الاقتصاد يمنع كوريا الشمالية من الحرب !
كتب - محمد سليمان:
أثار تهديد كوريا الشمالية بتوجيه ضربة صاروخية قد تحمل أسلحة نووية للولايات المتحدة الامريكية وحلفاءها في آسيا، مخاوف مواطني العالم أجمع، مع قد يتطور إليه الأمر واحتمالية نشوب حرب بين عدة أطراف عالمية.
وكان جيش كوريا الشمالية قد أعلن مساء الاربعاء الماضي انه حصل على موافقة نهائية لشن ضربات ''لا هوادة فيها'' على الولايات المتحدة تشمل امكانية استخدام الاسلحة النووية ''المتطورة''.
وقال رئيس اركان الجيش في البيان الذي نشرته وكالة الانباء الكورية الشمالية انه يبلغ واشنطن رسمياً ان التهديدات الاميركية يمكن ان ''تسحق الكثير بوسائل ضاربة نووية متطورة اصغر واخف ومتنوعة'' وان ''العملية التي لا رحمة فيها لقوات (نا) المسلحة الثورية تمت دراستها بصورة نهائية والمصادقة عليها''.
ومع اختلاف اراء السياسيين والعسكريين بِشأن قدرة كوريا الشمالية على توجيه ضربة نووية للولايات المتحدة الأمريكية، يشير الواقع الاقتصادي الكوري الشمالي إلى صعوبة قيامها بأي إجراء مسلح تجاه الولايات المتحدة.
الاتجاه الاصلاحي ووعود الرئيس
تعتبر كوريا الشمالية من الدول القليلة التي لاتزال تمارس الاقتصاد الشمولي، حيث تدير الدولة كل شيء وتتحكم في الأسعار والانتاج وكل أوجه النشاط الاقتصادي في الدولة من خلال تحكم مركزي موجه.
وعقب وفاة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج ايل، وتولي ابنه الأصغر كيم جونغ أون شئون البلاد في ديسمبر 2011، أعلن الأخير نيته تحسن المستوى المعيشي لمواطنيه، بعد أعوام من المعاناة الاقتصادية.
ويعاني الاقتصاد الكوري من عدد كبير من المشكلات المزمنة، فرغم سيطرة السلطات هناك على تدفق المعلومات وحرية نشرها، الإ أن الأرقام الصادرة عن المنظمات الاقتصادية الدولية تشير إلى أن كوريا الشمالية هي واحدة من أفقر وأقل دول العالم في النمو كما يعاني نحو 16 مليون كوري شمالي من سوء التغذية التي تشمل 28% من الاطفال الذين تقل اعمارهم عن خمس سنوات.
ومؤخرًا.. أعلن عن تعيين باك بونغ جو، المعروف باتجاهه الاصلاحي الاقتصادي في منصب رئيس الوزراء في كوريا الشمالية ما يظهر رغبة في الخروج من محنته المالية.
وتشير رغبة ووعود الرئيس الكوري إلى اتجاه اقتصادي مغاير خلال الفترة القادمة، في محاولة لانتشال البلاد من الفقر، وهو ما قد يمنعه من القيام بأي خطوات هجومية فعلية على أهداف غربية.
المعونات والمنح
تعرضت كوريا الشمالية لأزمة اقتصادية كبيرة خلال تسعينات القرن الماضي، تطورت إلى مجاعة فعلية لم ينقذها منها سوى تدخل المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، وتقديم مساعدات مالية وغذائية.
ومنذ ذلك الحين وتحصل كوريا الشمالية على مساعدات ومنح دولية من مؤسسات وهيئات دولية، ناهيك عن المساعدات التي تحصل عليها من سويسرا وعدد من الدول الغربية، بالإضافة إلى حلفاءها روسيا والصين.
وتقف حاجة كوريا لمثل هذه المساعدات المالية عائقًا أمام إمكانية دخولها في حرب واسعة في الوقت الحالي، مع هشاشة اقتصادها وحاجتها للمساعدات التي تحصل عليها.
العملة ومجمع ''كاي سونغ''
تعد مصادر الدخل الأجنبي بالنسبة لكوريا الشمالية محدودة للغاية، بسبب غياب تام للاستثمارات الاجنبية في البلاد، وعدم وجود نشاط سياحي كبير.
ويعتمد الاقتصاد الكوري على المساعدات والمنح، بالإضافة إلى الصادرات التي تشمل الحديد والفحم والرصاص، والنحاس، والذهب.
ويعد مجمع ''كاي سونغ'' الصناعي الواقع في كوريا الشمالية، بمحاذاة المنطقة المنزوعة السلاح مع كوريا الجنوبية، أحد أكبر مصادر الدخل الأجنبي للدولة الشمالية، و المجمع تأسس عام 2003 بهدف تمكين كوريا الجنوبية من تصنيع بضائعها مستفيدة من العمالة الكورية الشمالية المحلية.
والمجمع أمن لكوريا الشمالية ما يزيد عن مليار ونصف المليار يورو منذ تأسيسه، حيث يضم 123 شركة للملابس، والأقمشة، وقطع السيارات والأدوات الكهربائية، وهو ما قد يمنع كوريا الشمالية من توجيه ضربة عسكرية لجارتها في الوقت الذي تحتاج فيه للدخل الناتج عن المجمع الصناعي المشترك.
ويعد مجمع ''كاي سونغ'' الصناعي هو المورد الأكبر لحجم التبادل التجاري بين الكوريتين، كما يمثل واحد من أخر المواقع التجارية التي يتم من خلالها التعاون بين البلدين.
فيديو قد يعجبك: