الركود المحلي وتراجع الصادرات أزمات تحاصر صناعة السيراميك في مصر
كتبت- دينا خالد:
يعاني قطاع صناعة السيراميك في مصر من حالة من الركود وتراجع المبيعات في السوق المحلي، وذلك تزامنا أيضا مع تراجع صادرات القطاع بسبب حالة التنافس في الأسواق العالمية مع ارتفاع تكلفة الإنتاج، بالإضافة إلى عدم استقرار أبرز الأسواق المستوردة له، وأيضا إجراءات جائحة كورونا وتأثيرها على التجارة العالمية.
وقال أحمد عبد الحميد، رئيس مجلس إدارة غرفة مواد البناء باتحاد الصناعات، لمصراوي، إن صناعة السيراميك في مصر تواجه مشكلات عديدة سواء في السوق المحلي، أو من خلال التصدير للدول الأجنبية.
ويتكون قطاع السيراميك في مصر من نحو 24 شركة مصنعة، بطاقة إنتاجية نحو 400 مليون متر في السنة، ولكن أغلب المصانع تعمل بنصف طاقتها الإنتاجية، ليقدر إنتاج مصر من السيراميك بنحو 200 مليون متر في العام.
سوق السيراميك يختنق بعد أزمة كورونا ووقف تراخيص البناء
ويشهد قطاع السيراميك حالة ركود شديدة في السوق المحلي، خلال الفترة الماضية، بسبب تداعيات أزمة فيروس كورونا، تزامنا مع قرار الحكومة بوقف تراخيص البناء، بحسب أحمد عبد الحميد.
وأوضح عبد الحميد أن قرار وقف تراخيص البناء أدى لتراجع الطلب على السيراميك بنحو 60% خلال الفترة منذ صدور القرار في مايو الماضي وحتى الآن مقارنة بفترة أول 4 شهور من العام قبل صدور القرار.
وكان وزير التنمية المحلية، أصدر قراراً وزارياً بتكليف المحافظين بوقف إصدار التراخيص الخاصة بإقامة أعمال البناء أو توسعتها أو تعليتها أو تعديلها أو تدعيمها للمساكن الخاصة في القاهرة الكبرى والإسكندرية وكافة المدن الكبرى، وذلك اعتباراً من يوم الأحد 24 مايو الماضي ولمدة 6 أشهر.
كما نص القرار على إيقاف استكمال أعمال البناء للمباني الجاري تنفيذها لحين التأكد من توافر الاشتراطات البنائية.
وأشار عبد الحميد إلى أن أزمة فيروس كورونا تسببت هي الأخرى في حالة ركود كبيرة وتدهور في قطاع السيراميك نتيجة لانخفاض القدرة الشرائية للمواطنين، وهو ما أثر على شراء وتشطيب الشقق.
كما أدى ظهور بعض الحالات المصابة بالفيروس في بعض المصانع ومنها مصنع ليسكو، لغلقها مما عرضها لخسائر كبيرة، ولكن تم إعادة فتحها مرة أخرى.
وبحسب تقرير لبنك استثمار فاروس، واجهت صناعة السيراميك والخزف رياحا معاكسة قوية مرتبطة بضعف الطلب، مما أدى إلى ضغط هبوطي على الأسعار والكميات، وضعف هوامش الربح في ضوء ارتفاع تكاليف الطاقة نسبيا.
وقال فاروس في تقريره، إن تحديات السنة المالية 2020 تصاعدت من خلال عمليات الإغلاق التي سببها وباء كورونا، وأيضا تباطؤ الطلب في موسم رمضان، وهو ما أثر على المبيعات في الربع الثاني من العام الجاري.
تراجع الطلب عالميا على السيراميك المصري
وتزامنا مع حالة الركود التي تعرضت لها مبيعات السيراميك محليا، تراجعت صادرات السيراميك والقرميد والسقوف والطوب من الخزف بنحو 34% خلال النصف الأول من العام الجاري لتسجل 53 مليون دولار مقابل نحو 80 مليون دولار خلال نفس الفترة من عام 2019، بحسب أحدث تقرير للمجلس التصديري لمواد البناء.
وبحسب تقرير لفاروس، انخفضت صادرات القطاع في حدود 40% خلال الربع الثاني من العام الجاري، تزامنا مع عمليات الإغلاق في أوروبا والتي تعد سوقا رئيسيا للتصدير لشركة مثل ليسيكو.
وأرجع وجيه بسادة، عضو المجلس التصديري لمواد البناء، ورئيس مجلس إدارة شركة ألفا للسيراميك، هذا التراجع في صادرات قطاع السيراميك إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج بسبب الأسعار المرتفعة للغاز الذي تستخدمه المصانع في الإنتاج، وهو ما قلل من منافسة المنتجات المصرية في الأسواق العالمية.
واتفق معه فاروق مصطفى، عضو المجلس التصديري لمواد البناء، ورئيس مجلس إدارة شركة سيراميك فينسيا، حيث قال إن المنافسة القوية مع دول مثل تركيا والصين في ظل ارتفاع تكلفة إنتاجية السيراميك المصري أدت إلى تقلص حجم صادرات القطاع.
وأوضح فاروق، أن ارتفاع تكلفة الطاقة المستخدمة في التصنيع ساهم في انخفاض صادرات القطاع وخاصة السيراميك والأسمنت الذي يدخل في صناعتهم الغاز.
وأشار أحمد عبد الحميد إلى أن السيراميك المصري فقد خلال الفترة الماضية كثير من مميزاته التنافسية، نتيجة لارتفاع أسعاره، مقارنة بأسعار السيراميك للدول المنافسة.
ويتراوح متوسط سعر متر السيراميك المصري في السوق العالمي بين 3 و4 دولارات، وفي المقابل يصل سعر متر السيراميك الهندي إلى نحو 1.5 دولار، وسعر متر السيراميك التركي إلى نحو 2 دولار، مما يزيد العبء على المنتج المصري، وفقا لعبد الحميد.
وأرجع عبد الحميد ارتفاع سعر المنتج المصري إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج بعد التعويم وارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه، وأيضا ارتفاع سعر الكهرباء، وزيادة سعر الطاقة كالغاز، وفرض رسوم جديدة على المحاجر، وارتفاع أجور العمال.
وبحسب عبد الحميد، تتأثر صادرات السيراميك أيضا بتكلفة نقله والتي تعد مرتفعة مقارنة بسعره، فبينما يقدر سعر متر السيراميك بنحو 3 دولارات يحتاج نقله للتصدير إلى مثل هذه القيمة أو أكثر بحسب موقع الدولة المستوردة، وبالتالي تكون الأولوية في التصدير للدول القريبة كليبيا، ولبنان، وسوريا، والأردن، والسودان.
وقال عبد الحميد إن أي تغيرات سياسية واضطرابات أمنية تطرأ على هذه الدول القريبة تؤثر على نصيب الصادرات المصرية من وارداتها، وهو ما حدث خلال السنوات العشر الأخيرة في ليبيا وسوريا ولبنان، وبالتالي أدى لتراجع صادرات السيراميك المصري لهذه الدول بنحو 70% مقارنة بالوضع قبل هذه التغيرات.
وتعد أكثر الدول المنافسة للسيراميك المصري هي تركيا، خاصة بعد انخفاض سعر الليرة، بالإضافة إلى إيران أيضا، وفقا لوجيه بسادة.
وأشار بسادة إلى أن جائحة كورونا وما تسببت فيه من إغلاق لعدد كبير من الأسواق العالمية وتوقف حركة التجارة كانت أحد أسباب تراجع صادرات القطاع أيضا خلال النصف الأول من العام الجاري.
وقال فاروس في تقريره، إنه يتوقع انتعاشا نسبيا في المبيعات خلال الربع الثالث من عام 2020، وزيادة الإنتاج بسبب الذروة الموسمية في الصيف، وإعادة فتح الاقتصادات العالمية وتدفق التجارة، ولكن هذا الانتعاش لن يعود بنشاط القطاع إلى نفس مستويات ما قبل كورونا.
وأضاف فاروس أنه يتوقع تحسن هوامش ربح شركات السيراميك في الربع الثالث بسبب تحسن المبيعات مع الزيادة التدريجية في الإنتاج، وتأثير انخفاض تكلفة الطاقة (بعد خفض أسعار الغاز إلى 4.5 دولار للمليون وحدة حرارية في الربع الثاني من 2020، وخفض تعريفة الكهرباء بمقدار 10 قروش للكيلووات في الساعة والذي تم تفعيله في أبريل).
فيديو قد يعجبك: