هل تتأثر جاذبية العاصمة الجديدة بعد انسحاب شركة "نوفاذا استانزا" العقارية؟
كتب- مصطفى عيد:
توقع محللون بقطاع العقارات أن تتكرر حالات الانسحاب بين شركات التطوير العقاري التي حصلت على أراضٍ في العاصمة الإدارية الجديدة لتنفيذ مشروعات عقارية، في ظل ضعف قدرة العديد منها وعدم كفاية ملاءتها المالية، والمنافسة الشديدة بينها، وارتفاع تكلفة التنفيذ، وأسعار البيع العالية.
لكن عددا من هؤلاء المحللين استبعدوا أن يتأثر السوق العقاري بالعاصمة الإدارية، وجاذبيته، بالسلب من حدوث حالات الانسحاب أو تكرارها، متوقعين أن يقع الضرر الأكبر على العملاء الذين حجزوا في مشروعات هذه الشركات، حتى مع استرداد أموالهم، بسبب تراجع قيمتها الشرائية.
وكانت شركة "نوفاذا استانزا" أعلنت يوم الإثنين الماضي، انسحابها من مشروعها في العاصمة الإدارية، حيث طلبت رد أرض المشروع لشركة العاصمة الإدارية، لتكون بذلك أول شركة تنسحب من المشروع، وهو ما فتح الباب، أمام حالة من الجدل والمخاوف من الوضع الراهن لسوق العقارات، والأسباب والظروف التي أدت إلى هذا الانسحاب والتي يمكن مع استمرارها أن يشهد السوق المزيد من هذه الحالات.
ورغم استبعاد تأثر سوق العقارات في العاصمة الجديدة، بانسحاب نوفاذا استانزا، بهذه الحالات في العاصمة الإدارية، فإن أحمد رمضان، مدير مساعد الاستثمار بشركة أيادي للتطوير التابعة لبنك الاستثمار إن آي كابيتال، يتوقع أن يتعرض السوق العقاري ككل في مصر لحالة من الكساد التضخمي، مع زيادة المعروض وارتفاع الأسعار الناتج عن زيادة التكلفة، وبالتالي عدم وجود القوة الشرائية التي تواجه هذا الطلب، بحسب قوله.
ويتوقع عمر المناوي محلل العقارات ببنك الاستثمار سي آي كابيتال، أن تتكرر حالات الانسحاب بين شركات التطوير العقاري الصغيرة التي حصلت على أراضٍ لإنشاء مشروعات سكنية بالعاصمة الإدارية، وهو ما اتفق مع أيضًا أحمد رمضان، وماجد عبد الفضيل رئيس شركة ثمار العقارية، وهو ما يعني أن مشروعات القطاع العقاري في العاصمة، ترفع شعار "البقاء للأقوى" فقط.
وقال المناوي، لمصراوي، إن حدوث حالات انسحاب من المشروعات العقارية التي يتم تنفيذها في العاصمة الإدارية كان "أمرًا متوقعًا" في ظل وجود شركات صغيرة لا تمتلك القدرة على تنفيذ المشروعات، مستبعدا أن يتكرر هذه الامر مع الشركات الكبيرة التي تعمل في العاصمة مثل مجموعة طلعت مصطفى، أو مصر إيطاليا، أو بيتر هوم.
"معظم الشركات التي تعمل في العاصمة الإدارية ليس لها سابقة أعمال في مجال العقارات عدا 4 شركات وهو ما يعد ناقوس خطر حيث تفقد هذه الشركات الخبرات المطلوبة لمواجهة المتغيرات السريعة التي تحدث في القطاع"، بحسب ما قال أحمد رمضان لمصراوي.
واستبعد كل من المناوي وعبد الفضيل أن يتأثر سوق العقارات في العاصمة الإدارية مع التكرار المتوقع لانسحاب الشركات من مشروعات العاصمة الجديدة خلال الفترة المقبلة، خاصة أن أسباب هذه الانسحابات في رأيهم تتعلق بالشركات وقدرتها على الاستمرار، وليست متعلقة بطبيعة المشروع أو الموقع.
وقال المناوي "العاصمة الجديدة هي مشروع مدينة كبيرة وليست مجرد مشروع عقاري.. فبينما انسحبت شركة صغيرة من المشروع، لكن في المقابل مبيعات المرحلة الأولى من مشروع مجموعة طلعت مصطفى في العاصمة الجديدة نفسها وصلت إلى 7 مليارات جنيه".
وأضاف المناوي أن حالات الانسحاب قد تحدث في مناطق أخرى من المدن الجديدة وليست العاصمة الإدارية فقط، ولكنها لا تلقَ نفس الصدى لأن العاصمة الإدارية تشهد تركيزًا أكبر من المناطق الأخرى، وهو ما اتفق معه عبد الفضيل.
"الانسحاب من المشروعات، سيمثل درسًا للشركات الصغيرة لدراسة السوق من وجهة نظر أخرى مختلفة عن التي تبنتها قبل الدخول في هذه المشروعات"، بحسب عبد الفضيل.
واتفق عبد الفضيل مع أحمد رمضان على أن العملاء الذين حجزوا بمشروعات الشركات المنسحبة سيكونون الأكثر تضررًا بهذا الانسحاب، حيث أن الأموال التي سددوها من أجل حجز الوحدات، والتي سيتم ردها لهم، قد فقدت جزءا من قيمتها الشرائية، كما ستخسر الشركات المنحسبة المصروفات التي أنفقتها على الدعاية لمشروعاتها.
ويرى رمضان الوضع أكثر قتامة، حيث يتوقع أن تؤدي الظروف التي يمر بها قطاع العقارات وتدفع الشركات للانسحاب إلى حدوث كساد تضخمي في سوق العقارات بمصر ككل، ومن ضمنه العاصمة الإدارية الجديدة، خاصة مع وجود عرض كبير وعدم وجود قوة شرائية لمواجهته مع وصول أسعار الوحدة إلى أكثر من مليون جنيه.
لماذا تنسحب الشركات؟
قال رمضان إن الكثير من شركات التطوير العقاري في العاصمة تفتقد الخبرات المتراكمة التي تمكنها من مواجهة متغيرات السوق خلال الفترة الحالية والتي تشمل التغير السريع في أسعار مواد البناء، وتغير أسعار الفائدة، وأسعار البيع المنافسة، وما يحدث من تغيير في القوانين المرتبطة بالعمل في المجال.
وأضاف أن من ضمن هذه التحديات التي تواجه هذه الشركات أيضا افتقاد الملاءة المالية القوية التي يمكن معها تنفيذ المشروع في 4 سنوات بحسب ما تقتضي شروط تخصيص الأرض، وسداد ثمن هذه الأرضي التي تطرحها الدولة بأسعار مرتفعة، مع ضرورة إتاحة نظام سداد طويل الأجل يصل إلى 10 سنوات أو أكثر في ظل التنافس بين الشركات.
ومن هذه التحديات التي يرى رمضان أنها تؤثر على هذه الشركات، هي المنافسة القوية بين المطورين في ظل المساحة الكبيرة للعاصمة الإدارية والتي تصل إلى 40 ألف فدان، إلى جانب مشاركة الحكومة في تنفيذ مشروعات إسكانية بالمدينة، والمشروعات العقارية في المناطق المنافسة.
وذكر رمضان أن من ضمن هذه المناطق المنافسة مدينة المستقبل سيتي، القريبة من العاصمة الإدارية، والتي يعمل بها نحو 5 أو 6 مطورين كبار، منهم شركات صبور، وحسن علام، ووادي دجلة، وتطوير مصر، إلى جانب مشروعات امتداد التجمع الخامس، ومشروعات غرب القاهرة.
"ارتفاع أسعار البيع في المدينة يمثل أحد التحديات التي تواجه هذه الشركات والتي تصل في أقل مستوياتها إلى 8 آلاف جنيه، وفي المتوسط إلى 12 و13 ألف جنيه وهو ما لا يتناسب مع القوة الشرائية للشريحة الكبرى من المصريين"، بحسب أحمد رمضان.
واتهم رمضان الحكومة بالتسبب في وصول أسعار العقارات إلى مستوياتها الحالية في العاصمة الإدارية في ظل تخصيص الأراضي بأسعار مرتفعة تصل إلى نحو 4 آلاف جنيه للمتر، تزامنًا مع ارتفاع تكلفة تنفيذ المشروعات مع زيادة أسعار مواد البناء تأثرًا بزيادة أسعار الطاقة.
"من ضمن التحديات التي تواجه الشركات الصغيرة في العاصمة الإدارية وقد تتسبب في انسحابها أيضًا، عدم امتلاك اسم تجاري كبير تستطيع من خلاله تسويق الوحدات الخاصة بمشروعاتها في ظل المنافسة مع الشركات الكبيرة الأخرى"، بحسب عمر المناوي.
ويرى ماجد عبد الفضيل أن العميل يعطي الأولوية في ظل تساوي مزايا المناطق التي تنفذ فيها المشروعات العقارية بالعاصمة للشركات التي تقدم له مزايا أفضل في السداد وهو أمر ليس في صالح الشركات الصغيرة صاحبة الملاءة المالية الأضعف.
"أيضا طمع مطورين عقاريين في تنفيذ مشروعات بالعاصمة الإدارية دون أن يكون هناك دراسة جيدة للميزة التنافسية التي يمكن أن تمكنهم من النجاح، والفرص المتاحة في السوق، وطبيعة المنافسة، والمخاطر، تعتبر من الأسباب التي قد تؤدي إلى انسحاب المزيد من الشركات، بحسب ما قاله عبد الفضيل.
ورغم ما يتوقعه أحمد رمضان لسوق العقارات، فإنه يرى أن إنشاء مدينة العاصمة الإدارية سيشهد نجاحًا بسبب قيامها على التواجد الحكومي ونقل الوزارات والهيئات الأخرى وهو ما سيزيد من نسبة الإشغال بها، بالإضافة إلى المشروعات السكنية والبنية التحتية التي تنفذها الدولة، والمتابعة الرئاسية والحكومية لتنفيذ المشروع.
فيديو قد يعجبك: