتراض الخارجي الناتجة عن تشديد السياسة النقدية.

ماذا سيفعل البنك المركزي المصري؟

ترجح منى بدير أن يشمل السيناريو الغالب في عام 2022 عدم حدوث تحركات كبيرة في أسعار الفائدة في مصر، وأنه في حالة حدوثها ستكون في النصف الثاني من العام، إلا لو اتخذ البنك المركزي إجراءً استباقيا من أجل الحفاظ على شهية الأجانب في الاستثمارات غير المباشرة.

لكنها لم تستبعد في حالة استمرار الاضطرابات فيما يتعلق بعوامل العرض أن تتغذى معدلات التضخم وتخرج عن النطاق المستهدف من البنك المركزي، وبالتالي قد يتحرك ويرفع الفائدة للحفاظ على جاذبية أسعار العائد على أدوات الدين المحلية بما يحافظ على استثمارات الأجانب فيها.

وثبت البنك المركزي أسعار الفائدة منذ آخر اجتماع للجنة السياسة النقدية في العام الماضي عند مستوى 8.25% للإيداع و9.25% للإقراض، حيث لا يزال معدلات التضخم السنوية ضمن مستهدفاته التي تتضمن أن تصل إلى مستوى 7% بزيادة أو نقصان 2% خلال الربع الأخير من عام 2022.

وقالت إسراء أحمد: "إذا استشعر البنك المركزي أثرا معاكسا على العملة بشكل قوي ومستمر سيلجأ عاجلا أم آجلا لرفع الفائدة، إلا إننا نرى أنه سيفضل تثبيتها لأكبر فترة ممكنة، نظرا لمتطلبات عجز الموازنة والاحتياج لنمو القطاع الخاص وهو ما لا يتماشى مع رفع الفائدة في الوقت الحالي".

فيديو قد يعجبك: