ماذا يعني قرار المركزي بتثبيت الفائدة للمرة الرابعة رغم تراجع التضخم؟
كتب- مصطفى عيد:
للمرة الرابعة على التوالي، قرر البنك المركزي، مساء الخميس الماضي، الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، متوافقا مع أغلب توقعات المحللين وبنوك الاستثمار.
ويترقب السوق قرارا من المركزي بخفض الفائدة، بعدما أبدى معدل التضخم إشارات على اتباعه مسارا نزوليا على مدار 4 أشهر، خاصة في نوفمبر الماضي، وذلك مع انحسار تأثير تعويم الجنيه ورفع أسعار الوقود.
لكن يبدو أن المركزي لا يزال قلقا من معدلات التضخم المرتفعة التي كانت وصلت إلى ذروتها خلال العام الجاري، مسجلة أعلى مستوى في نحو 30 عاما، خاصة مع ارتفاع أسعار البترول العالمية والتي لها انعكاسات على الأسعار المحلية.
وقال المركزي في بيانه عن اجتماع لجنة السياسة النقدية، يوم الخميس، إن تقييد الأوضاع النقدية كان سببا في انخفاض معدلات التضخم.
وأضاف أن "استمرار التقييد النقدي، أمر ضروري من أجل استمرار السيطرة على معدل ارتفاع الأسعار".
وقال نعمان خالد محلل الاقتصاد الكلي في شركة سي آي أستس مانجمنت لإدارة الأصول، إن تثبيت أسعار الفائدة يشير إلى أن "المركزي لديه شكوك بخصوص احتمالية استمرار ارتفاع أسعار البترول العالمية وانعكاس هذا الارتفاع على تكلفة الوقود في مصر".
وأضاف في تصريحات لمصراوي، أن المركزي ربما فضل تأجيل خفض الفائدة إلى فبراير من أجل انتظار رؤية أوضح بخصوص مسار معدلات التضخم.
وكان نعمان من بين عدد قليل من المحللين الذين توقعوا أن يقدم المركزي على خفض الفائدة خلال اجتماع الخميس الماضي.
وكان محمد أبو باشا محلل الاقتصاد الكلي في بنك استثمار هيرمس، قال لمصراوي، الأسبوع الماضي، إن المركزي سيفضل الانتظار لاجتماع فبراير المقبل، قبل أن يخفض الفائدة حتى يتأكد من أن معدل التضخم يسير ضمن مستهدفاته.
ويستهدف المركزي النزول بمعدلات التضخم إلى ما بين 10 و16% في الربع الأخير من العام المقبل.
ومن المقرر أن تعقد لجنة السياسة النقدية أول اجتماعاتها في العام الجديد يوم 15 فبراير 2018، وهو ما يعني أن أرقام التضخم في ديسمبر ويناير ستكون متاحة، بما يوفر لها رؤية أوضح، تدعم قدرتها على اتخاذ القرار المناسب، بحسب ما قاله أبو باشا.
وثبتت لجنة السياسة النقدية أسعار الفائدة عند مستوى 18.75% للإيداع و19.75% للإقراض، وهو مستوى يرى أغلب العاملون في مجال الأعمال بمصر أنه غير مشجع للنمو والاستثمار.
ورفع البنك المركزي أسعار الفائدة 7% منذ تعويم الجنيه في نوفمبر 2016، من أجل كبح التضخم المتفاقم، والذي اعتبره صندوق النقد الدولي في أكثر من مناسبة أنه خطر يهدد الاقتصاد الكلي في البلاد.
وفي بيان أخير بمناسبة الموافقة على صرف الشريحة الثالثة من قرضه لمصر بقيمة ملياري دولار، أثنى صندوق النقد على سياسة المركزي المصري، المتشددة، واستهدافه خفض معدلات التضخم، بما يمكنه من الخفض التدريجي لمعدلات الفائدة في المرحلة المقبلة.
وطلب الصندوق من المركزي في البيان، أن يظل منتبها لأي تحرك جديد في معدلات التضخم، وأن يكون على استعداد لرفع معدلات الفائدة مجددا من أجل مواجهته.
وترى رضوى السويفي، رئيسة قسم البحوث في بنك استثمار فاروس، والتي كانت توقعت تثبيت سعر الفائدة، أن توقعات التضخم تشير إلى أن المركزي سيخفف من سياسته النقدية، لكن السؤال هو متى يتخذ هذا القرار؟.
"هناك عدة اعتبارات تحكم توقيت خفض الفائدة، على رأسها، ارتفاع أسعار البترول العالمية وتأثيره على التضخم" بحسب ما قالته رضوى.
كما أن مسار التضخم خلال العام المقبل، وتوافقه مع مستهدفات المركزي، واحد من العوامل الهامة في توقيت خفض الفائدة، وفقا لما قالته رئيسة قسم البحوث في فاروس.
وقالت رضوى إن نمو الطلب المحلي مع الانتعاشة المنتظرة في النشاط الاقتصادي، وأسعار الفائدة في الاقتصادات المتقدمة، من بين العوامل التي ينظر لها المركزي عند اتخاذه قرار خفض الفائدة.
ويتوافق حديث رضوى السويفي مع ما قاله المركزي في بيانه يوم الخميس الماضي، قائلا "سوف تستمر لجنة السياسة النقدية في متابعة التطورات الاقتصادية عن كثب بغرض التأكد من انحسار الضغوط التضخمية تماما قبل التراجع عن التقييد النقدي. وذلك بهدف تحقيق استقرار الأسعار على المدى المتوسط".
"تحفظ زائد"
لكن رغم كل هذه المبررات التي استند إليها المركزي وأغلب المحللين يرى خالد أن تحفظ المركزي ومواصلته سياسته المتشددة تعبر عن "تحفظ زائد عن اللازم".
وقال خالد إن أغلب الزيادات المتوقعة في أسعار بعض السلع والخدمات خلال 2018 ستحدث خلال النصف الثاني من العام، وبالتالي تثبيت أسعار الفائدة حاليا لا علاقة له بهذه الزيادات، كما يرى البعض.
وأضاف أن المركزي سيخفض أسعار الفائدة خلال الأشهر القريبة المقبلة، وبالتالي كان من الأفضل اتخاذ القرار مبكرا وقياس رد فعل السوق عليه، قبل رفع الأسعار بفترة كافية.
"كما أن الفارق بين متوسط معدل التضخم المتوقع في 2018 وأسعار الفائدة الحالية أو أسعار العائد على أذون الخزانة كان يمكن معه حدوث خفض مبكر لأسعار الفائدة"، بحسب ما قاله خالد.
ومن المتوقع أن ينخفض معدل التضخم إلى حدود 23% خلال ديمسبر الحالي على أن يصل إلى حدود 18 أو 19% خلال يناير، بحسب بنوك استثمار.
وتشير التوقعات إلى أن الحكومة ستقدم على جولة جديدة من رفع أسعار الخدمات والسلع خلال العام المقبل، ضمن خطتها لضبط المالية العامة، والسيطرة على عجز الموازنة، من بينها أسعار البنزين والسولار والبوتاجاز والكهرباء والمياه وتذكرة مترو الأنفاق.
ويرى خالد أن تثبيت أسعار الفائدة أعاد طرح المناقشات بشأن قلق البنك المركزي من بعض المؤشرات خلال الشهور المقبلة.
"كما أن التثبيت سيؤجل بدء مستثمرين محليين وأجانب ضخ استثمارات جديدة كانوا ينتظرون خفض أسعار الفائدة لتنفيذها، لأنه ليس هناك رسائل محددة توحي بالثقة في الوضع الحالي"، بحسب خالد.
وكان نعمان يفضل أن يخفض المركزي أسعار الفائدة ولو بنسبة قليلة من أجل إعطاء إشارة ثقة في الاقتصاد، وتحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية.
اقرأ أيضا:
توقعات متباينة لقرار المركزي بشأن أسعار الفائدة في اجتماع الخميس المقبل
مصرفيون يتوقعون تثبيت أسعار الفائدة في اجتماع البنك المركزي غدا
لماذا تراجع التضخم السنوي لأدنى مستوى في 2017 رغم استمرار الغلاء؟
البنك المركزي يوضح أسباب قيامه بتثبيت أسعار الفائدة
البنك المركزي يثبت أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض
فيديو قد يعجبك: