إعلان

"استنى أصلي العصر".. القصة الكاملة لمذبحة أسرة نجل الفنان المرسي أبوالعباس

02:52 م الخميس 28 يونيو 2018

الضحايا

كتب - محمد شعبان:

منذ نحو 12 سنة، وافقت "هبة" على الزواج من "صلاح" نجل الفنان المرسي أبوالعباس، استقر بهما الحال داخل شقة متواضعة بمنطقة المساكن ببولاق الدكرور، ورُزقا بطفلتين، إلا أن تغيرا طرأ على الزوج، قاده للتخلص من أسرته خنقا في جريمة أضحت حديث الساعة.

طلب "صلاح" من حارس العقار رقم (10) -قبل أيام من انطلاق بطولة كأس العالم المقامة في روسيا- مد سلك "الدش" لمتابعة مباريات المنتخب المصري في المونديال، لكنه في الخامسة مساء الثلاثاء الماضي، غادر شقته لمشاهدة لقاء الفراعنة مع روسيا في الظهور الثاني للمنتخب الوطني.

أجواء احتفالية سادت شارع الملكة المتفرع من شارع العشرين، الجميع على أهبة الاستعداد لمشاهدة المباراة معلين آمالهم في عودة هداف الدوري الإنجليزي محمد صلاح، لكن خيبة الأمل التي سيطرت على نجل الفنان الراحل لضياع حلم العبور لدور الـ16 بخسارة المنتخب، تحولت إلى فاجعة بعثوره على جثث زوجته وابنتيه داخل الشقة.

"لا إله إلا الله.. مراتي وبناتي ماتوا" كلمات ظل يرددها "صلاح" أثناء نزوله درجات السلم، ليبلغ الشرطة.

في غضون دقائق، تحولت المنطقة إلى ما يشبه الثكنة العسكرية مع وصول رجال البحث والمعمل الجنائي والنيابة، يفرض العميد طارق حمزة، مفتش مباحث غرب الجيزة، طوقاً أمنياً بمحيط العقار بقيادة المقدم هشام بهجت، وكيل الفرقة.

كشفت المعاينة وجود بعثرة في محتويات الشقة، وسلامة المنافذ كافة، دون وجود كسر في الباب أو النوافذ، وعُثر على جثث الأم "هبة"، 38 سنة، بكدمات بالعين والصدر وبجوارها "إيشارب" داخل غرفة نومها، وابنتيها "جنة الله"، 14 سنة، مخنوقة بوسادة، و"حبيبة"، 10 سنوات، بسلك هاتف.

20 يوماً هي عمر فرحة الأسرة بنجاح "جنة الله"، وحصولها على المركز السادس في المرحلة الإعدادية، لتؤكد جارة الضحية: "ناس طيبين وفي حالهم..ربنا ينتقم من اللي كان السبب"، موضحة أن الأم كانت ملتزمة دينيا، وحرصت على تحفيظ ابنتيها القرآن كريم منذ الصغر "متعودة تتبرع لمستشفى السرطان كل سنة.. آخرها يوم 28 رمضان".

ويقول مصطفى أحمد، أحد الجيران، إنهم لم يسمعوا أي استغاثة أو صراخ "الكل كان بيشوف ماتش المنتخب الوقت ده".

يلتقط عمرو محمد، صاحب محل مجاور، طرف الحديث واصفاً حالة الأب المكلوم "قعد على جنب وكان بيشرب بيبسي".

وشكل اللواء إبراهيم الديب، مدير مباحث الجيزة، فريق بحث ترأسه نائه اللواء رضا العمدة، والعميد محمد عبدالتواب، مدير المباحث الجنائية، والعميد عبدالوهاب شعراوي، رئيس مباحث غرب الجيزة، والمقدم علي عبدالكريم، تركزت جهوده على رصد علاقات الأب، ووجود عداوات بينه وآخرين ترقى لارتكاب الواقعة.

أحد الجيران روى أن مقطع فيديو التقطته كاميرات مراقبة محل تجاري مجاور للعقار، رصد لحظة دخول شاب إلى الشقة -مسرح الجريمة- الأمر الذي نفته مصادر أمنية مسؤولة، مؤكدة أنها ربة منزل كانت تزور أحد أقاربها رفقة شقيق زوجها.

علاقة الزوجين كانت محل اهتمام المقدم محمد الجوهري، رئيس مباحث بولاق الدكرور، ومعاونه الرائد طارق مدحت، وتبين أنه كان يعتدي عليها بالضرب، لكنها لم تكن تطلق أي صرخات حفاظا على صورتها بين الجيران، حتى أنه فكر في الزواج من أخرى منذ عام.

ورغم انتماء الزوجة إلى عائلة ميسورة الحال، وإرسال خالها "المليونير" مساعدة شهرية، رفضت "هبة" عرضه بإلحاق ابنتها الكبرى بإحدى المدارس العالمية في القاهرة مكتفية بتفوقها الحالي، دون إخباره بأفعال زوجها وتكرار تعديه عليها بالضرب.

لم يذق رجال البحث الجنائي طعم النوم طوال 72 ساعة متواصلة، صورة الضحايا الثلاث لم تفارق أذهان الرائد طارق مدحت، معاون مباحث بولاق الدكرور، راح يلملم المعلومات بعيدا عن مسرح الجريمة، ليتعقب رواية الأب حول سرقة مبلغ 340 ألف جنيه من المنزل قيمة بيع شقة منذ 10 أيام، وثبوت عدم رد الضحايا على أي مكالمات منذ الثالثة عصرا وحتى الخامسة "موعد مغادرته للشقة".

أولى المفاجآت كانت أن الأب هو الوريث الوحيد للفنان الراحل، الذي ترك له شقة بمدينة نصر، لم يثبت بيعها، ليؤكد أنه اختلق واقعة المبلغ المسروق من الشقة، تلاها اكتشاف اعتياده المضاربة في البورصة لدرجة تصل لـ"الإدمان"، وأنه خسر نحو 700 ألف جنيه خلال الفترة الأخيرة.

كما لاحظ رجال المباحث وجود سحجات "خرابيش" بيده، ليوجه له سؤالا حول مصدرها فجاء الجواب "كنت بهزر مع بنتي" -حسب مصدر أمني مشارك في التحقيقات- ليصدر قرارا بعرضه على مصلحة الطب الشرعي، ومطابقة الإصابة بجثث المجني عليهن.

رويدا رويدا بدأت الأمور تتكشف، تبين أن الأب يعالج من أزمة نفسية طوال السنوات الست الماضية، وأنه يتناول عقاقير طبية نتج عنها تغير بتصرفاته التي بدت أكثر عدوانية، تسببت في فصله عن العمل من شركات عالمية عمل في كل منها قرابة العام قبل كشف حقيقته.

تجمعت الخيوط لدى فريق البحث، الأدلة كافة تشير إلى تورط الأب، خاصة مع فحص جميع من صعد العقار ذلك اليوم، وتعمده دخول محلات "مزودة بكاميرات مراقبة"، ومصافحته العديد من الأشخاص على غير عادته، وكأنه يحاول إثبات تواجده في تلك الأماكن خلال ذلك التوقيت، لتبدأ مناقشته بشكل جديد، حيث تضاربت خلالها أقواله، ليعترف في النهاية "قتلتهم علشان خايف عليهم".

توقف "صلاح" عن الحديث لحظات محاولا استرجاع ما دار ذلك اليوم ليؤكد أنه "عصر الثلاثاء" توجه إلى غرفة ابنتيه، وأيقظ زوجته التي كانت نائمة بجوارهما مطالبها "تعالي عاوز أتكلم معاكي في موضوع مهم"، لتنظر السيدة الثلاثينية إلى الساعة، تتوجه بعدها إلى دورة المياه للوضوء "استنى أصلي العصر وأجيلك نتكلم".

لم تكد تفرغ "هبة" من صلاتها حتى توجهت إلى غرفتها مرتدية الإسدال، وجلست على السرير منتظرة قدوم الزوج الذي باغتها من الخلف، وخنقها بإيشارب حتى لفظت أنفاسها الأخيرة، ثم عاد إلى غرفة ابنتيه، وحمل الطفلة الصغيرة إلى جوار والدتها وخنقها بسلك هاتف، ليعود المرة الأخيرة وينهي حياة "جنة الله" بكتم أنفاسها بوسادة أثناء نومها.

أحدث الأب بعثرة في محتويات الشقة، دخل بعدها لأخذ قسط من النوم غير عابئ بفعلته، واستيقظ عقب مرور ساعة، ودخل للاستحمام، ارتدى بعدها ملابسه، وغادر الشقة لمشاهدة مباراة مصر وروسيا قبل أن يعود في تمام الواحدة والنصف صباحا متظاهرا باكتشافه مقتل زوجته وابنتيه وتعرضه للسرقة، ليختتم اعترافاته "خفت عليهم من الجوع والفقر.. الديون السبب"، لتأمر النيابة بحبسه 4 أيام على ذمة التحقيقات.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان