مخاوف من أزمة وقود حادة وصيف ''حالك'' في مصر
تقرير - أحمد عمار:
تزداد المخاوف في الفترة الأخيرة، من أن تشهد مصر أزمة في توفير مواد الطاقة والغاز، وبالأخص خلال الصيف المقبل، نتيجة الفجوة الآخذة في الاتساع بين ما تنتجه مصر محلياً من الغاز وزيادة الطلب، بالإضافة إلى عدم قدرة مصر في توفير الموارد المالية لاستيراد الغاز والمواد البترولية، وفي حال توقف الدعم العربي للمواد البترولية.
وعلى الرغم من دعم دول الخليج لمصر خلال 6 أشهر بداية من شهر يوليو حتى نهاية شهر ديمسبر الماضي بالمواد البترولية بما يساوي 4 مليار دولار، إلا أن المهندس شريف إسماعيل وزير البترول توقع أن يرتفع دعم المواد البترولية بنسبة 10 بالمئة خلال العام المالي الحالي ليصل إلى 120 مليار جنيه، مقارنة بالعام المالي (2012-2013).
وتشير تقديرات حكومية إلى أن من المرجح أن تتفاقم أزمة الطاقة في مصر في السنة المالية القادمة، مع إخفاق إنتاج الغاز في تلبية الطلب المحلي المتزايد، وتتوقع وزارة البترول أن يبلغ إنتاج الغاز 5.4 مليار قدم مكعبة يوميا والاستهلاك 5.57 مليار قدم مكعبة يومياً في السنة المالية التي تبدأ في يوليو القادم.
توقعات بأزمة في الصيف
من جانبه، توقع الدكتور تامر أبو بكر، رئيس لجنة الطاقة باتحاد الصناعات، أن تشهد مصر أزمة في الغاز خلال الفترة المقبلة، وبالأخص مع دخول فصل الصيف، بسبب تراجع إنتاج الغاز في مصر.
وقال رئيس لجنة الطاقة، خلال اتصال هاتفي بمصراوي، إن مصر كانت تنتج من الغاز خلال العام الماضي نحو 6.3 مليار قدم مكعب في اليوم، بينما تنتج خلال هذه العام 5.1 مليار قدم مكعب، على الرغم أن خطة الدولة هو إنتاج 6.8 مليار قدم مكعب، والذي سيتسبب في وجود عجز في توفير الغاز، مما سيؤدي إلى اتجاه الحكومة إلى توفيره من خلال الكهرباء، أو انقاص من حصة المصانع''.
وبحسب وكالة رويترز البريطانية للأنباء، قال مصدر بالوزارة إن إنتاج الغاز في السنة المالية الحالية لا يزال من المتوقع أن يتجاوز الاستهلاك حيث سيبلغ 5.31 مليار قدم مكعبة يوميا مقابل استهلاك قدره 4.95 مليار قدم مكعبة يوميا.
وأرجع أبو بكر تراجع إنتاج الغاز إلى عدم إلتزام مصر بسداد مستحقات الشريك الجنبي في الغاز والمواد البترولية، منذ ثورة 25 يناير، مما أدى إلى توقف تلك الشركات عن ضخ أي أموال لتنمية الحقول في مصر سواء كان في الصيانة العادية او لرفع الإنتاج.
وأشار إلى أنه من الصعب أن تعتمد الحكومة في استخدام المازوت بشكل كبير في إنتاج الكهرباء بديلاً عن الغاز، بسبب أنه من النواحي الفنية مضر بالغلايات التي تستخدم في توليد الحرارة، لوجود السالفة فيه بنسبة 3.5 بالمئة والتي تعمل على تآكل الحديد، وتقليل العمر الافتراضي لمحطات الكهرباء، كما أنه مضر بالبيئة.
وطالب رئيس لجنة الطاقة من الحكومة العمل على استيراد الغاز مع الإنتاج الداخلي، حيث أنه يمثل أرخض مواد الطاقة مقارنة بالمازوت كما أنه سهل التداول، ودعا الدولة كذلك إلى رفع أسعار الكهرباء والمواد البترولية تدريجياً، مع الإبقاء على أسعار الشريحة الأولى للطبقات الفقيرة كما هي دون أي زيادة في الأسعار.
كما طالب أبو بكر في إطار الحلول الذي يقدمها للحكومة للتغلب على مشكلة الغاز ومواد الطاقة، أن تقوم بالحد من الكهرباء التي تقدمها لصناعة نجح حمادي والتي تقدر بنحو 5 بالمئة، حيث أن كل طن تنتجه نجح حمادي في صناعة الألمونيوم تخسر منه الحكومة، حيث تقوم الدولة بتوفير الطاقة المستخدمة لمواجهة الأزمة، مع الإبقاء على المصانع والإلتزام بدفع المرتبات للعمال.
كما دعا إلى إعادة هيكلة أوقات تشغيل المصانع في الذروة، حيث من الممكن أن يتم توزيع عمل المصانع بداية من 1 صباحاً.
وعن توقعات وزير البترول المهندس شريف إسماعيل بارتفاع دعم المواد البترولية خلال العام المالي الحالي، على الرغم من حصول مصر على مساعدات من دول عربية خلال 6 أشهر بنحو 4 مليار دولار، توقع الدكتور تامر أبو بكر ذلك أن يكون ذلك راجعاً إلى إستخدام الأموال التي تم توفيرها في خلال الفترة التي دعمت الدول العربية مصر بالمواد البترولية، في سداد مستحقات الحكومة للشريك الأجنبي والتي تقدر بنحو 6.5 مليار دولار.
وكانت المالية، قامت بسداد نحو 1.5 مليار جنيه من مستحقات شركات البترول الأجنبية العاملة بمصر لدى هيئة البترول، من خلال 3 شرائح، فيما تم الاتفاق على سداد هيئة البترول للجزء المتبقي من المديونية - البالغ 4.8 مليار دولار - من مواردها الذاتية.
وأشار إلى أنه من المرجح مع استمرار دعم المواد البترولية وفقاً للآليات المتبعة حالياً، أن يصل دعم المواد البترولية إلى 200 مليار جنيه خلال عامين، داعياً الحكومة إلى اتباع آليات جديدة في دعم مواد الطاقة من خلال رفع الأسعار تدريجياً مع دعم الطبقات الفقيرة ومحدودي الدخل، وكذلك تغير أسلوب الدعم العيني، قائلاً''استحالة استمرار الدعم العيني للمنتجات البترولية، حيث أنها لاتشجع على ترشيد مواد الطاقة، ولا يشجع على تفعيل آليات الطاقات البديلة''.
آليات الدعم الحالية ''حنفية للمهربين والأغنياء''
وقال محمد سعد الدين، رئيس جمعية مستثمرو الغاز، ''إن أزمة توفير مواد الطاقة والغاز تعاني منه مصر بالفعل الآن، حيث أن إنتاج البلاد من الغاز لايكفي الاستهلاك، فقد يكون الأزمة غير ظاهرة على مستوى الأفراد، ولكن في المقابل المصانع تعاني من نقص الغاز وتعمل بنصف طاقتها، بالإضافة أن هناك العديد من المصانع متوقفة عن العمل بالفعل بسبب عدم إمدادها بالغاز الكافي للإنتاج''.
وكانت وزارة البترول قامت بفتح الباب للقطاع الخاص باستيراد الغاز لحسابه بدون مناقصات، وذلك لأول مرة من أجل تلبية الاحتياجات المتزايدة.
وأشار إلى أنه يتم تخصيص نحو 60 بالمئة من الغاز لمحطات الكهرباء، و30 بالمئة للمصانع كثيفة الطاقة، و7 بالمئة للمساكن والورش.
وعن اتجاه الحكومة وفتح الباب للمصانع لاستيراد الغاز دون طرح مناقصة، قال: ''السعر العالمي للغاز مرتفع حيث يراوح مابين 12 و 14 دولار، بينما السعر المحلي 6 دولار، وإذا قامت المصانع بشراء الغاز بالسعر العالمي ستتجه المصانع إلى رفع سعر المنتج''.
وأرجع رئيس جمعية مستثمري الغاز انخفاض إنتاج مصر من الغاز ومواد الطاقة إلى عدم توجه الحكومات السابقة خلال الخمس الأعوام الماضية في التوسع في اكتشاف حقول جديدة أو تطوير المعامل، بالإضافة إلى عدم إلتزام مصر بدفع مستحقات الشريك الأجنبي من الغاز ومواد الطاقة التي تأخذها الحكومة.
وكان وزير المالية أحمد جلال، أوضح في تصريحات سابقة، ''أن هيئة البترول المصرية نجحت في عقد اتفاقيات تأجيل سداد ''Deferral Agreement'' لجزء من المستحقات المتبقية بقيمة 3 مليارات دولار تسدد على أقساط شهرية يمتد بعضها حتي ديسمبر 2017، وأن الهيئة تقوم حالياً بمفاوضات للاتفاق على جدولة سداد الجزء المتبقي وقدره 1.8 مليار دولار''.
وطالب سعد الدين من الحكومة العمل على رفع الدعم عن سلعة الغاز وإعطائه للأفراد من خلال بطاقة الرقم القومي، مما يعمل على توفير 30 بالمئة من الغاز الذي يتم تهريبه، بالإضافة إلى عدم استفادة الأغنياء سواء من مصانع كبيرة أو السفارات من الدعم، خصوصاً في ظل عدم قدرة الدولة على توفير المال اللازم للدعم.
وقال: ''الآلية الحالية للدعم عبارة عن حنفية مفتوحة على (البحري) للأغنياء والمهربين، ولذلك من الطبيعي أن يرتفع قيمة الدعم الحكومة للمواد البترولية كل عام عن سابقه''.
ودعا الحكومة إلى اتخاذ قرارات في معالجة منظومة الدعم الحالية واعطائه للمستحقين بدلاً من المافيا، حيث من المتوقع أن تحدث أزمة في حال توقف الدعم الخليجي لمصر.
وكان منير فخري عبد النور وزير التجارة والصناعة، قال في تصريحات صحفية سابقة، ''إن الامدادات المحلية من النفط والغاز لا تكفي لتغطية احتياجات الصناعة المصرية واستهلاك الأسر''.
وعن توقيع مصر لنحو 26 اتفاقية مع شركات أجنبيه للبحث والتنقيب عن الغاز والبترول في مصر، قال ''لكي تظهر النتائج الإيجابية لتلك الاتفاقيات، لن يكون أقل من 4 سنوات، ولن يظهر بشكل فوري''.
وكانت مصر استطاعت بعد أحداث 30 يونيو، أن تعقد العديد من الاتفاقيات للبحث عن النفط والغاز داخل البلاد، مع العديد من الشركات الأجنبية، باستثمارات تقدر بأكثر من 1.8 مليار دولا، حيث بلغت عدد الاتفاقيات التي وقعتها مصر مع شركات نفط أجنبية، نحو 26 اتفاقية خلال 3 أشهر.
ومن أبرز المناطق التي من المتوقع أن تقوم تلك الشركات بالبحث عن البترول فيها الصحراء الغربية، والشرقية، وخليج السويس، وسيناء، ودلتا النيل، والبحر المتوسط، كما كان من أبرز تلك الشركات التي وقعت معها مصر هذه الاتفاقيات، شركة شل الهولندية وأباتشي الأمريكية ودانا غاز الاماراتية وبريتش بتروليوم وسي دراجون الكندية وفيجاس اليونانية.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: