سبقتها بروفة بـ(3) أيام.. حكاية سرقة "الكنز المزعوم" في فيلا الخطيب بـ"حي الأشجار"
كتب - محمد شعبان:
مساء الخميس الماضي بدت الأجواء غير عادية داخل أروقة مديرية أمن الجيزة، اجتماع مغلق بحضور عدد من القيادات لمناقشة آخر المستجدات الأمنية ومراجعة اللمسات الأخيرة لخطة تأمين انتخابات مجلس الشيوخ. لم يكد يفرغ أحد القيادات من الاجتماع حتى تلقى مكالمة تغيرت معها وجهته قاصدًا حي الأشجار بمدينة 6 أكتوبر.
طوال المسافة من المديرية إلى الكمبوند، أجرى الضابط اتصالات عدة للوقوف على ملابسات البلاغ الذي تقدم به محمود الخطيب رئيس النادي الأهلي، باكتشافه سرقة فيلا تقيم بها ابنته لدى عودتهم من إجازة عيد الأضحى بالساحل الشمالي.
بلاغ سرقة
قوة من قسم شرطة ثالث أكتوبر برئاسة الرائد هاني عماد، انتقلت إلى محل البلاغ تنسيقًا مع رجال الأدلة الجنائية والنيابة العامة للمعاينة التي أثبتت وجود كسر في نافذة حديدية بمدخل غرفة الاستقبال.
منذ اللحظة الأولى التي وطأت فيها أقدام رجال المباحث الفيلا، أيقنوا أنهم أمام بلاغ سرقة رغم العثور على رسالة مكتوبة بخط اليد تركها الجناة، والتي حملت إيحاء بأن العقل المدبر شخصية رياضية على خلاف معروف بـ"بيبو".
بالعودة إلى ديوان المديرية، يتابع اللواء محمود السبيلي مدير مباحث الجيزة، تطورات القضية موجهًا العميد علاء فتحي رئيس قطاع أكتوبر بحسم الأمر سريعًا لا سيما أن المسروقات "بسيطة". لم يستولِ المتهمون على مبالغ مالية أو مشغولات ذهبية واكتفوا بـ(كاميرا hd، لاب توب ماركة توشيبا، آي باد، جهاز ريسيفر "بين سبورت"، إكسسوارات حريمي).
المهمة الأولى
المهمة هي الأولى للمقدم محمد ربيع مفتش مباحث حدائق أكتوبر، الذي أخذ على عاتقه مسؤولية كشف ملابسات ما جرى في الفيلا بدأ بفحص المترددين على الفيلا والكمبوند بفضل قائمة دقيقة أعدها رجال المباحث، ومراجعة كاميرات المراقبة.
أسلوب ارتكاب الحادث، وانخفاض قيمة المسروقات ذهب بتفكير فريق البحث إلى أن الجناة ليسوا بمحترفين لتشير أصابع الاتهام إلى العاملين وأفراد الأمن الإداري.
ارتفع عدد المشاركين في فريق البحث بانضمام المقدم إكرامي البطران وكيل فرقة حدائق أكتوبر؛ للاستفادة من خبراته الأمنية ودرايته بطبيعة نوعية حوادث السرقة في المدينة السكنية.
يوم الحسم
بحلول اليوم الثاني، بدأت الصورة تتكشف بالتوصل إلى عامل زراعي أدلى بأوصاف تقريبية لأحد الجناة شوهد في توقيت متزامن لارتكاب الحادث بمحيط فيلا الخطيب.
ثاني خطوات حل اللغز، جاءت بتتبع كاميرات المراقبة؛ لتحديد هوية المشتبه به بالاعتماد على الأوصاف التي أدلى به ذاك الشاهد، وتبين أنه "جنايني" يدعى "علي.ع." يبلغ من العمر 32 سنة، حديث العهد في حي الأشجار؛ ليتنفس عناصر فريق البحث الصعداء، الهدف بات قريب المنال.
بالعودة إلى قسم شرطة ثالث أكتوبر، وتحديدًا وحدة المباحث، عقد الرائد هاني عماد اجتماعًا مع معاونيه؛ لتكثيف التحريات حول المشتبه به، وفحص خط سيره خلال الساعات الماضية خاصة يوم ارتكاب الواقعة.
جهود البحث والتحري للرائد مصطفى رشوان معاون مباحث قسم ثالث أكتوبر، كتبت الفصل الأخير والأهم في تلك الرواية، اكتملت الصورة بتحديد شريكي المتهم الأول وأعمارهما (24، 32 سنة)، أصل إقامة الثلاثة محافظة المنيا، وأنها ليست المهمة الأولى لأبناء عروس الصعيد، إذ ارتكبوا واقعة بنفس الأسلوب قبل 3 أيام بفيلا قريبة لكن دون الاستيلاء على شيء.
عقب تقنين الإجراءات واستصدار إذن من النيابة العامة، انطلقت مأموريتان بمشاركة الرائد فريد معاذ والنقيب محمد غراب، معاوني مباحث قسم ثالث أكتوبر، الأولى ضبطت متهمين اثنين يقيمان داخل كرفان على أطراف حي الأشجار، مخصص للعمال، واستهدفت الثانية شريكهما الثالث الذي يقيم بحي المعصرة بمحافظة القاهرة وبحوزتهم المسروقات.
صدمة ممزوجة بدهشة كانت لسان حال المتهمين الثلاثة لحظة كشف أمرهم، حتى أن أولى الكلمات التي نطقوا بها "إحنا ملحقناش نتصرف في الحاجة يا بيه".
أمام العميد عاصم أبوالخير مدير المباحث الجنائية، شرح المتهمون كواليس تلك الرواية التي بدأت بحادث سرقة فيلا مجاورة لفيلا الخطيب.
العقل المدبر
منذ انضمامه لكتبية عمال تجميل الحدائق بحي الأشجار، أبدى "علي" حالة من عدم الرضا على ظروفه المادية الاجتماعية، لا يخلو حديثه من عبارات تحريض على استغلال الفيلات الشاغرة وما بها من ثروات؛ ليعرض على زميليه تكوين عصابة لسرقة محتوياتها.
قوبل طلب الشاب الثلاثيني بالرفض، لكن مع إصراره أبديا موافقتهما، لكن "الطلعة" الأولى لم تؤتِ بثمارها "ملقناش حاجة عليها القيمة".
سرعان ما بحث "علي" عن هدف ثمين ووقع اختياره على فيلا رئيس النادي الأهلي فجاء رد شريكيه "لأ بلاش.. دي فيلا الخطيب" لكن رفضهما لم يستمر سوى دقائق مع تأكيد الأول على عدم تواجد أحد بالداخل.
كنز علي بابا "المزعوم"
وشرح المتهمون كيفية ارتكابهم للحادث، تولى "الزعيم" مهمة التسلل إلى الداخل عبر النافذة الحديدية -بعد نشرها- ليصف المشهد آنذاك "كنت فاكر هلاقي كنز علي بابا".
ما إن شعر المتهم الرئيسي بخيبة أمل حتى قرر الاستفادة من متابعته للأحداث الرياضية لا سيما الحرب الدائرة بين قطبي الكرة؛ ليترك رسالة مكتوبة بخط اليد لإبعاد الشبهة عنهم موضحًا في اعترافاته: "كتبتها علشان محدش يشك فينا".
تخلص المتهمون من إكسسوارات تخص ابنة الخطيب في الطريق بعد اكتشافهم أنها "فالصو"؛ ليختتم العقل المدبر اعترافاته: "اتحسبت عليا ببلاش".
48 ساعة ارتدى خلالها ضباط المباحث قفاز الإجادة، وسط اهتمام إعلامي كبير بالقضية بسبب شعبية "بيبو"، نالوا معها إشادة مدير الأمن ومساعد الوزير لقطاع الأمن العام.
فيديو قد يعجبك: