مكالمة صادمة ومهمة بطولية.. الفصل الأخير في حياة مصاب بكورونا شنق نفسه
كتب - محمد شعبان:
10 أيام قضاها "علاء شكري" داخل العزل المنزلي بعد التأكد من إصابته بفيروس "كورونا" المستجد، خضع خلالها لبروتوكول العلاج المتبع بمستشفيات العزل التي أقرته وزارة الصحة تنسيقا مع منظمة الصحة العالمية لكن دون تحسن ملموس.
سئم السائق الثلاثيني من العزلة التي بات أسيرها خوفا على زوجته وطفليه (ولد - بنت)، وذلك بإقامته في شقة بمفرده دون باقي قاطني منزل العائلة بمنطقة "لعبة" التابعة لمركز أوسيم شمال محافظة الجيزة.
عصر أمس الجمعة، اتصل "علاء" بشقيقه الذي يعمل سائقا أيضا يطلعه على حالته الصحية غير المستقرة والنفسية السيئة طالبا منه "عايز أروح مستشفى خاص" الأمر الذي أثار تعجب الأخير "هنجيب منين.. أنا وأنت الحال من بعضه".
لم يدر السائق أن تلك المكالمة ستكون الأخيرة وأنها لحظات الوداع بينه وبين شقيقه المصاب بـ"كوفيد 19".
بعد مرور ساعة ونصف تلقى السائق مكالمة هي الأصعب، أخبره المتصل بخبر صادم "أخوك شنق نفسه" ليتوقف عقله عن التفكير برهات محاولا استعاب ما تلقاه للتو.
بالانتقال إلى قسم شرطة أوسيم، بدت الأجواء هادئة قبل أن تتبدل الأحوال لدى تلقي العميد مجدي عزيز مأمور القسم إشارة من شرطة النجدة تفيد بانتحار سائق سيارة نقل مصاب بكورونا داخل منزله.
لم يتردد الرائد محمد مجدي رئيس مباحث أوسيم في الانتقال إلى محل الواقعة، غير عابئ بخطر ذلك الفيروس إيمانا منه بقدسية رسالته الأمنية وتنفيذا لقسم نطق به لسانه لدى تخرجه في كلية الشرطة.
اتخذ الضابط الشاب جميع الاحتياطات والتدابير الوقائية اللازمة من كمامات وقفازات طبية وأدوات التعقيم من مطهرات وكحول وصولا إلى محل البلاغ بشارع محمد رمضان على رأس قوة أمنية ضمت الرائد أحمد عادل والنقيب إبراهيم فاروق، معاوني المباحث.
رائحة الموت تطبق على المكان، حسرة وحزن كست وجوه أسرة المتوفي بدت جلية بانهيار الزوجة التي اكتشفت الواقعة.
بخطوات حثيثة صعد رجال المباحث السُلم حتى الطابق الثالث، بينما يتابع العميد عمرو طلعت رئيس مباحث قطاع الشمال، تطورات الواقعة لحظة بلحظة بتوجيهات من اللواء محمود السبيلي مدير مباحث الجيزة الذي شدد "أهم حاجة كل فرد يحافظ على سلامته الشخصية".
عاين الضباط الثلاثة منافذ الشقة للتأكد من سلامتها وعدم وجود آثار عنف أو كسر، ومن ثم التأكد من عدم وجود شبهة جنائية، وأن المتوفى أقدم على الانتحار شنقا لمروره بأزمة نفسية، وذلك دون اقتراب أحد من الجثة.
انتقل رجال الشرطة إلى الخطوة التالية تنسيقا مع النيابة العامة وإدارة الطب الوقائي بوزارة الصحة، لإنهاء الإجراءات والتصرح بدفن الجثة، وتعقيم المنزل والشارع بالكامل إضافة إلى توفير أدوات ومشتملات الغُسل وسيارة نقل الموتى.
مع غروب الشمس ودخول المساء، أنهى رجال المباحث مهمتهم الأولى من نوعها منذ التحاقهم بجهاز الشرطة وسط إشادة من الأهالي بسرعة الاستجابة وحسن التصرف الذي بدا جليا في تيسير إجراءات دفن الجثة، والمقرر لها اليوم السبت.
فيديو قد يعجبك: