متأخرات دعم الصادرات صداع في رأس المصدرين.. والحكومة تبحث عن حل
كتب- محمد علاء الدين:
لا تزال أزمة متأخرات برنامج دعم الصادرات تقف حجر عثرة أمام المصدرين، رغم محاولات الحكومة في الفترة الأخيرة لحل هذه المشكلة، وذلك بعد مساهمة هذه الأزمة في تباطؤ نمو الصادرات، وسط مطالبات بوقف هذه المنظومة وتفعيل منظومة جديدة.
ولم تصل وزارة المالية بعد إلى حل نهائي لهذه الأزمة، وهو ما عبرت عنه تصريحات محمد معيط وزير المالية أمام البرلمان أمس، والذي أشار إلى أن وزارته تدرس إمكانية عمل مقاصة بين مستحقات المصدرين والضرائب أو أي مستحقات أخرى للدولة، وهو المقترح الذي كانت الوزارة رفضته من قبل في الشهر الماضي.
وتعاني الشركات المُصدرة من تراكم مستحقاتها لدى الحكومة من برنامج المساندة التصديرية على مدار عامين، حيث ارتفعت مستحقات المصدرين لدى صندوق تنمية الصادرات لنحو 10 مليارات جنيه، وفقا لتصريحات إيهاب درياس رئيس المجلس التصديري للأثاث في نوفمبر الماضي.
ويطالب درياس بسرعة صرف مستحقات مصدري الأثاث لدى صندوق مساندة الصادرات والمتراكمة لأكثر من عامين "لدرجة أن كثيرا من الشركات توقفت عن تقديم استمارات جديدة للصندوق ليأسها من صرف مستحقاتها".
وقال خالد أبو المكارم رئيس المجلس التصديري للصناعات الكيماوية والأسمدة، في بيان اليوم، إن تأخر صرف مستحقات المصدرين يؤثر علي الوفاء بالتزاماتهم التعاقدية والضريبية والعمالية، مطالبا بزيادة مخصصات رد الأعباء للمصدرين وبحيث توزع لكل قطاع مبالغ محددة تتناسب وقيمه صادراته وما تمثله من إجمالي الصادرات.
"المُصدرون معذورون لأنهم أثناء تسعير منتجاتهم وضعوا في حساباتهم حصولهم على الدعم من برنامج المساندة التصديرية مما جعلهم يقومون بتخفيض أسعار منتجاتهم لتكون تنافسية مع الدول الأخرى" بحسب ما قاله عبد الحميد الدمرداش رئيس المجلس التصديري للحاصلات الزراعية لمصراوي.
وقال هاني برزي رئيس المجلس التصديري للسلع الغذائية، لمصراوي "نحن نقدر ما تمر به الدولة من ظروف اقتصادية ومحدودية الموارد، ولكن يجب أيضا تجميد برنامج المساندة التصديرية بشكله الحالي، لأنه يزيد من فاتورة دعم الصادرات دون وضع حل للمستحقات المتراكمة للشركات خلال آخر عامين".
معدل نمو ضعيف للصادرات
وكان عمرو نصار وزير التجارة والصناعة، قال في بيان يوم 28 ديسمبر الماضي، إن الصادرات المصرية شهدت تطورا ملحوظا خلال عام 2018 حيث بلغت خلال الـ 11 شهرًا حوالي 22.6 مليار دولار مقابل 20.4 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2017.
وتوقع الوزير أن تصل قيمة الصادرات إلى نحو 25 مليار دولار مع ختام عام 2018 بنسبة زيادة تصل إلى حوالي 10.6% عن عام 2017، وهي نسبة تعتبر ضعيفة ومقاربة لنسبة الزيادة في الصادرات خلال 2017 والتي وصلت إلى 9%، رغم تحرير سعر الصرف وتوفر الغاز والدولار.
محاولات حكومية لاحتواء الأزمة
خصصت الحكومة نحو 4 مليارات جنيه لبرنامج رد الأعباء التصديرية ودعم الصادرات خلال العام المالي الجاري، بزيادة 1.4 مليار جنيه، عن العام الماضي، منها 2.5 مليار جنيه من الخزانة العامة، و1.5 مليار جنيه تمويلا ذاتيا من صندوق دعم الصادرات.
وقال معيط، في البرلمان أمس، إن وزارة المالية أتاحت حتى الآن نحو 1.4 مليار جنيه لصندوق دعم الصادرات من مخصصات هذا العام، ويتبقى فقط 1.1 مليار جنيه، تلتزم الدولة بالوفاء بهم.
وأضاف أن وزارته تفكر في عمل مقاصة بدلاً من التمويل، بإسقاط ديون بعض الشركات بدلاً من إعطائها الدعم.
وكانت المالية أعلنت في نوفمبر الماضي صرف 504 ملايين جنيه لدعم صندوق تنمية الصادرات بصفة عاجلة من أجل التيسير على المصدرين، لتصل المبالغ المصروفة من هذه المخصصات وقتها إلى 1.2 مليار جنيه.
وتنتقد المالية أداء صندوق تنمية الصادرات في تحصيل المبالغ الممولة ذاتيا من الجهات المختصة مثل هيئة الرقابة على الصادرات والواردات، وقطاع التجارة الخارجية، حيث وصل المحصل فعليا من هذه الجهات إلى 45 مليون جنيه حتى نوفمبر الماضي من إجمالي مبلغ 1.5 مليار جنيه.
ويرى عبد الحميد الدمرداش أن المبلغ المخصص لدعم الصادرات المحدد بـ 4 مليارات جنيه غير كافٍ، ولكنه في نفس الوقت يقدر الظروف التي تمر بها البلاد.
مقترحات لحل أزمة المتأخرات
قال وليد جمال الدين رئيس المجلس التصديري لمواد البناء، لمصراوي، إن مختلف المجالس التصديرية اجتمعت وقدمت مقترحا للجنة الصناعة بمجلس النواب لحل أزمة صرف مستحقات المصدرين لدى صندوق دعم الصادرات.
وأضاف جمال الدين لمصراوي "المقترح الذي تقدمنا به يشمل ثلاثة سيناريوهات أولها صرف الدعم نقدا بداية بالمستحقات الأقدم فالأحدث، والثاني يقترح القيام بعملية مقاصة بين مستحقات الشركات من برنامج دعم الصادرات ومديونيتها من الضرائب".
"أما السيناريو الثالث فيتضمن حصول الشركات على أذون خزانة أو صكوك بقيمة مستحقات كل شركة على أن تستحق خلال فترة زمنية محددة يتم الاتفاق عليها ما يسمح للشركات بالاستفادة منها في عملية الاقتراض من البنوك"، بحسب جمال الدين.
مطالب بوقف البرنامج الحالي
يرى جمال الدين أن برنامج دعم الصادرات بشكله الحالي أصبح غير مجدٍ، وسيكلف الدولة أعباءً جديدة ولذلك يجب وضع فترة انتقالية محددة زمنية ليتم وقف البرنامج بعدها، والعمل على وضع رؤية واستراتيجية جديدة لدعم الصادرات بآليات جديدة قد تكون على شكل دعم عيني.
وطالب هاني برزي بوقف برنامج دعم الصادرات بشكله الحالي، ووضع خطة لجدولة مستحقات الشركة المصدرة من برنامج دعم الصادرات، والعمل على وضع استراتيجية جديدة للتصدير.
وتابع "سنتعاون مع وزارة المالية لوضع تصور نهائي لطريقة جدولة المستحقات القديمة للشركات عن برنامج دعم الصادرات، ووضع تصور واستراتيجية جديدة للتصدير ودعم الصادرات".
وتطالب وزارة المالية صندوق دعم الصادرات بإعادة النظر في قواعد وضوابط ومعايير صرف دعم تنشيط الصادرات وربطه بتحقيق العائد من هذه الصادرات، والبحث عن موارد إضافية تساهم في تدبير مبالغ مالية لتحقيق مزيد من الدعم الموجه للقطاع التصديري.
وكشف عبد الحميد الدمرداش عن أن المجلس التصديري يعمل على وضع استراتيجية جديدة لدعم صادرات الحاصلات الزراعية، اعتمادا على دراسة تجارب الدول المنافسة في هذا المجال.
وقال: "من خلال هذه الدراسة سنحدد نوع الدعم المطلوب للحاصلات الزراعية لتتمكن من المنافسة بالشكل المطلوب، وذلك من خلال تحديد أنواع المحاصيل التي لدينا ميزة تنافسية فيها، والدول التي تحتاج إلى دعم أسعار صادراتنا إليها لتكون أكثر تنافسية".
وتواجه مصر منافسة شرسة من إسرائيل والمغرب وإسبانيا وتركيا في تصدير الحاصلات الزراعية، وفقا للدمرداش.
فيديو قد يعجبك: