إعلان

"عطايا مالية وفنجان قهوة".. تفاصيل إيقاف 3 موظفين بجهاز القاهرة الجديدة عن العمل 6 أشهر

10:06 م الأربعاء 08 ديسمبر 2021

مجلس الدولة

كتب- محمد الصاوي:

قضت المحكمة التأديبية لوزارة الصحة، في الدعوى رقم 964 لسنة 62 ق، المُقامة من النيابة الإدارية، بمعاقبة 3 موظفين بجهاز تنمية مدينة القاهرة الجديدة، بالوقف عن العمل لمدة 6 أشهر مع صرف نصف الأجر الكامل.

وكانت النيابة الإدارية أقامت دعواها في 28 يوليو 2020، مُشتملة على ملف قضية النيابة الإدارية رقم 548 لسنة 2018 نيابة القاهرة الجديدة، وتقرير اتهام وقائمة بأسانيد ضد 3 موظفين بجهاز تنمية مدينة القاهرة الجديدة.

اتهامات موجهة

وشملت الدعوى في تفاصيلها اتهامات وُجهت إلى الخصوم، حيث أكدت أن الأول لم يحافظ على كرامة الوظيفة وظهر بمظهر غير لائق وذلك بأن، استلم بدون مسوغ قانوني وبغير وصفه – محضري المعاينة المؤرخين 11/10/2018 للقطعتين 621، 690 – النرجس عمارات التجمع الخامس بتاريخ 15/10/2018 وسلمهما بغير ذي صفة إلى المخالفة الثانية، طالباً منها عرضهما على المشرف العام على التراخيص لاعتمادها بدون مسوغ قانوني حال عدم صحة بياناتهما قاصداً بذلك التحايل على القانون.

كما تقاضى الأول مبلغ 50 جنيهاً من مجهول نظير عرض المعاينة سالف الإشارة إليها على المشرف العام على إدارة التراخيص لاعتمادها دون مسوغ قانوني وذلك على النحو الموضح بالأوراق تفصيلاً.

فيما وجه إلى المتهمة الثانية، أنها لم تلتزم بأحكام القانون وخرجت على مقتضى الواجب الوظيفي بأن قبلت استلام محضري المعاينة المؤرخين 11/10/2018 للقطعتين رقمي 621، 690 – النرجس عمارات التجمع الخامس من قبل المخالف الأول بغير صفة وسلمتهما للمشرف العام على التراخيص بغير الطريقة القانونية.

وطلبت من المختص بتسجيل بيانات المعاينات بالجهاز تسجيل المعاينة على شبكة جهاز تنمية مدينة القاهرة الجديدة دون مسوغ قانوني وعلى النحو الموضح بالأوراق تفصيلاً.
أما الثالث فقد وقع على محضري المعاينة السالف الإشارة إليهما للقطعتين رقمي 621، 690 – النرجس عمارات التجمع الخامس حال عدم صحة بياناتهما من حيث الموقف البنائي وصدورهما من غير المهندس المختص بتلك المنطقة وبغير الطريق المتبع قانونًا، ودون التحقق من صحتهما بإحالتهما للموظف المختص بتسجيلهما على شبكة جهاز تنمية مدينة القاهرة الجديدة وذلك على النحو الموضح بالأوراق تفصيلاً.

مخالفات إدارية

وارتأت النيابة الإدارية أن المُتهمين المذكورين قد ارتكبوا المخالفة الإدارية المنصوص عليها بالمواد 57 ، 58 ، 60 ، 61 ، 62 من قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 2016. وطلبت النيابة الإدارية مُحاكمة المُتهمين المذكورين طبقاً للمواد المشار إليها والمواد الأخرى الواردة تفصيلاً بتقرير الاتهام، وأرفقت النيابة الإدارية بتقرير الاتهام مُذكرة بأسانيده وقائمة بأدلة الثبوت.

ونظرت المحكمة الدعوى على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث قدم وكيل المتهم الأول حافظة مستندات، وقدم وكيل المتهمة الثانية مذكرة دفاع وحافظة مستندات، وقدم وكيل المتهم الثالث مذكرة دفاع وحافظتي مستندات، وبجلسة 21/3/2021 قررت المحكمة إصدار الحكم في الدعوى وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.

حيثيات الحكم

بعد صدور الحكم أكدت المحكمة في حيثياتها، أن الاتهامات الموجهة للخصوم ثابتة في حقهم ثبوتاً يقينياً كافياً بما اطمأنت إليه المحكمة من الأوراق والمستندات والتحقيقات التي أجرتها النيابة الإدارية في القضية رقم 548 لسنة 2018 قيد نيابة القاهرة الجديدة، وباعتراف المتهم الأول بتحقيقات المشار إليها بأنه تحصل على محضري المعاينة المشار إليها انفاً من شخص مجهول حوالي الساعة العاشرة صباحاً يوم 15/10/2018، وطلب منه الأخير توقيع المعاينتين من المتهم الثالث، وأن الشخص المجهول أعطاه خمسون جنيهاً (شايه) لتسليم المعاينتين إلى السكرتارية لتوقيعهما من المتهم الثالث.

وأضاف أنه غير مختص باستلام أوراق من العملاء لعرضها على المختصين إلا أنه تحت ضغط وإلحاح الشخص المذكور أخذهما منه وأعطاهما إلى المتهمة الثانية لتوقيعهما من المتهم الثالث.

كما ثبتت الاتهامات بإقرار المتهمة الثانية بالتحقيقات بأن المتهم الأول هو من أعطاها المعاينتين المشار إليهما لتوقيعهما من المتهم الثالث، وأنه بالفعل حصلت على توقيع المتهم الثالث على المعاينتين، ثم هاتفت مدعو آخر – بناءً على طلب المتهم الأول – وطلبت منه تسجيل المعاينتين على شبكة جهاز تنمية مدينة القاهرة الجديدة.

وبإقرار المتهم الثالث بالتحقيقات بأن الدورة المستندية لمحاضر المعاينة تبدأ بتقدم العميل بطلب لخدمة المواطنين ويحدد ميعاد لإجراء المعاينة التي تتم بمعرفة الموظف المختص بالمنطقة وتسلم المعاينة إلى مدعو آخر – بحافظة من المُعاين المعني، ويتم عرضها عليه بشخصه أو على مدير المعاينات حال وجود أي منهما، ثم يقوم من عرضت عليه المعاينة بتوجيهها إلى الاتجاه الصحيح، وأضاف أنه يوم 15/10/2018 تصادف وجوده مع كل من المتهم الأول والمتهمة الثانية، وأعطى المتهم الأول محضري المعاينة المشار إليهما إلى المتهمة الثانية لتوقيعهما منه، وأنه قام بالفعل بتوقيعهما وأعادهما إلى المتهمة الثانية.

وأضاف أنه وقع المستندين المشار إليهما حتى لا يعطل مصالح المواطنين على الرغم وصول تلك المستندات إليه من غير مختص بعرضها عليه، وبرر توقيعه على محضري المعاينة المشار إليهما على الرغم من توقيعهما من غير المختص بإجراء المعاينة بضغط العمل.

اتصالات تليفونية وتشكيك بالتوقيع

تطرقت المحكمة لما شهد به موظف، بأنه يوم 15/10/2018 ورد إليه معاينتين موقف تنفيذي للقطعة رقم 621 ، 690 النرجس – عمارات التجمع الخامس عن طريق المدعو "ص "، وأخبره الأخير أن المعاينتين المشار إليها مسلمين إليه من المتهمة الثانية وأنها ستهاتفه وهو ما حدث بالفعل إذ تلقى مكالمة تليفونية من المتهمة الثانية، وقالت له "لو سمحت سجل المعاينات دي على الشبكة، هما لسه موقعين حالا -من (المتهم الثالث)- فما كان منه إلا أن أجابها بالموافقة وبدأ في تحري الأمر.

فهاتف المتهم الثالث الذي أخبره أنه بالفعل وقع المعاينتين المشار إليهما، وبالتحر عن توقيع المهندس المختص بإدارة التراخيص تشكك في توقيعه، وفي تلك الأثناء تلقى اتصال هاتفي آخر من المتهمة الثانية تطلب منه التعجيل بتسجيل المعاينات على الشبكة، فأخبرها أن هاتان المعاينتان مزورتان ولن يدخلهما على النظام، وبالاتصال بالمدعو– المنسوب صدور التوقيعين الواردين على المعاينتين إليه – قرر أنه ليس توقيعه وأنه غير مختص بتلك المنطقة.

وأضاف أن ما جعله يتشكك في أمر المعاينتين المشار إليهما إلحاح المتهمة الثانية عليه لتسجيلهما على شبكة جهاز تنمية مدينة القاهرة الجديدة، بالإضافة إلى أن هاتان المعاينتان وردتا إليه بغير الطريق المتبع لذلك، فضلاً عن أنه على علم بتوقيع المهندس الوارد توقيعه على المعاينتين المذكورتين، واستطرد موضحاً أن أي مستند يأتي إليه لتسجيله على الشبكة يكون مرفق بحافظة مدونة بمعرفة سكرتارية إدارة التراخيص بشكل رسمي وليس باليد، وأن شكوكه تأكدت عندما حضر مهندس– وأحضر المعاينتين الصحيحتين وأثبت وجود مخالفات بهما.

وأضاف أن المخالفات الموجودة على أرض الواقع طبقاً للمعاينة الصحيحة عبارة عن بناء بدروم وأرضي ودور أول حتى الرابع وغرف سطح بدون ترخيص، أما بالمعاينة المزورة عبارة عن بدروم وأرضي وشخشخية سلم بشأن القطعة 690 وبدروم وأرضي بالنسبة للقطعة 621.

فنجان قهوة

كما ثبت الاتهام بما شهد به شخص آخر، بأنه يوم 15/10/2018 أثناء توجهه للحصول على (البوسطة) من المتهم الثالث نظراً لتواجد الأخير بمكتب الأول، دلفت إلى المكتب المتهمة الثانية لإعداد كوب من القهوة، وسألت المتهم الثالث عن مدى رغبته في أن تعد له كوب من القهوة فأجابها بالموافقة، كان ذلك في حضور المتهم الأول الذي طلب من المتهمة الثانية أن تأخذ ما لديه من أوراق لتعتمدها من المتهم الثالث الذي سألها عن ماهية الأوراق، فأجابته أنها تخص المتهم الأول فوقعها.

بعد ذلك غادر المكتب لإنجاز بعض الأعمال الموكلة إليه وبعد عودته طلب من المتهم الأول أن يأخذ الأوراق ويسلمها للمدعو "ص" – فأخبره أنه غير مختص بذلك كان ذلك في حضور المتهمة الثانية، التي هاتفت المدعو "ص" وأخبرته أنه – والكلام على لسان الشاهد – سيحضر له بعض الأوراق وأن يقوم بإضافتها إلى شبكة الجهاز، وبالفعل قام بتسليم الأوراق للمذكور والذي طلب منه إحضار كوب من القهوة، وحال عودتها به أخبره بأن يخبر المتهمة الثانية بضرورة أن تهاتفه لوجود مشكلة بالأوراق.

وعلى الفور أخبرها وقامت بالاتصال هاتفياً بالمذكور وبعد انتهائها من المكالمة استدعت المتهم الأول وعنفته، وترجل المتهم الأول إلى المدعو "ص" – وعند عودته ظهر عليه التوتر الشديد حيث أخبره الأخير بأنه سيزج به بغياهب السجون جراء ما فعل، وأضاف أن المتهم الأول قرر أن مجهول أعطى له هذه الأوراق ومبلغ خمسون جنيهاً لإنجازه وأنه طلب من المدعو "ص" – التستر عليه لأنه (عنده بنات).

منطوق الحكم

وذكرت المحكمة أنها اطلعت على كل قصاصة ورقية حوتها دفتي ملف الدعوى، واطلعت عن بصر وبصيرة على دفاع المتهمين، وطالعت بعناية تحقيقات النيابة العامة بخصوص الواقعة الماثلة، فأنها تجد نفسها – دون أن يطرق الشك بابها – أمام مشروع إجرامي شارك فيه المتهمين الثلاثة كل بالقدر الذي يتيسر له القيام به، فالمذكورين جميعاً وافقوا عن رضا نفس وبإدارة حرة أن يضعوا أنفسهم في مواطن الشبهات، فالأول قبل عطية مالية لقاء إنجاز ما لا ناقة له ولا جمل فيه، والثانية استلمت ممن لا يجوز لها الاستلام منه - أوراقاً وطلبت من مختص تسجيلها على وجه السرعة، والثالث وقع على ما قدم له بغية إنجاز أمراً ما، فجميعهم مذنبون، وكلهم مخطئون، إلا أن الذنب والخطأ هنا كاد يكسب صفة المشروعية لغير المشروع ويلبسه ثياب القانونية، فالإهمال هنا – وعلى فرض اعتباره إهمال والفرض غير الحقيقة – بلغ من الجسامة مبلغاً عظيماً، وإذا كانت النيابة العامة قد أعياها البحث عن الركن المعنوي للجرائم المنسوبة للمتهمين لإقامة الدعوى الجنائية قبلهم، فإن قضاء التأديب في حل من البحث عن ركن معنوي لما اقترفه المذكورين من آثام إدارية، وإزاء ما تقدم فإن المحكمة ستأخذ المتهمين بالشدة الرادعة.

لذا قضت المحكمة بمعاقبة المتهمين بوقف كل منهم عن العمل لمدة ستة أشهر مع صرف نصف الأجر الكامل.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان