إعلان

"الثروات ذابت مثل غزل البنات".. ما الكساد الكبير الذي يخشاه العالم بسبب كورونا؟

03:53 م الإثنين 20 أبريل 2020

الإنكماش يهدد اقتصاد العالم في 2020

كتبت - ياسمين سليم:

"الوضع قد يصبح الأسوأ منذ أزمة الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي"، هكذا وصف صندوق النقد الدولي في تقرير له مؤخرًا وضع الاقتصاد العالمي جراء جائحة فيروس كورونا.

وتأتي تحذيرات الصندوق في ظل اقتصاد عالمي دخل بالفعل حالة من الركود بسبب توقف النشاط الاقتصادي في عدة دول وفرض حجر صحي على ملايين المواطنين حول العالم.

صندوق النقد الدولي يقول إن العالم قد يواجه أسوأ ركود اقتصادي منذ الكساد الكبير في الثلاثينيات.. فماذا حدث في ذلك الوقت؟ ولماذا يخشى العالم مواجهة أزمة اقتصادية مثل الكساد العظيم؟

قبل أن نتعرف على ما حدث، وكيف كان شكل الاقتصاد في العالم، علينا أن نشرح أولًا معنى الكساد.

ما هو الكساد؟

يحدث الكساد عندما يطول التدهور الاقتصادي وقد يستمر لسنوات.

ووفقًا لصندوق النقد لا يوجد تعريف رسمي للكساد، لكن معظم المحللين يعتبرون الكساد بأنه هو ركود شديد للغاية يتجاوز فيه انخفاض أو إنكماش الناتج المحلي الإجمالي 10%.

وخلال الكساد يتراجع الطلب على السلع والخدمات ويبدأ الاقتصاد في التباطؤ ونتيجة لذلك ترتفع معدلات البطالة.

ما هو الكساد الكبير؟

يصف صندوق النقد الدولي في دراسة له نشرها في أبريل عام 2002 الكساد الكبير بأنه هو الركود الأكثر حدة على الإطلاق بعدما ساد الركود معظم البلدان في الفترة من 1929 واستمر لسنوات.

وحدوث الركود كان لأسباب عديدة وعميقة إلا أن انهيار أسواق الأسهم الأمريكية في أكتوبر 1929 هو من أشعل فتيل الركود الاقتصادي، بعدما خسرت أسعار الأسهم 23% من قيمتها في 4 أيام.

واستمرت الأسهم في التراجع حتى أن بعض التقديرات تشير إلى أنها خسرت نحو 90% من قيمتها خلال هذه الفترة.

ويصف الاقتصادي الأمريكي هيلبرونر ما حدث لأسواق الأسهم الأمريكية وقت الكساد الكبير بأن "الثروات ذابت أمام أعين السماسرة، كما تذوب حلوى "غزل البنات" ونتج عن ذلك تلاشي ما مقداره 50 مليار دولار من هذه الثروات خلال أربع سنوات من الكساد أي ما يعادل نصف الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي الذي كان يقدر عام 1929 بـ 103.6 مليار دولار"، حسبما نقل عليان عليان في كتابه "أزمات النظام الرأسمالي من الكساد الكبير إلى أزمة 2008 المالية والاقتصادية الكبرى".

ويتفق معظم المؤرخين الاقتصاديين على أن السبب الرئيسي وراء الكساد الكبير، على الأقل في المرحلة الأولى هو السياسة النقدية في أمريكا وأن السبب الرئيسي في انتشاره هو سلسلة من نوبات الذعر في الدوائر المصرفية التي امتدت بعد ذلك إلى بقية أنحاء العالم عن طريق النظام الدولي للصرف بالذهب.

والنظام الدولي للصرف بالذهب هو نظام يعتمد على تقيم العملة بسعر الذهب.

ويقول الصندوق إن أسبابًا أخرى طرحت للكساد الكبير بدءًا من زيادة تقييد السياسة التجارية وانتهاءًا بانهيار أسواق الأسهم في عام 1929.

ماذا حدث خلال الكساد؟

وخلال الكساد الكبير تجاوزت خسائر الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وإيطاليا واليابان وكندا والسويد وأستراليا 10% من إجمالي الناتج القومي، وكانت هذه النسبة أكبر في بلدان أخرى عديدة، وفقًا لدراسة صندوق النقد.

وبسبب أن الاقتصاد الأمريكي كان أكبر من سائر الاقتصادات بفارق كبير في ذلك الحين ولأنه شهد أعمق حالات الانكماش تقريبًا، فقد كان الكساد الكبير في الولايات المتحدة مسؤولا عن معظم الانخفاض الذي سجله الناتج المحلي في العالم، نتيجة انخفاض طلب الولايات المتحدة على ناتج بقية بلدان العالم وهو ما أحدث كسادا واسعا.

وتسبب الكساد الكبير في مستويات مرتفعة من البطالة خاصة في أمريكا التي وصلت بها معدلات البطالة إلى 24.9% في عام 1933، فضلًا عن إفلاس مئات البنوك.

ويقدر صندوق النقد الدولي عدد البنوك التي أغلقت خلال أزمة الكساد الكبير بنحو 900 بنك.

لماذا يخشى العالم الكساد الكبير بسبب كورونا؟

لأن الظروف تبدو مواتية لما حدث خلال الكساد الكبير، فصندوق النقد الدولي، وهو أكبر المؤسسات المالية في العالم يتوقع أن يحقق الاقتصاد العالمي انكماشًا حادًا نسبته 3% في العام الجاري، نتيجة لجائحة فيروس كورونا المستجد، وهو أسوأ مما حدث خلال الأزمة المالية العالمية في 2008 و 2009.

وحذر الصندوق في تقرير له الأسبوع الماضي من أن هذا الوضع قد يصبح الأسوأ منذ "الكساد الكبير" في الثلاثينيات من القرن الماضي.

وقال إن وباء كورونا أدى إلى دخول العالم في "أزمة لا مثيل لها"، كما أنه لا يوجد دولة واحدة في العالم لم تطلها تداعيات كورونا.

وتشير توقعات صندوق النقد إلى أن الاقتصادات الكبرى مثل دول أمريكا وأوروبا ستنكمش بنسب كبيرة خلال العام الجاري.

ويتوقع الصندوق أن تحقق أمريكا انكماشًا بنسبة -5.9% خلال العام الجاري وألمانيا بنسبة -7% وفرنسا بنسبة -7.2% وإيطاليا بنسبة -9.1% وإسبانيا بنسبة -8% والمملكة المتحدة بنسبة -6.5%.

ومع إغلاق الشركات والمصانع بدأت عشرات الدول تعاني من البطالة، وتشير البيانات في أمريكا أن نحو 20 مليون شخص سجلوا للحصول على إعانات البطالة خلال الأربعة أسابيع الأخيرة.

وهذه البيانات تتوافق مع تقرير حديث لمنظمة العمل الدولية توقع أن تؤدي أزمة فيروس كورونا المستجد إلى إلغاء 6.7% من إجمالي ساعات العمل في العالم في النصف الثاني من عام 2020، أي ما يعادل 195 مليون وظيفة بدوام كامل.

وبحسب التقرير فإن هذه الأرقام أعلى بكثير من آثار الأزمة المالية لعام 2008- 2009.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان