إعلان

وزير المالية منذ 14 عامًا: ''لا'' للضرائب والقروض.. و''الجهاد الاقتصادي'' هو الحل

02:07 م الإثنين 07 يناير 2013

كتب - محمد سليمان:

يعتبر الدكتور المرسي حجازي وزير المالية الجديد، والذي أدي اليمين الدستوري أمس الأحد، أحد الخبراء المتهمين بالاقتصاد الاسلامي، والرافضين للاقتراض الداخلي والخارجي، وهو ما يثير التساءلات حول إمكانية تعامله مع الاقتصاد المصري خلال الفترة القادمة، خاصة إدارة مفاوضات مصر مع صندوق النقد الدولي بشأن قرض الـ 4.8 مليار دولار.
 
وفي الفترة من عام 1997 إلى 1999، تولي المرسي منصب عميد كلية التجارة، بجامعة بيروت العربية، حيث أصدر انذاك بحثًا بعنوان ''اتساع نطاق الدين العام في دول العالم الإسلامي المشكلة والحلول''.
 
ويفند البحث أسباب ونتائج الديون السيادية للدول، وكيفية حل هذه الأزمة من منظور اسلامي بحت، كما يعلن "المرسي" رفضه الشديد لأي زيادة في الضرائب أو الاستدانة من الخارج، معلنًا أن اتباع الشريعة يعتبر ''جهادًا اقتصادياً''.

وفي سياق بحثه.. يعرف "المرسي" البحث الدين العام لإحدى الدول في تاريخ معين بأنه مجموع القروض العامة التي حصلت عليه تلك الدولة وفوائدها حتى ذلك التاريخ، ويؤكد أن أن دول العالم الإسلامي كله تقريباً تعاني من مشكلة عجز الموازنة وتفاقم الدين العام.
 
ويشير وزير المالية في سياق البحث إلى أن اتساع نطاق الدين العام أصبح يمثل مشكلة اقتصادية أساسية في بلدان العالم الإسلامي تسبب التضخم وارتفاع معدلات الفائدة وتخفيض حجم الاستثمارات تبعا لذلك لتزاحم الدولة القطاع الخاص من أجل توفير الاحتياجات التمويلية، كما يسبب الدين العام تبعية اقتصادية وسياسية للدول الدائنة.

وتتمثل فرضية الدراسة في أنه يمكن علاج مشكلة الدين العام في بلدان العالم الإسلامي، بالتدريج وعلى مدى فترة زمنية ممتدة في ظل توفر البيئة الإسلامية.

وتم عرض ثلاثة مداخل لعلاج مشكلة الديون وعجز الموازنة، وهي مداخل المؤسسات الدولية، والدول المدينة، والمدخل الإسلامي، حيث تقترح المؤسسات الدولية أوجه العلاج على أساس ضرورة التخلص من فائض الطلب على الموارد الاقتصادية في الدول المدينة باستخدام السياسات المالية والنقدية الانكماشية.
 
أما على صعيد الدول المدينة فإن الحل يعتمد على مبدأ المسئولية المشتركة في السياسات الاقتصادية الخاطئة لكل من الدول المدينة والدائنة، ولذا ينبغي إلغاء جانب من الديون وفتح الأسواق أمام  منتجات الدول المدينة.

وعلى صعيد المدخل الإسلامي فإن تفعيل أحكام الشريعة الإسلامية في المجال الاقتصادي وخصوصا صيغ التمويل الإسلامية القائمة على مبادئ المشاركة في الربح والخسارة، أو البيع، أو المشاركة والإنتاج، أو في القروض الخالية من الربا يمكن أن يحل المشكلة في ظل البيئة الإسلامية، خصوصا مع تحمل الدول الدائنة  لجزء من المسؤولية. 
 
لا للضرائب والاقتراض 
 
يقول المرسي في بحثه، ''إن خطورة أزمة الدين أن لها دينامية تدعم نفسها بنفسها، وتجعل الدول المدينة تواجه مشكلة مصيدة الديون، كما أن زيادة الفقر في الدول النامية يقلل من فرص النمو في الدول المتقدمة لأن الدول النامية ستقلل من وارداتها من الدول المتقدمة لتستطيع سداد الدين العام''.
 
ويعلن وزير المالية رفضه لزيادة الضرائب لتمويل عجز الموازنة قائلًا: ''إذا تمت زيادة الضرائب على الأرباح لتمويل العجز، فان مؤسسات الأعمال تنقلها العبء إلى المستهلكين في شكل ارتفاع في الأسعار، وهكذا  يتحمل المستهلكون (العاملون) هذه الضرائب، وبالمقابل قد يطلب العاملون زيادة في أجورهم تعادل الارتفاع في الأسعار ويؤدي هذا إلى تخفيض هامش الربح للمؤسسات الخاصة على الأجور والمرتبات، وهذا بدوره سيؤدى إلى انخفاض معدلات الاستثمار والذي يمول من خلال  إعادة توظيف واستثمار الأرباح''.
 
كما يرفض المرسي الاقتراض لحل الأزمة بقوله: ''يسبب التمويل من خلال الدين العام (على الأرجح) آثارا طاردة أو مزاحمة، فالأموال التي اكتتب بها القطاع الخاص والأفراد كان بالإمكان توجيهها نحو الاستثمار أو بناء المنازل أو زيادة الاستهلاك الذي من شأنه تحفيز الإنتاج، وهكذا فإن جزءا لا يستهان به من السيولة الخاصة قد تم امتصاصها في القنوات الحكومية  مما قد  يكون له آثارا انكماشية''.
 
وتابع: ''والنتائج المحتملة لذلك هي انخفاض الاستثمار الخاص وارتفاع معدلات التضخم، ولكن هذه الطريقة مرغوبة من قبل السلطات السياسية مقارنة بالضرائب لأنه يمكنها بهذه الطريقة زيادة الإنفاق العام دون زيادة الضرائب، ودون خضوعها لتساؤل المؤسسات التشريعية أو لمحاسبتها''.
 
ويضيف الوزير: ''أما القروض الربوية فإن مجالها سيكون محدوداً جداً في البيئة الإسلامية لتمويل عجز الموازنة وخصوصاً القروض الخارجية والتي يترتب عليها تبعية اقتصادية ولكن قد تضطر الدولة الإسلامية في مرحلة الانتقال من التمويل الربوي إلى التمويل الإسلامي وتحت ضغط الأولويات الحرجة للاستدانة من السوق العالمية الربوية''. 
 
حلول المؤسسات الدولية 
 
وهى حلول البنك الدولي والصندوق وما يرتبط بها: نادى باريس ونادي لندن:  أو ما يطلق عليه المنهج الانكماشي، يستند هذا المنهج على فكرة أن الاقتصاد الرأسمالي قادر على أن يتوازن ويستقر آليا  وبشرط احترام الحرية الاقتصادية وآليات السوق والمنافسة الحرة وابتعاد الدولة عن التدخل في النشاط الاقتصادي. ووفقا لهذا المنهج  سبب عجز الموازنة هو تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي ومحاولتها تحقيق الرفاهية الاقتصادية، لذا يتطلب الأمر من البلد المدين للخارج من أجل إعادة جدولة ديونه أن يوافق على برنامج الصندوق للتثبيت الاقتصادي كشرط أولي للإصلاح المالي.
 
ويشير البحث إلى اشتراط المؤسسات الدولية تخفيض النفقات عن طريق، خفض النفقات التمويلية ذات الطابع الاجتماعي من خلال إلغاء الدعم السلعي، وخفض الأجور ووضع حد أقصى لها أو تجميدها وإلغاء الوظائف الشاغرة والمؤقتة وتجميد  التعيين، والتخلص من الدعم الاقتصادي لوحدات القطاع العام من خلال تصفية الوحدات والخصخصة والإدارة التجارية ورفع الأسعار، وخصخصة الأنشطة في مجالي الصحة والتعليم، ورفع الدولة يدها عن توظيف الخريجين.
 
كما تشترط المؤسسات الدولية، زيادة الموارد العامة، من خلال زيادة أسعار الطاقة خصوصا المرتبطة بالاستهلاك العائلي مع زيادة رسوم استخدام المرافق العامة وإعادة النظر في فلسفة التعليم المجاني، وزيادة فئات بعض الضرائب غير المباشرة على السلع الضرورية، والخصخصة، ووضع سقف للائتمان المصرفي المسموح به للحكومة في القطاع العام. 
 
الحل الاسلامي

يقول المرسي في سياق بحثه أن ''مختلف المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها بلدان العالم الإسلامي ومنها تفاقم مشكلة الدين العام  ترجع في حقيقتها و جوهرها إلى إهمال قواعد ومبادئ الشريعة الإسلامية الغراء في مختلف الجوانب  الاقتصادية للأمة الإسلامية''.
 
وتابع وزير المالية الجديد في سياق بحثه، ''لا شك أن قواعد الشريعة تساهم في تحقيق معدلات عالية من النمو الاقتصادي ومن إيرادات الدولة ومنها تحريم الربا، وفرض الزكاة، واسترداد الموارد الاقتصادية المقطوعة  للأفراد من قبل الدولة إذا عجزوا عن الاستثمار فيها خلال فترة زمنية معينة، وتحريم اكتناز الأموال والذهب والفضة، مما يقلل من حاجة المجتمع للاستدانة لتغطية عجز الموازنة العامة أو ميزان المدفوعات''.
 
ويضيف: 'إن أهمية اتباع قواعد الشريعة الغراء في مجال الاقتصاد  والذي اعتبره جهادا اقتصاديا ضروريا فهو لكي يتكامل الجانب الاقتصادي والشرعي في إنجاح برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتخلص من مشكلات التبعية الاقتصادية للغرب وضخامة اتساع الديون العامة''.
 
ويصل المرسي بنهاية بحثه إلى نتيجة مفداها ''أن مشكلة اتساع الدين العام في بلدان العالم الإسلامي يمكن علاجها  تدريجياً وعلى مدى فترة زمنية ممتدة،شرط الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية في مجالات اكتساب المال العام وإنفاقه مع ضرورة تحمل الدول الدائنة لجزء من مسؤولية تفاقم المشكلة''.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان