"إزاي هنروح وعيالنا ضايعين".. حكايات وجع أهالي ضحايا "معدية القناطر" على ضفاف النيل
كتب- صابر المحلاوي ومحمود الشوربجي:
على ضفاف نهر النيل أمام "معدية القطا" بمنشأة القناطر في محافظة الجيزة، قلب أم يتقطع، وعقل أب لا يتوقف عن التفكير، ودموع أبناء تتساقط طوال الليل لتمتزج بمياه النيل، ينتظرون جثث أولادهم بعدما سقطت بهم سيارة ربع نقل في رحلة عودتهم إلى مسقط رأسهم بالمنوفية.
مع طلوع فجر كل يوم في قرية طليا بمحافظة المنوفية يستيقظ 24 عاملًا، تمر عليهم سيارة "ربع نقل" وتقِلهم إلى العمل بإحدى مزارع الدواجن بطريق مصر إسكندرية الصحراوي، مشهد يتكرر كل يوم بتفاصيله منذ سنوات، لكن اختلفت التفاصيل تلك المرة بمأساة هزت القرية.
في تمام الساعة الرابعة والنصف مساء الإثنين، انتهى العمال من عملهم، تحرّكت السيارة المُحملة بـ24 راكبًا من العمال (أطفال ورجال وفتيات)، اتخذ السائق "معدية القطا" التابعة لفرع رشيد، من أجل العبور للبر المؤدي إلى محافظة المنوفية.
ومع عبور السائق المعدية ضغط على المكابح للسيطرة على سرعة المركبة إلا أنه فوجئ بتعطُل الفرامل، ليفشل في إيقاف السيارة التي انزلقت مقتحمة المعدية إلى مياه النيل.
ما إن شاهد صيادون بالمنطقة سقوط السيارة بركابها في نهر النيل، هرولوا نحوها وأنقذوا 14 شخصًا منهم، لكن فشلوا في إنقاذ ثمانية آخرين وتوفيَّ اثنين، وعلى مدار ساعة كاملة حاولوا فيها البحث عنهم إلا أنهم فشلوا حتى وصل رجال الإنقاذ النهري وانتشلوا جثتي زينب عبد المولى عبد العزيز ١٧ سنة من المنوفية، ومسعد سعيد محمد ١٣ سنة.
على مدار الساعات الماضية، الغواصون يمشطون مجرى نهر النيل؛ بحثا عن 6 مفقودين، وتجمهر العشرات من الأهالي بمحيط المعدية مع الدفع بأوناش الإنقاذ النهري لأعمال التمشيط، فيما انتشل ونش تابع لمجلس مدينة منشأة القناطر السيارة المنكوبة من قاع نهر النيل.
جلس رجال عائلات الضحايا على ضفاف نهر النيل بناحية الجيزة، يلتفون حول أخشاب أشعلوها، الكل يترقب رجال الإنقاذ النهري وهم يمشطون المنطقة، "مش هنمشي من هنا إلا بعيالنا.. إزاي هروح أنام وولادنا ضايعين مننا".
صراخ وعويل لسيدات في الجهة المقابلة التابعة لمحافظة المنوفية، لم يهدأ صراخهم لحظة، حاولت إحداهن رمي نفسها في نهر النيل واللحاق بابنها، ليتمكن الأهالي من إنقاذها قبل أن يجرفها التيار.
حالة من الحزن خيمت على أهالي "القطا"، ظل البعض في الانتظار مع أهالي الضحايا، والبعض الآخر يجلس أمام منازلهم في حالة ذهول بما حدث كونهم ملاصقين لمكان الحادث، فيما فتح عم حسن "من عائلة عبدالرحمن" منزله يجمع أهالي الضحايا مقدما لهم الطعام، "كلنا واحد وإحنا أهل وبيتنا بيتكم".
في صمت تحرك عدد من الأهالي من أجل دفن الجثتين في مسقط رأسهما بمحافظة المنوفية، بعدما انتهوا من الإجراءات اللازمة، "إكرام الميت دفنه".
أهالي المنطقة أجمعوا أن حوادث الغرق متكررة في تلك المنطقة بسبب عبور "المعدية"، مطالبين بإنشاء كوبري ليتمكنوا من العبور في سلام.
وذكرت النيابة العامة في بيان اليوم الثلاثاء، أنها تلقت إخطارًا بغرق سيارة نقل بمياه نهر النيل ناحية قرية القطا بمنشأة القناطر.
وأكدت النيابة أن السيارة كان على متنها أربعة وعشرون عاملًا ما بين أطفال وبالغين، إذ كانوا في طريق عودتهم من مزرعة يعملون بها فصعد قائد السيارة معبر غير مرخص فوق مياه النهر "معديَّة" ولم يتمكن من السيطرة على السيارة فسقطت بالمياه.
وأسفر الحادث عن وفاة اثنيْن من مستقليها، وفَقْد ثمانية آخرين مازال البحث عنهم جاريًا، بينما انتُشِل أربعة عشر أحياء.
وألقي القبض على قائد السيارة وثلاثة من العاملين بالمعبر غير المرخص، وجارٍ ضبط مالكه.
اقرأ أيضًا|
النيابة العامة تكشف تفاصيل حادث معدية منشأة القناطر وحصيلة الضحايا
"الفرامل عطلانة".. كيف سقطت سيارة العمال من أعلى معدية منشأة القناطر؟
معدية منشأة القناطر.. التحفظ على سائق السيارة المنكوبة
ننشر أسماء ضحيتي حادث معدية منشأة القناطر
التحريات: الناجون من حادث "معدية القطا" عبروا إلى الجانب الآخر
ضحايا لقمة العيش.. سيارة معدية منشأة القناطر تتم رحلتها الأخيرة (صور)
فيديو قد يعجبك: