"تاه في المصارف".. قصة الطالب "النجيب" ضحية "بالوعة السلام"-(صور)
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
كتب- سامح غيث وفاطمة عادل:
في بالوعة صرف صحي تُركت مكشوفة في مدينة السلام، ظل الطفل كمال أسامة، التلميذ بالصف الخامس الابتدائي، يصارع الموت بعدما سقط بداخلها أثناء ذهابه لشراء مستلزمات دراسية؛ استعداد للعام الدراسي الجديد.
كانت المياه المندفعة داخل البالوعة تعبث بجسده كالريشة يتخبط في جنباتها دون وعي، هكذا قضى كمال لحظاته الأخيرة قبل أن يفارق الحياة غرقا، وظلت جثته 23 ساعة تائهة داخل خط الصرف الصحي بطول كيلومتر تقريبا، حتى نجح رجال الحماية المدنية في انتشال الجثة، بحسب أحد الأهالي.
كمال لم يكمل عامه الحادي عشر، وهو أكبر أشقائه، يعمل خلال فترة الإجازة الصيفية في ورشة بمنطقة سكنه لمساعدة والده على تحمل أعباء المعيشة.
"كمال" يقيم مع أسرته في مسكن متواضع بعمارات النيل في مدينة السلام. في الجهة المواجهة لتلك العمارات مجمع مدارس ومكتبات لبيع المستلزمات الدراسية، يفصل بينهما طريق ترابي به عدد من بالوعات الصرف الصحي، أقام عليه بعض الأهالي ورشًا وجراجات سيارات.
قبل نحو عام شرع مجلس مدينة السلام في إخلاء ذلك الطريق الترابي؛ تمهيدها لصرفه. بدأت الشركة المسئولة عن الرصف في زيادة عدد فتحات البالوعات لسهولة التعامل مع أي انسداد "بدل الفتحة عملوا تلاتة وسابوها مفتوحة" بحسب أحد أهالي المنطقة.
مع قرب الانتهاء من رصف الطريق، استبشر الأهالي خيرًا، بعدما لاحظوا الفارق بين الطريق الترابي القديم والطريق الجديد، لكن ذلك الشعور تبدل وبدأ الخوف يسيطر عليهم؛ فالشركة المسئولة تركت الطريق بلا إضاءة، وتركت بالوعات الصرف المنتشرة بطول الطريق مكشوفة..!
تداول عدد من رواد موقع التواصل الاجتماعي تحذيرات بخصوص بالوعات الصرف الصحي، وناشدوا المسئولين لضرورة وضع أغطية ولو مؤقتة على البالوعات خشية سقوط أطفال بداخلها، دون أي استجابة من قبل المسئولين.
كأي طفل في عمره، كان الضحية ينتظر بفارغ الصبر بدء العام الدراسي الجديد. قبل أسبوع ترك الطفل عمله في الورشة استعدادا للعام الدراسي الجديد، وطلب أموالا من والده لشراء مستلزمات دراسية، وما إن حصل منه على أموال، طار فرحا وأسرع مع زميلين له، نحو المكتبة المواجهة لمسكنه لشراء مستلزمات المدرسة.
عقارب الساعة تشير إلى السادسة والنصف مساء الثلاثاء الماضي، كمال يعبر الطريق مع زميليه، يقفزون من فوق البالوعات المكشوفة، المنتشرة بالطريق، قفز زميلاه، وعبرا الطريق بسلام.. بينما هو سقط في إحدى البالوعات.
"إلحقونا كمال وقع في البلاعة".. صرخة مدوية أطلقها زميل الطفل مستغيثا بالمارة في محاولة لإنقاذه، لكنهم في بادئ الأمر ظنوا أن الأطفال يمزحون، حتى عبر أحدهم لاستبيان الأمر، فشاهد كمال يصارع الموت تقذفه المياه المندفعة بالبالوعة يمينًا ويسارًا.
حاول أحد الأهالي نزول البالوعة لانتشال الطفل، لكن عدم وجود سلم بها حال دون ذلك، "البلاعة عمقها 9 أمتار واللي هينزل يبقى بينتحر"، يقول أحد الأهالي: "ربطنا واحد في حبل، ونزل عشان يجيب الواد، لكن المياه كانت سحبته داخل الماسورة، ومعرفش يوصله". دقائق معدودة، تجمع أهالي المنطقة، أبلغوا قسم شرطة أول السلام، وانتقلت قوات الحماية المدني إلى مكان الواقعة.
والدة الطفل تجلس بجوار البالوعة، يلتف الجميع حولها، تهذي بكلمات غير مفهومة "باس رأسي وقالي هصلي المغرب وأورح المكتبة.. لو أعرف مكنتش سيبته يخرج"، بينما أحد أفراد الحماية المدنية ينزل البالوعة لاستخراج جثة الطفل، ولم يتمكن من ذلك، فصعد، وحاول آخر دون جدوى، يقول شاهد عيان: "استمر البحث عن جثة الطفل حتى وقت متأخر من الليل، وبدأ معظم الأهالي في الانصراف ومغادرة المنطقة".
مع بزوع أشعة الشمس، في صباح اليوم التالي، اتجه الأهالي نحو آخر خط الصرف "منطقة المصافي" والتي تبعد عن مكان سقوط الطفل بقرابة كيلومتر، حيث وقف الجميع على حافة الغرفة الرئيسية، في انتظار أخبار سارة من قبل رجال الإنقاذ الذين نزحوا إلى المصرف؛ للبحث عن الطفل.
بعد 23 ساعة، عثر قوات الإنقاذ على الطفل، كان وجهه محتقنًا، وجسده منتفخًا، فتم نقله إلى مصلحة الطب الشرعي؛ لتشريح جثمانه، وتوضيح أسباب وفاته، ومن ثم صرحت النيابة بدفنه في مقابر عائلته بالشرقية.
من جانبه، اتهم والد الطفل، في تحقيقات النيابة، مسئولي حي السلام بالتسبب في وفاة نجله، وصدر قرار من نيابة السلام، باستدعائهم، ولا يزال التحقيق جاريًا...!
فيديو قد يعجبك: