إعلان

كواليس جريمة ولاد العم.. "نمبر وان" قتل "ميدو" أمام شقيقه في الوراق

08:30 ص الإثنين 16 سبتمبر 2019

كتب - محمد شعبان:

13 شهرا كاملا قضاها "ميدو" داخل "مصنع الرجال"، يتلهف مرور الأيام وانتهاء مدة خدمته الإلزامية، الأمر الذي تحقق منذ 10 أيام فقط، ليبدأ رحلة البحث عن وظيفة حتى حصل على فرصة بـ"كافيه" فأسرع إلى الحلاق ليكون في أفضل هيئة خلال مقابلة الزبائن، دون أن يدري بأنه لن يشهد شروق اليوم المنتظر، قُتل بدم بارد على مرأى ومسمع المارة، بل على بعد خطوات من منزله.

داخل العقار رقم (4) شارع مصطفى هندي المتفرع من القومية العربية بحي الوراق شمالي محافظة الجيزة، نشأ "أحمد سعد" وشهرته "ميدو" وسط أسرة بسيطة، له من الأشقاء 3 (ولدان - بنت) يقطنون في منزل العائلة الذي يضم أولاد عمومتهم.

منذ عام ونصف العام، التحق "ميدو" بإحدى الكتائب العسكرية، كجندي مقاتل في صفوف القوات المسلحة، تاركا وظيفته بصيدلية، لم تفارق بسمته المألوفة وجنتيه خلال الصور التي ينشرها عبر صفحته الشخصية بموقع "فيسبوك" أو خلال إجازاته الشهرية مفعما بعزيمة وإصرار وجلد اكتسبها من الحياة العسكرية.

صلة قرابة وعلاقة أخوة جمعت بين "ميدو" ونجل عمه "أحمد صبحي" الذي يكبره بعام، حتى أنه لا يغفل تهنئته في المناسبات وآخرها في عيد الأضحى المبارك الماضي في منشور مرفق بصورة عبر "فيسبوك" على النقيض تمامًا من علاقته بشقيقه "محمد صبحي" الذي عُرف بكونه مصدرًا للمشكلات والمتاعب للعائلة بل للمنطقة بأكملها بسبب جلساء السوء.

منذ 10 أيام، عاد "ميدو" إلى الحياة المدنية بعد إتمامه للخدمة العسكرية "قدوة حسنة"، طار قلب الشاب فرحا ممسكا بيده الشهادة ليبدأ مرحلة جديدة في حياته لا مفر فيها من الحصول على وظيفة يرتقي معها درجات السلم نحو بناء مستقبل مشرق لطالما حلم به.

طوال تلك الأيام العشرة، بحث صاحب الـ22 ربيعا عن وظيفة دون كلل أو يأس مستندا إلى مخزن من الصبر الذي اكتسبه في حياته العسكرية. وحمل يوم الخميس الماضي الخبر السعيد لـ"ميدو" إذ حصل على فرصة للعمل بـ"كافيه" واتفق على بدء مهام عمله الجديد يوم السبت.

بالعودة إلى شارع مصطفى هندي، سئم أفراد العائلة تصرفات "محمد صبحي" خاصة اصطحابه لرفقاء السوء من متعاطي المواد المخدرة، والوقوف أسفل العقار فلا يسلم منهم أحد "سواء الغريب أو أهل المنزل"، الأمر الذي لم يلق قبولا لدى "ميدو" الذي عُرف بشهامته، فراح يعاتب نجل عمه "الوقفة هنا مش هتنفع وفي حريم طالعة نازلة عيب ميصحش".

كلمات الشاب أشعلت فتيل الشجار بينه وبين ابن عمه الذي أحضر شقيقه، ولولا تدخل الأهالي لتفاقمت الأمور وآلت إلى عواقب وخيمة.

الثالثة عصر أول أمس الجمعة، نشبت مشادة كلامية بين "ميدو" وزوجة عمه "والدة محمد وأحمد صبحي"؛ متهمة إياه بالاستيلاء على "قطعة خشبة" لاستخدامها في بناء "عشة"، تدخل على إثرها نجلا عمه لنصرة والدتيهما، لكن سرعان ما انتهى الخلاف.

الثامنة مساء، توجه "ميدو" إلى صالون حلاقة ليكون في أفضل صورة تليها جلسة مع أصدقائه، وداعب الحلاق صديقه الذي خطف الأضواء بخفة دمه "مش هبطل أقولك يا عسكري إلا لما أشوف الشهادة" حتى أن الأخير قرر الصعود إلى منزله القريب وإحضارها له في تحدٍ واضح أمام الجميع، دون أن يدري بأنه في طريقه لتحرير شهادة وفاته.

لم يكد يصل "ميدو" المنزل حتى تنامى إلى أذنه صوت شجار، اقترب لمعرفة طرفيه، وتبين وقوعها بين شقيقه الأكبر ونجل عمه "محمد صبحي" الذي انهال على الأول بالسب والشتم.

تدخل "ميدو" للفصل بينهما، محدثا ابن عمه الثاني "أحمد" قائلا: "مش فضناها وخلصنا الموضوع" ليجيبه الأخير "آه خلصناها" ليمسك بكزلك حُفر اسمه عليه -أحضره شقيقه الأصغر "لا لا"- مسددا له طعنة في القلب وسط ذهول الجميع فأسرع بتوجيه الثانية له بالظهر ليسقط "ميدو" على الأرض غارقا في دمائه.

الحدث جلل، زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر، صدمة ممزوجة بحسرة سيطرت على الأهالي، بينما انكب شقيق "ميدو" الأكبر على الأرض، احتضن شقيقه وأطلق صرخات انخلعت معها القلوب من الألم والحسرة بينما يقف نجل عمه "أحمد" في نصف الشارع ممسكا بسلاحه الأبيض مرددا عبارة "أنا نمبر وان.. واللي هييجي عليا هقتله".

10 دقائق حاول "ميدو" التقاط أنفاسه حتى نقل عبر دراجة نارية قيادة جاره في محاولة لإنقاذه إلا أنه فارق الحياة لدى مغادرته الشارع.

لم يتسرب اليأس إلى قائد الدراجة وشقيق ميدو في إنقاذه، وصلا مستشفى العجوزة لكنهما فوجئا برد المسؤولين "مش هينفع نستقبل حالته" فانطلقا إلى معهد ناصر الذين أدخلوه غرفة العناية المركزة على أمل إنعاش قلبه.

30 دقيقة مرت كالدهر على رفيقي "ميدو" القابعين خلف لوح زجاجي رفعا أكف الضراعة لمناجاة الخالق بأن يكتب السلامة لصاحب الـ22 سنة، لكن انتهى الأمر بخروج أحد أفراد الطاقم الطبي معلنا "البقاء لله".

بالعودة إلى الشارع الضيق -مسرح الجريمة- اكتست القلوب قبل المنازل باللون الأسود حزنا على مقتل "الشاب الجدع"، دماء خضبت الرمال لا تزال شاهدة على تفاصيل تلك الجريمة تزامنا مع وصول قوة من قسم شرطة الوراق تحت إشراف العميد عمرو طلعت رئيس مباحث قطاع الشمال.

عمد الرائد حسان الدجوي والنقيب كريم عبدالرازق معاونا مباحث الوراق، إلى جمع المعلومات لتكوين صورة مكتملة الأركان عما جرى تلك الأمسية، دقائق معدودات احتاجها الضابطان لتحديد هوية المتهمين وهما "أحمد.ص" وشقيقه "محمد" اللذين غادرا المنطقة بعد ارتكاب الجريمة.

بالعرض على العميد عاصم أبوالخير مدير المباحث الجنائية بالجيزة، وجه بسرعة ضبطهما من خلال نشر أكمنة في الأماكن التي قد يترددان عليها.

عقارب الساعة كانت تشير إلى الواحدة صباحا، تمكن النقيبان كريم عبدالرازق ومحمد حربي من ضبط المتهمين، وبحوزتهما السلاح المستخدم في الواقعة.

بالعودة مرة أخرى إلى منطقة القومية العربية، احتشد المئات لأداء صلاة الجنازة بالمسجد الجامع المكون من 3 طوابق الذي امتلأ عن أخره، ونُقل بعدها جثمان "الجدع" إلى مثواه الأخير وسط نوبة بكاء هستيرية سيطرت على أسرته وأصدقائه.

بنبرة حزينة طالب شقيق المجني عليه بالقصاص العادل لأخيه، مؤكدا ثقته الكاملة في القضاء المصري "إحنا مش عاوزين غير حقنا علشان النار اللي جوانا تبرد.. محدش مصدق اللي حصل".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان