تحليل - شهية البنوك للاقتراض من الخارج مستمرة بعد التعويم
كتب - محمد جاد ومنال المصري:
ارتفعت المديونية الخارجية على القطاع المصرفي في مصر خلال السنوات التي شهدت تصاعد أزمة العملة الأمريكية، وجاء ذلك في ظل اتجاه البنوك للتوسع في الاستدانة من الخارج لتدبير الدولار للنشاط الاقتصادي المحلي.
ولا تزال لدى البنوك مخططات للتوسع في الاستدانة من الخارج بعد مرور نحو ستة أشهر على التحرير الكامل لسعر الصرف برغم من دخول سيولة دولارية جديدة للقطاع خلال الفترة الماضية.
وزادت الديون الخارجية على البنوك من نحو 1.5 مليار دولار في 2014 إلى حوالي 4 مليارات دولار في 2016، وفقا لبيانات البنك المركزي.
"تدهور ميزانية البنك المركزي خلال الفترة الماضية مع زيادة الخصوم الأجنبية عن الأصول، شجع البنوك على الاستدانة من الخارج لتخفيف العبء عنه" كما يقول يوسف بشاي، المسؤول التنفيذي ببنك بي إن بي باريبا.
وتظهر بيانات البنك المركزي زيادة الخصوم الأجنبية على أصول البنك منذ مايو 2016 عند -45.2 مليار جنيه، وارتفع الرقم الصافي بشكل ملحوظ بعد تعويم الجنيه في نوفمبر إلى -82.3 مليار جنيه، لكن هذه الزيادة لا تعكس بالضرورة تدهور الأصول الأجنبية للمركزي حيث لا يفصح البنك عن قيمة أصوله بالدولار.
وساهم التعويم في تحفيز العديد من مدخري الدولار على التخلص من العملة الصعبة وبيعها للبنوك لكن العديد من البنوك أعلنت خلال الأشهر الأخيرة عن اتجاهها للاقتراض من الخارج.
ويوضح بشاي أن"توقف المركزي عن طرح المزادات الدولارية بعد التعويم قد يكون من العوامل الدافعة للبنوك للاستمرار في الاعتماد جزئيا على الخارج في تدبير العملة الصعبة" كما يضيف بشاي.
وبدأ البنك المركزي في تنظيم مزادات دورية لبيع العملة الأمريكية للبنوك منذ 2013، وكانت آلية المزادات أحد أدوات البنك في توجيه سعر الصرف بشكل غير مباشر، وأعلن البنك توقفه عن تطبيق تلك الآلية بعد التحرير الكامل للعملة في نوفمبر الماضي.
وتنتهي بيانات البنك المركزي عن الدين الخارجي عند ديسمبر الماضي، وستظهر البيانات اللاحقة إن كان القطاع المصرفي لازال محافظا على معدلات استدانته من الخارج أم أنه قلل من وتيرتها، لكن الانباء المعلنة من البنوك تنبيء عن وجود العديد من صفقات الاقتراض في الخارج خلال الفترة المقبلة.
"ندرس طرح سندات دولارية خلال العام الجاري كما نجري مفاوضات مع بنك الاستثمار الأوربى والبنك الأوربى لإعادة الإعمار والتنمية على قروض دولارية" كما قال محمود منتصر، نائب رئيس البنك الأهلي، لمصراوي.
ووقع البنك الأهلى الأسبوع الماضى على قرض بقيمة 300 مليون دولار من الأفريقى للتصدير والاستيراد لتمويل المشروعات التنموية.
وأعلن البنك الأهلى خلال العام الماضى عن اتفاقه على قروض دولارية بنحو 1.8 مليار دولار، منها قرض بقيمة 700 مليون دولار مع بنك التنمية الصينى لتمويل مشروعات البنية التحتية، وقرض بـ 500 مليون يورو من بنك الاستثمار الأوربي لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وقرض من البنك الأفريقي للتصدير والاستيراد بـ 300 مليون دولار لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة والصادرات إلى الدول الأفريقية، وقرض من البنك الأفريقي للتنمية بنحو 120 مليون دولار لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر.
ويستهدف بنك مصر، ثانى أكبر بنك عام، التفاوض على حزمة من القروض الدولارية للبنك في ظل توسعه للتمويل الدولاري لمشروعات في مجالات الصناعة والطاقة، كما قال عاكف المغربي نائب رئيس بنك مصر، لمصراوي.
ويتفاوض البنك حاليا على قروض تصل إلى نحو مليار دولار تشمل قرض بقيمة 200 مليون دولار من الأفريقي للتصدير والاستيراد وقرض آخر بنحو 500 مليون دولار من الاستثمار الأوربي، فضلا عن أنه يدرس التفاوض للحصول على قرض من الأوربى لإعادة الإعمار والتنمية يتراوح بين 200 إلى 300 مليون دولار، وفقا للمغربي.
ووقع بنك مصر فى بداية العام الجارى على عدة قروض دولارية، منها قرض بقيمة 100 مليون دولار مع بنك التنمية الصيني، فضلا عن أنه يجرى مفاوضات مع نفس البنك على قرض بقيمة 500 مليون دولار أمريكي.
كما تم التوقيع على مذكرتي تفاهم مع شركة ضمان الصادرات الصينية لحصول البنك على ضمانات بحد أقصى 500 مليون دولار لتمويل مشروعات التي تساهم فيها الصين، ووقع بنك مصر على مذكرة تفاهم مع البنك الصناعي والتجاري الصيني لاقتراض 500 مليون دولار.
وحصل بنك مصر مؤخرا على قرض بقيمة 50 مليون دولار من مصرف أبو ظبي الإسلامي، والدفعة الثانية من قرض بنك كريدي سويس، بقيمة 80 مليون دولار، من إجمالي قرض قيمته 250 مليون دولار، حسب ما ذكره عاكف المغربي.
"لا أعتقد أن القروض الخارجية للبنوك تمثل مخاطر كبيرة عليها" كما يقول بشاي، مشيرا إلى أن البنوك العامة تعد من أكثر مؤسسات الدولة المؤهلة حاليا للاستدانة من الخارج وتمويل المشروعات المحلية التي تحتاج إلى قروض دولارية لاستيراد مستلزمات إنتاج من الخارج.
"الوضع المالي للقطاع المصرفي قوي خاصة بعد أن أصبح العاملون في الخارج أكثر اعتمادا على تحويل أموالهم عبر البنوك بعد التعويم" كما يضيف بشاي.
وقالت وكالة فيتش في تقرير لها الشهر الجاري إن انخفاض الجنيه أمام الدولار بعد التعويم ستكون له آثار محدودة على القطاع المصرفي، خاصة وأن النسبة الأكبر من التمويل الدولاري الذي توجهه البنوك في مصر مخصص لمشروعات تحقق عائدا دولاريا أو تمويل لنشاط تجاري يتم تغطيته بنسبة 100% بسيولة من نفس العملة، باستثناء التمويل الموجه لواردات السلع الاستراتيجية.
فيديو قد يعجبك: