لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

كافأت نفسها بالشاورما.. قصة أم ألقت طفليها بـ"حضانة أوسيم" إرضاء لزوجها

02:04 ص الخميس 05 ديسمبر 2019

المتهمان

كتب - محمد شعبان:

عام ونصف العام، لم يترك "محمد" وزوجته "رشا" سبيلاً إلا وسلكاه رغبةً في تحقيق مبتغاهما أملاً في أن يرزقهما الله بمولود يضحى "وريث العرش"، الأمر الذي تحقق بعملية حقن مجهري أثمرت بإنجاب توأم، قبل أن تتبدل الأحوال 180 درجة، ويضحى جل تفكيرها كيفية التخلص من الطفلين هربًا من المسؤولية، ليرتكبا جريمة حظيت باهتمام الرأي العام ووسائل الإعلام المختلفة خلال الأيام الماضية، فيما عُرف إعلاميًا بقضية "توأم حضانة أوسيم".

بالعودة إلى عام 2017، وفي إحدى ليالي الشتوية، شعرت "رشا" بآلام شديدة في الفك. متاعب الضروس أنهكتها وهي بالكاد تلتقط أنفاسها. قررت الذهاب إلى طبيب أسنان بترشيح من صديقتها، لكنها عادت بآلام مختلفة محلها القلب.

كررت السيدة الثلاثينية الزيارة إلى الطبيب المعالج. اللهفة والشوق سيطرا عليها منذ موعد الكشف الأول. صورة الطبيب لم تفارق مخيلتها، والمفاجأة أن الطبيب بادلها النظرات نفسها بمشاعر جياشة، كما لو أن لقاءهما دُبر قبل سنوات.

مرة تلو أخرى بات الأمر أكثر وضوحًا؛ علاقة عاطفية نشأت بين الاثنين، فصارح كل منهما الآخر بما يستقر داخل القلب، وبات الارتباط رسميًا الخطوة التالية الواجبة.

أحلام "رشا" الوردية اصطدمت بأولى العقبات؛ فارق السن كبير، إذ تكبر "محمد" بنحو 8 سنوات، كما أن فارق المستوى الاجتماعي ورفض أهله إتمام الزيجة كان عقبة أخرى في طريق سعادتهما.

وسط تمسك المحبوبين برباط علاقتهما، تكلل الأمر بالزواج، واستقر بهما الحال في شقة بسيطة، تعاهدا على المضي قدمًا منها لتجاوز الصعاب مهما بلغت، قبل أن يصل قطار المشكلات محطة عش الزوجية ويكتشف الثنائي السعيد مشكلتهما مع الإنجاب.

تبخرت أحلام الزوجين بزيادة عدد أفراد الأسرة، فقررا طرق الأبواب كافة، وتلخصت توصيات الأطباء بأن الفرصة سانحة شريطة إجراء عملية حقن مجهري، نتيجتها شبه مضمونة.

منذ عام ونصف العام، شعرت "رشا" بحالة إعياء، فتوجهت وزوجها إلى الطبيب المعالج الذي زف لهما الخبر السعيد "مبروك.. المدام حامل في توأم" تلك اللحظة غمرت بالسعادة قلبي الزوجين.

9 أشهر مرت دهرًا على "رشا" و"محمد"، كانا يعدان الأيام والليالي لاستقبال الطفلين، وجاءت أسعد اللحظات بسماع صوت صراخ الصغيرين فحمدا المولى عز وجل على نعمته.

"تأتي الرياح بما لا تشتهي السُفن" عبرة تحققت بجنبات منزل طبيب الأسنان الذي رفضت أسرته الاعتراف بزيجته أو طفليه، وراحت تذكره بفارق السنوات الثماني بينه وبين "أم العيال"، والوضع الاجتماعي، ومكانته مقارنة بها.

بمرور الوقت وتكرار تعليقات أسرته، تبدلت معاملة "محمد" مع زوجته وطفليه "مازن" و"عمر" اللذين بلغا من العمر عامًا ونصف العام، انفعالات غير مبررة ومشاحنات مستمرة، جلبت النكد إلى المنزل السعيد.

مطلع شهر نوفمبر الماضي، وصل قطار الزوجية مفترق طرق، فجلس الاثنان داخل غرفتهما يبحثان ما قد آلت إليه الأمور، وتأكيد "محمد" على عدم استطاعته العيش بعيدًا عن أسرته أو مخالفتها، مطالبًا "رشا" بإيجاد حل جذري "لازم نتخلص من الطفلين".

صدمة ممزوجة بحسرة سيطرت على ربة المنزل، حاولت معها استيعاب ما وقع على مسامعها، قبل أن يجدد "محمد" طلبه "العيال دول فقر.. من ساعة ولادتهم والمصايب نازلة علينا".

استجمعت صاحبة الـ38 سنة قواها في محاولة للبحث عن مخرج، ومع مماطلتها الزوج في تنفيذ طلبه، طرح عليها سيناريو بديلاً "إحنا نسيبهم في حضانة شوية ونرجعهم تاني تكون الدنيا ظبطت معانا".

مساء يوم 28 نوفمبر الماضي، بدت الأجواء مألوفة داخل أروقة قسم شرطة أوسيم شمال محافظة الجيزة، يتفقد العميد مجدي عزيز الخدمات الأمنية ويطمئن على حسن معاملة المواطنين، يعود بعدها إلى مكتبه لفحص دفتر النوبتجية، قبل أن يقطع انهماكه صوت طرق الباب "في واحدة عاوزة حضرتك ضروري يا فندم".

بقلق وتوتر شديدين تحدثت "أمنية. ع" مالكة حضانة بشارع الأربعين بمنطقة بشتيل، إلى المأمور، أخبرته بحضور سيدة "منتقبة" للحضانة صحبة طفلين توأم "عمر عام ونصف العام"، تعمل مُمرضة، تركت الصغيرين وحقيبة داخلها مستلزماتهما على أن تعود لاصطحابهما، لكنها لم تعد.

شكل اللواء مدحت فارس نائب مدير مباحث الجيزة، فريق بحث رفيع المستوى ترأسه العميد عمرو طلعت رئيس مباحث قطاع الشمال، وبمشاركة العقيد أحمد الوليلي مفتش القطاع؛ للوقوف على ملابسات الواقعة.

بالانتقال إلى الطابق العلوي بالقسم، وتحديدًا وحدة المباحث، عقد المقدم مجدي موسى رئيس مباحث أوسيم اجتماعًا مغلقًا بمعاونيه الرائد وليد كمال والنقيب إبراهيم فاروق، بحثوا خلاله خطة العمل لكشف غموض تلك الواقعة.

انطلق النقيب إبراهيم فاروق قاصدًا نقطة البداية "دار الحضانة". أجرى معاينة دقيقة حتى التقطت عيناه كاميرا مراقبة مُثبتة بالقرب من الدار، رصدت استقلال السيدة المشتبه بها "توكتوك" يحمل علامة مميزة، كان بمثابة طرف خيط.

7 أيام كاملة لم يذق خلالها ضباط وحدة المباحث طعم النوم، اهتمام بالغ من القيادات الأمنية بالمديرية بتلك القضية التي استحوذت على اهتمام مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي ممن تداولوا صور الطفلين، وطالبوا وزارة الداخلية بسرعة الكشف عن ملابسات الواقعة.

تتبع الرائد وليد كمال والنقيب إبراهيم فاروق كاميرات المراقبة عبر خط سير السيدة المقصودة، انطلاقًا من منطقة بشتيل وصولاً إلى موقف البوهي بمنطقة إمبابة، دون كلل أو ملل أملاً في التوصل إلى الحقيقة ولا شيء سواها.

مفاجآت عدة حملتها كاميرات المراقبة، رصدت السيدة لحظة ترجلها من "التوكتوك" فهمت بخلع النقاب، وتوجهت إلى مطعم مأكولات وتناولت "ساندوتش شاورما" ثم استقلت سيارة أجرة إلى روض الفرج.

بالعودة إلى قسم أوسيم، حالة ارتياح سيطرت على الجميع، اتصال هاتفي جمع قائد فريق البحث بمدير المباحث اللواء محمود السبيلي "القضية قربت يا فندم وعرفنا مين الست"، توصلت جهود البحث إلى أن وراء ارتكاب الواقعة والدي الطفلين "رشا. ه"، 38 سنة، و"محمد. ص"، 30 سنة - طبيب أسنان، أصل إقامته كفر الشيخ.

أول أمس الثلاثاء، داهمت مأموريات قادها الرائد وليد كمال والنقيب إبراهيم فاروق معاونا المباحث، منزل المشتبه بها بمنطقة الساحل، وأمكن ضبطها وزوجها، واقتيادهما إلى القسم للتحقيق.

بعباءة سوداء لا تختلف كثيرًا عن قلبها الذي انتزعت منه الرحمة والأمومة، وقفت "رشا" أمام العميد عاصم أبوالخير، مدير المباحث الجنائية، تروي تفاصيل جريمتها الشنيعة. أقرت الأم بارتكابها الواقعة بالاتفاق مع زوجها "هو اللي ضغط عليا علشان خايف من أهله في البلد".

وعن سبب اختيارها تلك الحضانة، أرجعت السبب إلى كونها مجاورة لمحل إقامة شقيقتها بمنطقة بشتيل، وكان ارتداؤها النقاب لإخفاء هويتها، بينما التزم الطبيب -الحاصل على تقدير امتياز في جامعة القاهرة- الصمت مكتفيًا بالتأكيد على صحة التحريات ورواية زوجته.

أسدل رجال المباحث الستار على إحدى القضايا التي شغلت الرأي العام، وسط إشادة من قيادات المديرية بجهود فريق البحث، إذ حرص اللواء محمود السبيلي ورئيس القطاع على توجيه الشكر للضباط المشاركين تليفونيًا "مبروك يا رجالة شرفتونا قدام الدنيا كلها".

صباح أمس الأربعاء، اقتادت قوة من القسم الزوجين إلى سرايا النيابة العامة، إذ أمر المستشار محمد هاني رئيس نيابة أوسيم، بإخلاء سبيلهما بضمان محل إقامتها، وإجراء تحليل "dna" للطفلين ووالديهما للتأكد من صحة نسبهما، والإبقاء على الطفلين لدى الحضانة.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان