هل تنافس الشركات البنوك بعد السماح لها بمزاولة التمويل متناهي الصغر؟
كتب - مصطفى عيد:
اختلفت آراء الخبراء المصرفيون بشأن دخول الشركات التي تحصل على ترخيص لممارسة نشاط التمويل متناهي الصغر في منافسة مع البنوك بعد أن سمح القانون الذي أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي للشركات بممارسة هذا النشاط.
وبينما يرى خبراء أن الوضع الحالي رغم الإصلاحات التي حدثت لن يخلق مناخًا يشجع كلا من البنوك والشركات على المنافسة بقوة في هذا المجال، يرى آخرون أن الوضع الحالي يؤهل للتكامل بين البنوك والشركات وليس للتنافس.
آليات وأفكار مختلفة
ومن جانبه، قال الدكتور محمد فاروق الخبير المصرفي وعضو المجلس المصري للشؤون الاقتصادية إن هناك دائمًا فجوة كبيرة في مصر بين إصدار القوانين وبين تنفيذها، كما يتم دائمًا تفسير هذه القوانين لصالح السلطة وليس لصالح العملاء أو الأفراد.
وأضاف خلال اتصال هاتفي مع مصراوي أنه لن يحدث أي تغيير بخصوص النتائج المحققة في مجال التمويل متناهي الصغر والصغير والمتوسط طالما لم تتغير آليات التعامل والفكر بما يتناسب مع هذا النوع من التمويل.
وأشار فاروق إلى أن بعض البنوك أنشأت إدارات للتعامل مع تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة وفشلت هذه الإدارات بسبب اختلاف آليات هذا النوع من التمويل عن آليات القروض الشخصية والكبيرة، وهو ما لن يختلف الوضع معه بشأن التمويل متناهي الصغر
ونوه إلى أنه عند النظر إلى عناصر مثلث الائتمان وهي الإدارة والضمانات ودراسة الجدوى، فلا تتوافر لدى طالب التمويل متناهي الصغر هذه العوامل وخاصة الخبرة، بالإضافة إلى أن صغر المشروع يزيد من فرص فشله بسبب عدم القدرة على المنافسة مع الكيانات الكبيرة.
ولفت فاروق إلى أن الأمر سيكون أكثر تعقيدًا بالنسبة لممارسة الشركات هذا النوع من التمويل وليس كما هو المتوقع أن تكون أكثر قدرة على التعامل مع هذا المجال، فالشركات لها مجالس إدارات يتم محاسبتها في الوقت الذي ستجد فيه هذه الشركات نسبة تعثر المشروعات التي مولتها في زيادة بسبب الوضع الاقتصادي الحالي.
وشدد على أن الحل يكمن في وجود آليات اقتصادية اجتماعية لتمويل هذه المشروعات وليست آليات مصرفية، حيث لابد من مراعاة البعد الاقتصادي والاجتماعي والتمويلي، وأن يغلب على هذا التمويل الربحية القومية، وليس الربحية المؤسسية، منوهًا إلى أنه يمكن استخدام بعض آليات التمويل الإسلامي في هذا النوع من التمويل مثل الإيجارة، وهو ما يمكن معه الاستغناء عن شرط الضمانات.
ونبه إلى أنه حتى قبل السماح للشركات في الدخول في مجال التمويل متناهي الصغر، لم تتنافس البنوك في هذا القطاع مثلما تتنافس على سبيل المثال على القروض الشخصية، مرجعًا ذلك إلى عدم وجود آليات واضحة تحكم هذا المجال، والمشكلات في التنفيذ، وقال: "لا يوجد فكر ائتماني يتماشى مع هذه النوعية من تمويل المشروعات".
تكامل لا تنافس
ومن ناحيته، قال حمدي عزام نائب رئيس بنك التنمية الصناعية والعمال إنه من الصعب وجود منافسة بين الشركات والبنوك في مجال التمويل متناهي الصغر، ولكن التكامل هو الأقرب للحدوث.
وأضاف خلال اتصال هاتفي مع مصراوي أن البنوك لا تستهدف هذا النوع من العملاء، كما أنه ليس لدى بعض هؤلاء العملاء ثقافة التعامل مع البنوك، بالإضافة إلى مشكلة التعامل مع السوق غير الرسمية والأوراق المتعلقة بمشروعاتهم وهو ما ستستطيع الشركات التعامل معه بخلاف البنوك.
وأوضح عزام أن الشركات لديها من شبكة الفروع والمختصين الذين ينزلون للشارع للبحث والتحصيل ما ليس لدى البنوك، كما أن دور هذه الشركات سيظهر في تهيئة هؤلاء العملاء خاصة مع التوسع في مشروعاتهم في مرحلة لاحقة للتعامل مع البنوك والانتقال من الاقتصاد غير الرسمي إلى الرسمي.
وأشار إلى أن التكامل ما بين البنوك والشركات قد يظهر في اقتراض الشركات من البنوك المبالغ التي تحتاجها، على أن تقوم هذه الشركات بالتعامل المباشر مع عملاء التمويل متناهي الصغر.
أول شركة
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي أصدر قانون التمويل متناهي الصغر في شهر نوفمبر الماضي، وهو التشريع الذي وضع ضوابط للترخيص وممارسة نشاط التمويل متناهي الصغر بالنسبة للجمعيات الأهلية، والشركات التي تم فتح الباب أمامها لأول مرة لممارسة هذا النشاط.
وأعلنت شركة خدمات المشاريع متناهية الصغر، والتي تعمل تحت اسم ''ريفي'' يوم الاثنين الماضي أنها حصلت على أول ترخيص من هيئة الرقابة المالية لمزاولة نشاط التمويل متناهي الصغر، لتصبح أول شركة في مصر مرخصة لمزاولة هذا النشاط وذلك بعد صدور قانون رقم 141 لسنة 2014 في نوفمبر الماضي لتنظيم نشاط التمويل متناهي الصغر.
وقال أحمد البردعي رئيس مجلس إدارة الشركة في بيان سابق لها: ''كان من الضروري دخول رأس المال الخاص لينمو هذا القطاع، خاصةً وأن الدولة لا تملك القدرة في الوقت الحالي على الاستثمار فيه".
فجوة تمويلية
وقالت غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي في بيان للوزارة اليوم الأحد أنه يعمل بالتمويل متناهي الصغر عدد من البنوك المصرية أهمها بنوك القاهرة، والأهلي المصري، وبنك مصر، بالإضافة إلى أكثر من 500 جمعية أهلية تشرف عليها وزارة التضامن، وشركتان.
وأشارت إلى أن حجم التمويل متناهي الصغر تخطى 3 مليارات جنيه، كما تخطى عدد المقترضين النشطين 1.7 مليون مصري ومصرية
ولفتت الوزيرة إلى أنه نظرًا لكون الفجوة التمويلية في هذا القطاع تقدر بـ 75 بالمئة، هناك توقع بنمو كبير في هذه الصناعة، منوهة إلى أكثر من شركة دولية وصناديق تمويلية أبدت اهتمامًا كبيرًا بصدور قانون التمويل متناهي الصغر.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: