صدفة كشفت أسرار ليلة الانتقام والنار.. قصة قتل 3 أشخاص وحرق جثامينهم بالجيزة
كتب - محمد شعبان:
الواحدة ظهر السبت الماضي شكلت أدخنة كثيفة سحابة سوداء بقرية بني سلامة مركز منشأة القناطر شمال محافظة الجيزة. دوي سارينة سيارات الإطفاء حاز اهتمام الأهالي الذين تتبعوا خط سيرها وصولا إلى وجهتها بجمعية الحسين الزراعية.
الحدث جلل والمصاب عظيم، حريق هائل داخل صوبة مبيت أفراد تركه خاوٍ على عروشه ليس هذا فحسب بل سجل مشهدًا مأساويا سيظل عالقا في أذهان الجميع. مع انتهاء عملية الإطفاء وبدء مرحلة التبريد اكتشف رجال الشرطة 3 جثامين في حالة تفحم وعلى بعد أمتار دراجة نارية طالتها النيران.
للوهلة الأولى بدا الحادث قضاء وقصدر خاصة مع اعتياد مسؤولي الجمعية إشعال النار للتدفئة مع البرد القارس إلا أن توافد رجال البحث الجنائي بقطاع أكتوبر كان يشير إلى شكوك بوجود شبهة جنائية.
قيادة أمنية رفيعة المستوى كان حضورها بمثابة مفعول السحر. حضور تلاه نشاط ملحوظ فالكل يهرول لجمع المعلومات سؤوال شهود عيان عن اللحظات التي سبقت أو تلت الحريق مباشرة؛ أملا في إيجاد إجابة لأسئلة تلوح في الأفق أهمها "ماذا حدث تلك الليلة"؟.
على بعد أمتار من ركام الحريق، حرص العميد محمد أمين رئيس مباحث القطاع على فحص المكان بشكل دقيق دون الاكتفاء بمعاينة ضباطه. ثمة ملحوظة كانت بداية فك طلاسم القضية باكتشاف اختفاء سيارة دفع رباعي ملك المجني عليه الأول المهندس حسن إبراهيم البرقى 34 سنة لتنتفي هنا احتمالية نشوب الحريق "قضاء وقدر".
خطة بحث محكمة أعدها اللواء محمد الشرقاوي مدير مباحث الجيزة، تركزت على فحص علاقات المجني عليهم الثلاثة -خاصة الثلاثيني- وتتبع كاميرات المراقبة بخطوط السير المحتملة لهروب الجناة بالتنسيق مع إدارة المساعدات الفنية بالمديرية بقيادة الرائد محمد إدريس.
رحلات بحث مكوكية قطعها ضباط مباحث منشأة القناطر بقيادة المقدم محمد الجوهري؛ لجمع المعلومات وتكوين صورة كاملة عن علاقات وتعاملات المجني عليهم فكان لها بالغ الأثر في حل اللغز.
قبل 48 ساعة من الجريمة، حصل رجال المباحث على مشاهدة رصدت مشادة كلامية حامية الوطيس بين المهندس الزراعي وعامل سابق كان يعمل طرفه انتهت بتهديده له "مش هسيب حقي.. عيني مش هتروح هدر".
أصابع الاتهام أشارت إلى أن ذاك الشخص هو المشتبه به الرئيسي. التحريات التي أشرف عليها العقيد تامر صالح مفتش فرقة شمال أكتوبر، توصلت إلى سابق اعتداء القتيل بالضرب عليه محدثًا إصابته بالعمى لتزداد الصورة وضوحًا وأن الانتقام هو الدافع لارتكاب الجريمة.
بالتزامن مع عمل رجال المباحث مع رجال الإدارة العامة للمرور لتتبع السيارة المسروقة ورد بلاغ إلى شرطة النجدة بانقلاب سيارة -تحمل نفس الأرقام والمواصفات- بالطريق الصحراوي نطاق محافظة الإسكندرية، وإصابة قائدها ومرافقه ونقلهما إلى المستشفى.
انطلقت مأمورية من وحدة مباحث القسم قاصدة المستشفى بالتنسيق مع قطاع الأمن العام ومديرية أمن الإسكندرية، وتحفظت على المصاب الثاني بينما يخضع الأول للعلاج وحالته غير مستقرة مع تعيين حراسة مشددة لحين تماثله للشفاء.
بالعودة إلى ديوان قسم شرطة منشأة القناطر، حالة ارتياح سادت الأرجاء، التقط الجميع أنفاسه بعد جلسات عصف ذهني كُللت بالنجاح وفك طلاسم تفحم المهندس وابن أخيه غازى علاء إبراهيم 19 سنة وصديقه صالح حسن السويري 28 سنة.
بصوت هادئ وثقة يحسد عليها وقف المتهم الثاني أمام اللواء أحمد الوتيدي مدير المباحث الجنائية يروي أسرار جريمة الانتقام والنار التي أضحت حديث الساعة بالمركز البسيط.
اتفق العقل المدبر مع شريكه على التخلص من المهندس. تناوبا ضربه بالشوم ومرافقيه ثم أضرما النار في المبيت ليبدو الأمر حريق وإبعاد الشبهة الجنائية عنهما.
ما إن نفذ المتهمان جريمتهما حتى استقلا سيارة الضحية قاصدين مسقط رأس المتهم الرئيسي بوادي النطرون لللتخلص من السيارة بالبيع وطمس آخر معالم الجريمة لكن اخلتال عجلة الفيادة بيد السائق وانقلاب السيارة بالطريق كتب سيناريو مغاير انتهى بسقوطهما.
فيديو قد يعجبك: