حكم نهائي ينصف ممرضة بلطيم: فضائل المرأة ونضالها من محسنات أداء الوظيفة العامة
كتب- محمود الشوربجي:
حصلت السيدة "م. س. م" الممرضة، صباح اليوم، على شهادة من جدول المحكمة الإدارية العليا، بعدم وجود طعن على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بكفر الشيخ في الدعوى رقم 6216 لسنة 11 قضائية بجلسة 28 يناير 2014، بإلغاء قرار وكيل وزارة الصحة بكفر الشيخ فيما تضمنه من رفض الممرضة بمستشفى بلطيم المركزي بإعفائها فقط من السهر في الليل بالمستشفى، من أجل رعاية زوجها الكفيف بالمنزل، الذى يعمل خطيب وإمام مسجد ببلطيم وألزمت وكيل وزارة الصحة بعدم تكليفها بالسهر بالمستشفى.
صدر حكم القضاء الإداري بكفر الشيخ برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة.
وشرحت الممرضة قضيتها، بأنها تعمل بوظيفة مشرفة تمريض بمستشفى بلطيم المركزي، ونظرًا لظروفها العائلية -حيث أن زوجها كفيف وإمام مسجد ببلطيم ولا يستطيع أن يخدم نفسه في الليل- فقد تقدمت بطلب إلى وكيل وزارة الصحة بكفر الشيخ، بقصد إعفائها من النوبتجيات والسهر الليلي لتكون بجوار زوجها, إلا أنه رفض بحجة وجود عجز في مشرفات التمريض.
وقالت المحكمة برئاسة الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي، في حيثيات حكم المحكمة، أن المرأة المصرية كانت ولا تزال سندًا ركيزًا للرجل في كفاحه ضد الاستبداد على مدار ثوراته في التاريخ خاصة منذ أوائل القرن الماضي حتى الاَن سعيًا للحرية وبلوغًا لأواصر الديمقراطية، وضربت للرجل مثلًا في القدوة والوطنية وغدت مصابيح الحضارة المصرية في النضال والتضحية، وكان دورها في تنمية المجتمع عنصرًا فاعلًا بعد أن ذاقت القهر والمهانة والاضطهاد في عصور الظلام على الرغم من أنها الكوكب الدري الذى يستنير به الرجل وبدونها لا تستقيم الحياة، فهي في الحق تاج الخليقة ومكونة المجتمع, فلها عليه سلطة المشاركة فلا يعمل فيه شيء إلا بها ولأجلها.
أضافت المحكمة أن زوج المدعية كفيف وإمام وخطيب مسجد يواجه الظلام الكوني في الليل والظلام البصري الذي ابتلاه الله عز وجل, والمحكمة وهي الحارس الأمين على الحقوق والحريات العامة لا تقف مغلولة في تقدير تلك الاعتبارات، بل تنزل رقابة المشروعية الحقة التي وسدها إليها الدستور والقانون في توزان دقيق بألا تضع الإدارة من العراقيل ما يحول بين قيام المدعية برعاية زوجها الكفيف بالليل بإجبارها كرهًا على السهر بالمستشفى بعيدًا عنه مما يعرض حياته للمخاطر، وهي مصلحة اجتماعية أوجب بالرعاية وأولى بالاعتبار, خاصة وأنه يكون للإدارة أن تكلف المدعية بأحد الفترتين أثناء النهار، إلا أنها اعتبرت أن فقدان البصر لزوجها ليس سببًا طبيًا يخصها, مخلة بذلك بحق دستوري المتمثل في تمكين المدعية من التوفيق بين واجبات أسرتها ومتطلبات عملها ومهدرة أيضًا لحق دستوري آخر لذوى الإعاقة في الرعاية طالما كافحوا للحصول عليه في دستور 2014 الذي احتفى بهم، ولا يخفى أن القرار الطعين يؤدي إلى تمزيق الأسرة وتفريقها عندما يجد الزوج الكفيف زوجته تتركه في أحلك الأوقات بأناء الليل.
ويأتي الحكم انتصارًا للسيدة المصرية في الوقت الذي يحتفل فيه العالم ومصر باليوم العالمي للمرأة منذ أن أقر هذا اليوم كمناسبة عالمية بعد انعقاد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي في 7 مارس 1945.
فيديو قد يعجبك: