بعد ظهوره في "الاختيار 2".. اللواء محمد جبر تمسك بالعهد فنال الشهادة بـ"مذبحة كرداسة"
كتب- محمد شعبان:
بصوت هادئ مُفعَم بالإيمان بقضاء الله استقبل الضابط الخلوق صاحب الوجه البشوش أبناءه وزملاءه بقسم شرطة كرداسة صبيحة يوم 14 أغسطس من عام 2013. ثابتٌ كالجبل، يُثلج صدور الجميع بكلماته الرقيقة، مرددًا عبارات تلهب حماس الكل، غير عابئ بمخاطر اعتاد عليها، لكن الخطر تلك المرة كان بعنوان «الغدر والخيانة»، نال معها و13 آخرون الشهادة.
في وقت متأخر من مساء يوم 13 أغسطس، بدت تحركات غير مألوفة في مديرية أمن الجيزة. اجتماعات مغلقة صبغت بطابع السرية التامة، رفع حالة الاستعداد والتأهب للحالة «ج»، تناقل البعض معلومات حول قرب «ساعة الحسم» إيذانًا بفض اعتصامَي رابعة العدوية بمدينة نصر، ونهضة مصر، على بعد أمتار من ديوان عام مديرية أمن الجيزة.
اتصال هاتفي جمعني بوالدي -كما اعتدت أن أناديه- اللواء محمد جبر مأمور قسم كرداسة، للاطمئنان عليه وتهنئته بالترقية التي حصل عليها مساعدًا لمدير أمن الجيزة، وقرب حفل زفاف ابنته.
كعادته خفيف الظل محبًّا للضحك، بدا «أسد كرداسة» غير مهتم بما ينتظره في الغد «يا عم محمد ماحدش بيعيش ساعة بعد عمره المكتوب»، عاجلته بسؤال: «يا افندم بيقولوا القسم مُستهدف بعملية مسلحة كبيرة» فأجاب بثقة: «إحنا موجودين ومش هنسيب القسم لحد.. ولو هنموت يبقى نروح لربنا شهدا».
مؤشرات ضبط الوقت كانت تشير إلى الثانية عشرة ظهر يوم 14 أغسطس -اليوم التالي للمكالمة- لم يهنأ رجال الشرطة بفض اعتصام ميدان النهضة حتى تناقل الضباط والأفراد الخبر المشؤوم «هجوم مسلح على قسم كرداسة».
رُويدًا رُويدًا بدأت الأخبار غير السارة تتدفق لغرفة عمليات أمن الجيزة، معلنةً سقوط قيادات القسم شهيدًا تلو آخر. 5 ساعات صمد خلالها أبطال قسم كرداسة أمام حصار فُرض عليهم من المسلحين الذين استخدموا أسلحة ثقيلة «آر بي جي - رشاش متعدد»، فضلًا عن البنادق الآلية.
استشهد مأمور المركز ونائبه و12 آخرون، وسالت دماؤهم العطرة لتروي قصة الغدر والخيانة التي أعاد مسلسل «الاختيار 2» -المعروض خلال شهر رمضان- كواليسها إلى الأذهان بعد ظهور الفنان أشرف عبد الباقي متقمصًا شخصية الشهيد محمد جبر.
شُرطيًا، شغل اللواء محمد جبر عدة مناصب، أبرزها مأمور قسم شرطة الواحات البحرية برتبة «عقيد» لعدة سنوات، ثم مأمورًا لمركز شرطة أبو النمرس، مسطرًا نجاحات متتالية في مجابهة الجريمة بشتى أنواعها ليتم ترقيته إلى رتبة عميد ليتولى منصب مأمور مركز كرداسة.
منذ اليوم الأول الذي وطئت قدماه القسم، حظي جبر بحب واحترام الجميع خاصة الأهالي. ما زالت ذكراه وسيرته العطرة يتناقلها قاطنو المركز «عمره ما قفل باب مكتبه في وش حد.. منهم لله اللي عملوا كده».
ثقة كبيرة وضعها مسؤولو أمن الجيزة في الضابط النشيط «محمد جبر» نظرًا لكفاءته وتميزه في العمل ومشاركته وحدة البحث الجنائي في كشف العديد من الجرائم، أبرزها نجار مسلح قطع زوجته بمنشار لـ7 أجزاء، استحق معها الترقية لرتبة لواء، ليشغل منصب مساعد مدير الأمن، لكن اندلاع أحداث العنف تزامنًا مع فض اعتصامَي رابعة العدوية والنهضة أجل تنفيذ القرار لينال الشهادة داخل القسم تاركًا سيرة عطرة لأسرته.
«أنا ابن الشهيد ومشروع شهيد»، بهذه الكلمات تحدث الملازم أول عمر محمد جبر، نجل الشهيد محمد جبر أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، أثناء حفل تخرجه في كلية الشرطة، عام 2017، ليعلن أنه على العهد ويسير على خطوات والده في الدفاع عن الوطن.
فيديو قد يعجبك: