لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

منشار وأشلاء قاصر.. حكاية جلسة مصارحة كشفت جريمة قتل أب لابنته بعد 16 شهرًا

03:16 م الجمعة 28 أغسطس 2020

كتب - محمد شعبان:

جلسة مصارحة بين محامٍ وصديقه -لم يكن في كامل وعيه آنذاك- كانت مفتاح حل لغز جريمة أُرتكبت منذ 16 شهرًا في ترجمة واقعية للمقولة الأشهر "مفيش جريمة كاملة".

في 24 أبريل من عام 2019 عُثر على جزء سُفلي من جثمان أنثى داخل حقيبة بشارع عمر بن الخطاب في منطقة الطالبية، تلاها بلاغ بالعثور على أشلاء أخرى أسفل محور الضبعة. وأثبت تقرير مصلحة الطب الشرعي بعد مضاهاة البصمة الوراثية بينها أنها جميعًا لجثمان أنثى واحدة بِكر.

طوال العام المنقضي عكف ضباط فرقة الطالبية والعمرانية بقيادة العقيد محمد أمين والمقدم محمد غراب وكيل الفرقة آنذاك على فك طلاسم القضية اللغز لكن دون جدوى؛ لتحفظ النيابة العامة الدعوى "لأَن لا وجه لإقامتها مع عدم معرفة الفاعل".

"الدم ربنا بيسخر له عباده".. هكذا يرى ضابط شرطة رفيع المستوى بمديرية أمن الجيزة، واضعًا تلك القاعدة أساسًا لحياته العملية داخل وزارة "القبضة الحديدة".

داخل منزل بسيط بحي العمرانية غرب محافظة الجيزة، سئم طفل يبلغ من العمر 9 سنوات سوء معاملة أبيه، رب الأسرة الذي يتخذ من المحاماة مهنة له أذاق فلذة كبده ألوان الضرب دون رحمة أو هوادة ما اضطر الملاك البريء لترك المنزل دون معرفة وجهته.

قادت قدما الطفل إلى منطقة السيدة زينب بمحافظة القاهرة، يتحسس خطواته الأولى في عالم لا يمتلك الخبرة الكافية لشق طرقاته.

تملك التعب والجوع من الطفل؛ ليستند بظهره إلى أحد الأبنية لكن أنظار تلك السيدة لم تنصرف عنه، مشاعر الأمومة دفعتها لمد يد العون له باعتباره أحد أطفال الشوارع الأمر الذي نفاه صاحب الجسد النحيف "أنا أبويا محامي بس سبت البيت لأنه بيضربني".

في غضون ساعات توطدت العلاقة بين السيدة والطفل الذي راح يروي لها قصة حياته التي لم تبدأ بعد. في خضم الحديث أخبر ابن الـ9 سنوات السيدة أمرًا أقرب للخيال "أبويا قتل أختي وقطعها قدامي".

حاولت المرأة استيعاب ما وقع على مسامعها للتو، لكن شرح الطفل لكواليس الجريمة دفعها لاصطحابه إلى قسم الشرطة القريب من مسكنها.

استدعى رجال المباحث والد الطفل (محامٍ 40 سنة) الذي حضر رفقة توأم نجله، وكذب ما جاء على لسان طفله ودلل على حديثه ابنه "أخويا مخه على قده وبيتخيل حاجات محصلتش" لينصرف الثلاثة إلى منزلهم بالعمرانية.

منتصف الشهر الجاري، جمعت جلسة صداقة بين المحامي الأربعيني وآخر، أخبره خلالها بأمر جلل "أقولك حاجة مش هتصدقني لما تسمع.. أنا قتلت بنتي وقطعتها ورميتها" لكنه سرعان ما تظاهر بأن الأمر محض مزحة وعمد إلى تغيير الموضوع محل الحديث.

طوال الطريق إلى منزله، يتردد صدى كلمات المحامي داخل عقل صديقه الذي لم يذق طعم النوم تلك الليلة. حيرة وتوتر انتابا الرجل من هول ما سمع لكنه قرر اللجوء إلى الرائد محمد نجيب معاون أول مباحث بقسم شرطة العمرانية وقص عليه الأمر.

تحريات سريعة وتنشيط لمصادر المعلومات أجراها ضباط مباحث العمرانية بقيادة الرائد أحمد عكاشة وتحت إشراف العميد طارق حمزة حول المشتبه به "المحامي" وتبين أن ابنته (14 سنة) متغيبة في توقيت مقارب لزمن اكتشاف أشلاء الفتاة القاصر في منطقتي الطالبية ومحور الضبعة العام الماضي.

أدلة جديدة قدمها ضباط المباحث أمرت على إثرها النيابة العامة باستئناف التحقيقات. رويدًا رويدًا اقترب رجال الشرطة من حل لوغاريتم "نصف جثة".

وأكدت التحريات أن المجني عليها بعدما انفصل والداها -منذ سنوات- أقامت مع والدتها حتى تزوجت الأخيرة بآخر، فانتقلت للإقامة مع والدها وشقيقيها، ونشبت خلافات بينها وبين زوجة والدها، فأخذت المجني عليها مبلغًا نقديًّا كبيرًا من مسكن والدها سلمته إلى شقيقها في كيس وأوهمته أنه يحوي قمامة فألقاه، وقد كان قصدها من ذلك الانتقام من سوء معاملتها.

فور علم الأب بفعلة ابنته، قرر التخلص منها فسدد لها طعنات نافذة بالجسم وقطعها بمنشار بمساعدة زوجته، وتخلص من أشلائها، ثم ادعى لشقيقيها إيداعَها مستشفى الأمراض العقلية.

عقب تقنين الإجراءات واستصدار إذن من النيابة العامة، تمكنت مأمورية بقيادة الرائد أحمد عكاشة رئيس مباحث العمرانية ومعاونه الرائد محمد نجيب من ضبط المتهم الذي أقر بصحة التحريات وارتكابه الواقعة خاصة بعد مواجهته بأقوال نجليه التوأم اللذين أكدا "بابا ومراته قتلوها وقطعوها".

واصطحبت مأمورية بقيادة العقيد أحمد كامل مأمور قسم العمرانية، المتهم؛ ليجري معاينة تصويرية بمسرح الحادث. وأمرت النيابة العامة بحبسه 4 أيام احتياطيًّا على ذمة التحقيقات، وإيداع ابنيه إحدى دور الرعاية الاجتماعية.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان