رغم رفض وزير العدل.. حكاية مستشار عالجه مبارك واستقبله بالقصر
كتب- محمود الشوربجي:
"مبارك كان داعماً للقضاء عامة ولقضاة مجلس الدولة على وجه الخصوص".. هكذا نعى نادي قضاة مجلس الدولة الرئيس الأسبق حسني مبارك الذي توفي أمس الثلاثاء، وأثبتت مواقفه الإنسانية احترامه وتقديره لجموع القضاة وخاصة في أوقات تعرض أي منهم لأية أزمات وإن كانت شخصية.
ففي عام 2007، تعرض أحد شباب القضاة وهو المستشار محمد المنزلاوي –رئيس المحكمة التأديبية في الإسماعيلية حاليًا- إلى أزمة صحية، احتاج على إثرها السفر إلى الخارج لإجراء جراحة نادرة في النخاع الشوكي؛ لخطورة الحالة آنذاك.
عائق وحيد كان يقف حائلًا أمام إتمام إجراءات السفر للخضوع للجراحة وهو ارتفاع التكاليف العلاجية التي قدرت حينها بحوالي 50 ألف يورو، ما دفع قضاة مجلس الدولة لمخاطبة وزير العدل حينها المستشار ممدوح مرعي.
عقب مخاطبة وزير العدل لتحمل المصاريف العلاجية، رفض المستشار ممدوح مرعي أن تتحملها الوزارة بالكامل، ما دفع قضاة للتضامن مع "المنزلاوي" وعلى رأسهم المستشار يحيى دكروري الذي كان يرأس نادي قضاة مجلس الدولة آنذاك، ودخل على إثر ذلك في مواجهة قوية مع وزير العدل بسبب رفض الوزارة تحمل كامل تكاليف العلاج.
ويروي المستشار دكروري لـ "مصراوي"، أن المستشار "محمد المنزلاوي" كان الأول على دفعته قبل أن يلتحق بمجلس الدولة، وعقب فترة تعرض لوعكة صحية، وأثبتت الفحوصات حينها أن هناك ضرورة لإجراء جراحة عاجلة في النخاع الشوكي.
على الفورـ تواصلنا مع وزارة العدل لتحمل تكاليف العلاج لكن فوجئنا برد وزير العدل بتحمل الوزارة مبلغ 50 ألف جنيه فقط، رغم أن تكلفة السفر ستحتاج إلى حوالي 50 ألف يورو شاملة إجراء الجراحة، ما دفعنا لعقد مؤتمر عاجل وتحدثنا خلاله بأن القضاء في محنة ولابد من مساندة هذا الشاب -يقصد المنزلاوي- في مرضه.
يقول المستشار يحيى دكروري: بعد الخلاف مع وزارة العدل لم يكن أمامي سوى الرئيس الأسبق حسني مبارك، فأرسلت مذكرة لرئاسة الجمهورية بمضمون الواقعة، وبالفعل تلقيت اتصالا مباشرا من زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية آنذاك، بموافقة الرئيس الأسبق مبارك على علاج "المنزلاوي" بالخارج على نفقة الدولة.
عقب عودة "المستشار محمد المنزلاوي" من رحلته العلاجية، توجهنا معًا إلى رئاسة الجمهورية وسجلنا برقية شكر إلى الرئيس الأسبق حسني مبارك في دفتر تشريفات الرئاسة، وبعد فترة التقى الرئيس الراحل بالمنزلاوي داخل القصر الجمهوري لحوالي 40 دقيقة.
وقبل مغادرة "المنزلاوي"، منحه الرئيس الأسبق مبارك رقم هاتفه المحمول الشخصي للتواصل معه في حالة وجود أي شكوى، واصطحبه في أبوةٍ حانية إلى الخارج في نهاية اللقاء، وأرسل سيارة الرئاسة لتقل الزميل من موطنه، في موقفٍ سيظل التاريخ القضائي يذكره بالفخر والإعزاز.
وحول موقف الرئيس الأسبق مبارك؛ يقول المستشار محمد المنزلاوي لـ "مصراوي": لم أتوقع كل ما فعله الرئيس الراحل مبارك معي أثناء تدهور حالتي الصحية، فقد أنقذ حياتي ووقف بجانب حتى آخر يوم لي في العلاج، ويسر كل الإمكانيات أمام سفري إلى الخارج لإجراء الجراحة.
"الحمد لله رجعت كويس" بهذه الجملة لخص المستشار محمد المنزلاوي، رحلته العلاجية إلى ألمانيا، والتي امتدت لحوالي 3 أشهر، أجرى خلالها جراحة نادرة في النخاع الشوكي كللت بالنجاح.
وعن تفاصيل رحلة علاجه يروي المنزلاوي : "منذ وصولي إلى ألمانيا وهناك تواصل دائم معي من قبل السفير محمد العرابي سفير مصر بألمانيا آنذاك، الذي يسر كل السبل والإجراءات المطلوبة لإتمام العملية الجراحية، إضافة إلى وقوف عدد من أفراد الجالية المصرية هناك بجانبي حتى أنهيت مرحلة العلاج".
لم يقتصر دور الرئيس الأسبق "مبارك" معي على تحمل تكاليف رحلة العلاج فقط، فأثناء لقائي معه داخل القصر الجمهوري –عقب العودة من ألمانيا-، عرض علي الرئيس الراحل العودة مرة أخرى إلى ألمانيا لمتابعة حالتي، لكني فضلت المتابعة بإحدى المستشفيات المصرية بسبب تحسن حالتي تدريجيًا، وحينها طلب من الدكتور زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية الأسبق، توفير كل سبل العلاج لي داخل مستشفى الجلاء العسكري، وبالفعل كنت أتردد بشكل دوري ولمدة عامين على المستشفى لحين تحسن حالتي بالكامل".
" كنت أتمنى رد جزء من هذا الجميل للرئيس الراحل مبارك، وحاولت أكثر من مرة الوصول إليه خاصة خلال فترة مرضه الأخيرة، ولم أنجح في الوصول إلى شخصه، لكني حضرت اليوم مراسم جنازته حتى دفعنه بمقابر عائلته".
ووصل جثمان الرئيس الراحل حسني مبارك، ظهر الأربعاء، إلى مثواه الأخير بمقابر أسرته بشارع كلية البنات بمصر الجديدة، بعدما انتهت مراسم تشييع جثمان الرئيس الراحل من مسجد المشير محمد حسين طنطاوي بالتجمع، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي.
وشارك في جنازة مبارك العسكرية العديد من الشخصيات العامة والوزراء الحاليين والسابقين، وعلى رأسهم الرئيس عبدالفتاح السيسي، والرئيس المؤقت عدلي منصور، والدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، والمهندس عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والدكتور علي عبدالعال، رئيس مجلس النواب، والفريق محمد زكي، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، والدكتور أحمد نظيف، رئيس الوزراء الأسبق، وزكريا عزمي، رئيس ديوان رئيس الجمهورية الأسبق.
تابع تغطية خاصة لوفاة الرئيس الأسبق حسني مبارك..(اضغط هنا)
فيديو قد يعجبك: