تقرير يكشف "حيلة" الحكومة للوفاء بالنسب الدستورية للإنفاق على الصحة والتعليم
كتب: محمد عمارة:
كشف تقرير من لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب، حصل عليه مصراوي، ما يمكن وصفه بـ "مجموعة من الحيل"، التي لجأت إليها الحكومة لاستيفاء مخصصات الصحة والتعليم والبحث العلمي، من أجل الالتزام بنسب الإنفاق التي نص عليها الدستور.
حيث اعتبرت الحكومة أن الإنفاق على مياه الشرب والصرف الصحي، من بين النفقات التي تدخل ضمن قطاع الصحة، كما أنها حملت القطاعات الأربعة بنصيبها من فوائد الدين الحكومي، وأدخلت المعاهد الأزهرية والمراكز التعليمية التي لا تتبع وزارة التعليم، ضمن بنود الإنفاق على التعليم.
وينص الدستور الذي صدر في عام 2014، على تخصيص ما لا يقل عن 10% من الإنتاج المحلي الإجمالي، للإنفاق الحكومي، على هذه القطاعات، على أن يخصص 3% للصحة، و4% للتعليم ما قبل الجامعي، و2% للتعليم الجامعي، و1% للبحث العلمي.
وألزم الدستور الحكومة بالوصول إلى هذه النسب بشكل تدريجي، على أن يخصص كاملا بداية من العام المالي الماضي 2016-2017.
وقالت لجنة الخطة والموازنة إن الحكومة التزمت بالفعل بالاستحقاق الدستوري في العام المالي الماضي.
ويكشف التقرير لأول مرة بشكل رسمي، عن كيفية حساب الاستحقاق الدستوري لهذه القطاعات، وفقا للبيان الذي قدمته الحكومة لمجلس النواب، والتي قالت لجنة الخطة والموازنة، إنها تتوافق مع توصياتها في تقريرها عن موازنة العام الماضي.
ويظهر التقرير الإنفاق بشكل تفصيلي على كل قطاع بما في ذلك إنفاق الجهات الحكومية التي لا تدخل ضمن الموازنة العامة، أو الهيئات الاقتصادية والخدمية.
وأوصت اللجنة الحكومة بضرورة الاستفادة من المبالغ المخصصة وفقا لهذه الاستحقاقات، وحذرت من تكرار ما حدث العام المالي الماضي، حيث إن قطاعي الصحة والبحث العلمي لم يستفيدا من ببعض المخصصات.
وقالت اللجنة إن وزارة الصحة لم تستفد في العام المالي الماضي 2016-2017، من المبالغ المخصصة لتأهيل مستشفيات التأمين الصحي، وأن وزارة البحث العلمي لم تستفد هي الأخرى من المبالغ المخصصة لتمويل المشروعات البحثية المختلفة.
وبحسب التقرير فإن الحكومة توسعت في تفسير مفهوم الخدمات الصحية، ليشمل توفير مياه الشرب والصرف الصحي، "باعتبارهما مقومان أساسيان في تحقيق معدلات صحية وتجنيب حدوث مخاطر صحية للمواطنين".
ويعني هذا أن الإنفاق على المياه والصرف الصحي الذي يصنف ضمن الإنفاق على المرافق العامة، قد تحول إلى قطاع الصحة، من أجل استكمال المبالغ المطلوبة للوصول إلى النسبة الدستورية.
وقالت الحكومة إن هذا المفهوم يتسق مع المعايير الدولية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية ومكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والتي تؤكد على ان الصحة العامة تشمل ضمن مبادئها توفير خدمات المياه والصرف الصحي باعتبارهما من مشرات الصحة العامة، بحسب التقرير.
كما حملت الحكومة القطاعات الأربعة التي نص عليها الدستور، بنصيبها من فوائد خدمة الدين العام، باعتبار أنها تمثل تكلفة الحصول على المال المخصص للإنفاق عليها.
ويعني هذا الأمر أن المبالغ التي كان من المفترض أن توجه لتطوير وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية، فإنها ستذهب لسداد فوائد الديون.
ورغم أن الإنفاق يخص السنة المالية الجديدة 2017-2018، إلا أن الحكومة احتسبت الإنفاق على القطاعات الأربعة، وفقا للناتج المحلي الإجمالي في العام الماضي، لتقليل العبء المالي المطلوب للوفاء بالاستحقاق الدستوري، باعتبار أن الناتج المحلي في العام الماضي، أقل كثيرا من العام الحالي.
إذ أن الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي الماضي 3.4 تريليون جنيه، بينما المتوقع في العام المالي الجاري حوالي 4.1 تريليون جنيه، بحسب البيان المالي لموازنة 2017-2018.
وبررت الحكومة الاعتماد على الناتج المحلي الإجمالي للعام الماضي، بأن التعامل مع تقديرات متوقعة للعام الجديد "يتسم بقدر من عدم اليقين، كما أن نسبة كبيرة منه لا تتحقق بشكل منتظم على مدار العام المالي".
كما أن الحكومة لم تلتزم بنص الدستور الذي يتحدث عن "الناتج القومي الإجمالي"، وليس "الناتج المحلي الإجمالي". وقالت الحكومة إن الناتج القومي لم يعد يحتسب حاليا في مصر وكذلك في معظم دول العالم، وأنه بالعودة إلى مضابط اجتماعات لجنة الخمسين لوضع الدستور، فإنها تشير إلى أن آراء معظم الحاضرين كانت تشير إلى الناتج المحلي الإجمالي وليس الناتج القومي.
والناتج المحلي الإجمالي، هو إجمالي ما ينتجه المصريون والأجانب داخل مصر، بينما الناتج القومي، يعبر عن إجمالي ما ينتجه المصريون داخل مصر وخارجها مخصوم منه ما ينتجه الأجانب داخل مصر.
ومن أجل الوفاء بالاستحقاق الدستوري توسعت الحكومة في تفسير مفهوم الإنفاق الحكومي العام ليشمل ما تنفقه الوزارات والمصالح والهيئات العامة سواء كانت خدمية أو اقتصادية أو أي مراكز علمية وبحثية حكومية، بالإضافة إلى شركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام.
وقالت الحكومة إنها تستند في هذا التفسير لمفهوم الإنفاق الحكومي إلى تعريف صندوق النقد الدولي، في دليل احصاءات مالية الحكومة العامة الصادر سنة 2001.
كما أنها حصرت كل الاعتمادات التي تصرف على هذه القطاعات من خلال كافة الجهات الحكومية بالدولة، سواء كانت هذه الجهات داخلة ضمن الموازنة العامة أو ضمن موازنات الهيئات والوحدات الاقتصادية.
واعتبرت الحكومة أن إنفاق المستشفيات العسكرية والشرطية يدخل ضمن الإنفاق على الصحة على الرغم من أنها تصنف وظيفيا في قطاعات الدفاع والأمن، وكذلك الحال بالنسبة للمعاهد الأزهرية والمراكز التعليمية التي لا تتبع وزارتي التعليم والتعليم العالي، تم اعتبارهم ضمن الإنفاق على التعليم.
ومن بين الوسائل التي اتبعتها الحكومة للوصول إلى النسبة الدستورية في قطاعي التعليم العالي، والبحث العلمي، هو إضافة بنود إنفاق تحت اسم "استحقاق دستوري" يشمل الإنفاق على شراء السلع والخدمات وخدمات الدين.
وبحسب تقرير لجنة الخطة والموازنة فإن إجمالي ما خصصته الحكومة للقطاعات الأربعة يصل إلى نحو 349.8 مليار جنيه، بما يمثل 10.3% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يعني أنه يزيد بنحو 0.3% عن الاستحقاق الدستوري.
فيديو قد يعجبك: