مصر تفقد أكثر من 4 مليار دولار في 5 أشهر.. والجنيه يستمر في الانهيار
تقرير - أحمد عمار:
على الرغم من مقدرة مصر في الحصول على مساعدات ومنح وقروض خلال المؤتمر الاقتصادي الذي عقد شهر مارس الماضي، ساعدت على تسجيل احتياطي النقد الأجنبي لمصر أكبر ارتفاع له منذ 2011، إلا أنه في أقل من 5 أشهر فقدت مصر أكثر من 4 مليار دولار من احتياطي النقد الأجنبي.
ويعد مافقدته مصر من الاحتياطي خلال تلك المدة القصيرة رقمًا كبيرًا مقارنة بالشهور التي سبقت المؤتمر الاقتصادي، الأمر الذي يظهر وجود مشكلة في موارد النقد الأجنبي.
وكان سجل احتياطي مصر من النقد الأجنبي بنهاية أبريل الماضي نحو 20.525 مليار دولار وهو أعلى مستوى له منذ 2011، ولكن على مدار نحو 5 أشهر خسر الاحيتاطي نحو 4 مليار دولار لينخفض إلى 16.335 مليار دولار بنهاية شهر سبتمبر.
وساعد مصر على تدعيم الاحتياطي حصولها على منح وودائع خليجية خلال المؤتمر الاقتصادي، فقد أعلن هشام رامز محافظ البنك المركزي في 22 من شهر أبريل الماضي أن 6 مليار دولار ودائع من السعودية والإمارات والكويت وصلت إلى مصر.
التسليح
ومن جانبه، يرى جلال الجوادي مدير رقابة على النقد بالنك المركزي سابقاً، أن فقدان احتياطي مصر نحو 4 مليار دولار في 5 أشهر أمر طبيعي، في ظل إلتزامات مالية على الدولة يجب تغطيتها من قروض سابقة أو متأخرات شركات البترول، بالإضافة إلى الواردات التي لا تنقص وإنما ترتفع كل فترة مع زيادة عدد السكان.
وقال ''جوادي'' خلال اتصال هاتفي مع مصراوي، إن تراجع الاحتياطي ناتج عن تفاعل عوامل مختلفة منها الالتزامات المالية الدولية على مصر كالقروض، وقيام الحكومة بسداد جزء من مسحتقات شركات البترول التي تأخرت كثيرًا خلال الأعوام السابقة.
وكان قال المهندس طارق الملا وزير البترول، إنه تم خفض مديونيات الشركات الأجنبية على الحكومة المصرية من6.3 مليار دولار إلى 3 مليارات دولار حاليًا، وهناك خطة لسدادها بالكامل قبل منتصف العام المقبل.
كما أوضح هشام رامز محافظ البنك المركزي خلال الشهر الماضي، أن مصر سوف تسدد سندًا تم إصداره منذ 5 سنوات وحان أجل سداده بقيمة تصل إلى نحو 1.250 مليار دولار ومصر جاهزة للدفع، ولكنه لم يعلن بعدها إتمام سداد هذا السند.
وأضاف مدير رقابة على النقد بالمركزي سابقًا، ''كما أن هناك واردات تضغط على الاحتياطي تزادا كل فترة ولا تنقص بارتفاع عدد السكان، ولكن في نفس الوقت هناك بعض الوارادات مبالغ في حجمها''.
وتوقع الخبير المصرفي، ''أن تراجع الاحتياطي بهذا الحجم قد يكون ناتج كذلك عن استخدام جزء منه في تمويل واردات التسليح التي تعاقدت عليها مصر، وإن كانت تدور الأنباء عن قيام السعودية والإمارات بتمويل تلك الصفقات، ولكن قد يكون التمويل ليس كامل فهناك جزء على مصر ستقوم بدفعه''.
وتابع ''نسبة تراجع الاحتياطي خلال تلك الفترة تعد طبيعية كذلك في ظل توجه الدولة للتنمية والنهضة بشكل عام، وضغوطات في المصروفات''.
وأشار إلى أن ارتفاع الاحتياطي بنهاية شهر أبريل الماضي إلى 20.552 مليار دولار، ''ناتج عن المساعدات العربية التي تلقتها مصر، ولكن تلك المعوانات تقف عند حد معين، البلد لن تعتمد على الدعم العربي''، -حسبما قال-.
وعن استمرار انخفاض الجنيه أمام الدولار، قال الخبير المصرفي، إن قيام البنك المركزي بتحريك سعر الدولار بالبنوك لن يقضي على السوق السوداء أو يعالج المشكلات لأن هناك نقص حقيقي في معروض الدولار مقابل الطلب المرتفع، فالأزمة الحقيقية هي تراجع موارد النقد الأجنبي في مصر منذ 2011.
وأشار إلى أن موادر النقد الأجنبي تأثرت بشكل كبير منذ 2011، ولم ترجع حتى الآن إلى مستوياتها الطبيعية، فالسياحة مازالت متراجعة وارتفاعها ليس بالشكل المطلوب نتيجة العمليات الإرهابية، كما أن تحويلات المصريين في الخارج منخفضة ولم ترتفع بالقدر الكافي نتيجة أن أغلبهم يعملون في الدول العربية وبعض تلك الدول تعاني من اضطرابات كالعراق وليبيا.
الودائع القطرية تخلق تحديًا
وكان أكد هشام رامز محافظ البنك المركزي، إن عام 2015 هو أكثر الأعوام تحديًا للسياسة النقدية، وذلك للأعباء والالتزامات النقدية المستحقة على الدولة التي تمثلت في الالتزام بخدمة الدين الخارجي وسداد 6 مليار دولار وهي قيمة الودائع القطرية.
وقال رامز خلال اجتماع سابق مع اتحاد الصناعات لبحث مشكلات الصناعة المصرية الشهر الماضي، أن البنك المركزي ملتزم بسداد كافة الالتزامات المالية الخاصة بالدولة دون تأخير.
وأشار إلى أن البنك قام بسداد مستحقات الشريك الأجنبي في قطاع البترول، مما أعطى المزيد من الثقة للشركات العاملة في هذا المجال، ومن ثم قامت بضخ استثمارات جديدة في هذا القطاع متمثلة في اكتشاف حقل الغاز في البحر المتوسط.
وأوضح هشام رامز، أن الالتزامات السابقة غير متكررة وستشهد مصر انفراجة في عام 2016 مما يخفف من العبء على السياسة النقدية للدولة.
الجنيه
استمر البنك المركزي المصري في تطبيق سياسة تخفيض الجنيه أمام الدولار، حيث قام بتخفيضه للمرة الثالثة خلال العام الحالي، بالإضافة إلى التخفيضات في الأعوام السابقة.
ويتوقع مراقبون في السوق قيام المركزي بتخفيض آخر للدولار خلال الأسبوع المقبل، الأمر الذي دفع إلى اشتعال الدولار بالسوق السوداء نتيجة امتناع العديد من شركات الصرافة عن بيع الدولار.
وشهد سعر الدولار أمام الجنيه في البنوك قفزة كبيرة خلال تعاملات يوم الخميس الماضي حيث ارتفع 10 قروش دفعة واحدة بعد اتجاه البنك المركزي إلى خفض سعر الجنيه خلال عطاء اليوم لبيع الدولار، لتكون المرة الأولى التي تشهد صعود الدولار أمام العملة المصرية في 100 يوم.
للاطلاع على سعر الدولار بالبنوك.. اضغط هنا
كما اشتعل سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه بالسوق السوداء، وسجل سعر بيع الدولار للأفراد رقمًا قياسيًا ، وسط امتناع العديد من شركات الصرافة عن بيع الدولار، وسيطرة حالة من الترقب بشأن مدى استمرار البنك المركزي المصري في زيادة سعره مرة أخرى خلال تعاملات الأسبوع المقبل.
وقال أحد العاملين بشركات الصرافة خلال اتصال هاتفي مع مصراوي، إن سعر الدولار سجل بالسوق السوداء نحو 8.22 للشراء، ومابين 8.25 و 8.32 جنيهًا للبيع للأفراد.
مصر تسعى لجمع 4 مليار دولار
وكان أعلن شريف إسماعيل رئيس الوزراء، أن مصر تسعى لجمع 4 مليارات دولار من الخارج قبل نهاية 2015 من خلال اقتراض 1.5 مليار دولار من البنك الدولي والبنك الأفريقي للتنمية، بجانب طرح أراضٍ للمصريين في الخارج بقيمة 2.5 مليار دولار.
وأكد هاني قدري دميان وزير المالية، أن مصر ستحصل على قرض حجمه 3 مليارات دولار من البنك الدولي على مدى ثلاث سنوات من أجل دعم الموازنة العامة.
وأوضح أن ما أتيح من نقد أجنبي لتمويل الواردات من السلع والخدمات خلال العام المالي الماضي (2014-2015) بلغ نحو 81 مليار دولار، مقارنة بنحو 60 مليار دولار خلال العام المالي (2009-2010).
وأضاف ''دميان''، أن الـ81 مليار جنه تساوي نحو 27 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
ارتفاع في الأسعار.. والحكومة تعترف
ومن جانبه، أكد الدكتور شريف الجبلي رئيس غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات المصرية، في تصريحات سابقة له، أن أزمة الدوﻻر خانقة وتتزايد يومًا بعد يوم في ظل تجاهل البنك المركزي للأزمة.
وقال أحمد هيكل رئيس مجلس إدارة مجموعة القلعة للاستشارات المالية، إن هناك بدايات لارتفاع الأسعار نتيجة انخفاض مخزون السلع خلال الفترة الأخيرة بسبب مشكلة توافر الدولار، والحد الأقصى للإيداع، مبديًا تأييده في الوقت نفسه للسياسة النقدية للبنك المركزي بشأن الدولار، والتخفيض المتدرج لسعر العملة عبر مدة تتراوح ما بين سنتين إلى 3 سنوات حتى يتم توزيع تكاليف التضخم الناتج عنها بشكل يتم استيعابه.
وأوضح عادل ناصر سكرتير عام الاتحاد العام للغرف التجارية، إن السياسات التي انتهجها البنك المركزي منذ فبراير الماضي أدت إلى تكدس السلع بالموانىء، فضلًا عن ارتفاع أسعار غالبية السلع وتحديدًا الأساسية منها بنسب تتراوح فيما بين 25 و30 بالمئة.
وطالب ناصر، رئيس مجلس الوزراء بضرورة حل تلك المشكلات على وجه السرعة حتى لا تتفاقم الأوضاع داخل السوق المصرية الذي تسعى الدولة لأن يحقق معدلات نمو مرضية خلال السنوات القليلة المقبلة.
وأكد ضرورة إلغاء كافة الإجراءات التي اتخذها محافظ البنك المركزي هشام رامز والخاصة بالحد الأقصى لإيداع الشركات والأفراد على حد سواء 50 ألف دولار شهريًا، و10 آلاف دولار يوميًا، والعودة لأوضاع وسياسات ما قبل 28 يناير 2011، وترك التعامل على الدولار لمنظومة العرض والطلب.
وتعهدت الحكومة أثناء اجتماعها مع اتحاد الغرف التجارية، بحل أزمة نقص الدولار وإعادة النظر في سياسات البنك المركزي النقدية الخاصة بالتعامل على العملة الخضراء، وتحديدًا فيما يتعلق بقرارات الإيداع بالبنوك - بحسب بيان لغرفة الجيزة التجارية.
وأكد أحمد الوكيل رئيس اتحاد الغرف التجارية في تصريحات سابقة، أن الاقتصاد المصري يواجه العديد من المشكلات بسبب عدم قدرة البنوك التجارية على توفير الدولار، فضلًا عن اتباع البنك المركزي ''سياسات نقدية تؤدي لمشكلات لا يمكن لأحد توقع مداها''.
وقال الدكتور خالد حنفي وزير التموين، إن هناك جزء كبير من السلع الغذائية متأثر بارتفاع أسعار العملات الأجنبية أمام الجنيه المصري، مما يجعل ارتفاع سعر الدولار ينعكس مباشرة على الأسعار.
وأكد أنه لا توجد وزارة قادرة على حل مشكلة ارتفاع أسعار بعض السلع الغذائية، مشيرًا إلى أن ارتفاع الأسعار ناتج عن ارتفاع التكلفة.
فيديو قد يعجبك: