حكاية "نادين".. مأساة طالبة ثانوي أنهت "الملاهي" حياتها - (صور)
كتب - محمد شعبان:
منذ صغرها، تحلم "نادين" بأن تصبح مهندسة، ولما بات الأمر قريب المنال بوصولها للصف الثالث الثانوي، أنهت لعبة الوسادة الهوائية بمول العرب بمدينة 6 أكتوبر، حياتها بعدما اختل توازنها، وسقطت من على ارتفاع 10 أمتار، جثة هامدة.
في السادسة والنصف من مساء الأربعاء الماضي، استيقظ النقيب مهندس هشام زكريا، على جرس هاتفه المحمول: "أختك نادين عملت حادثة"، تتسارع دقات قلبه خوفا من ألا يشاهد شقيقته الصغرى مرة أخرى.
يستقل صاحب الـ27 عاما سيارته من إحدى مطارات الإسماعيلية مسرعا إلى مستشفى 6 أكتوبر المركزي، ليمر شريط الذكريات لمواقف عدة جمعتهما سويا: "دي أمي الصغيرة وأختي"، يقول هشام، قبل أن يؤكد لمصراوي أن شقيقته صاحبة الـ17 عاما كانت بمثابة الصندوق الأسود "أسراري كلها معاها".
مع اقترابه من مدينة السادس من أكتوبر، يحاول الاتصال على هاتف شقيقته المحمول، دون أن يجيبه أحد، فيحاول مرات عديدة، لتجيبه فتاة "البقاء لله.. نادين توفت"، ليدخل الضابط في حالة من البكاء الهستيري: "حتة مني راحت.. دي جات بعد شوقة.. نادين آخر العنقود جاءت بعد سنين من ولادة شقيقتي الأخرى سماح 25 عاما".
أصوات صراخ وعويل تهز أرجاء المستشفى مع وصول الأهل والأصدقاء، لتنهار والدة الطالبة، التي تعمل بشركة مياه الشرب والصرف الصحي بالقاهرة، ووالدها زكريا عب الحميد (موظف بالمعاش)، والذي ظل يردد "هاتولي نادين"، كما لو أنه في كابوس يتمنى الإفاقة منه، لكن بدء عملية الغسل جعلتهم أمام يقين بأنها ذهبت إلى دار الحق.. "كنت بقول بنتي قمر.. دي قمرين"، تقول الأم المكلومة.
وما أن فرغ الأهل من أداء صلاة الجنازة بمسجد الحصري بأكتوبر، ودفن جثمان "نادين"، حتى عادت أسرتها إلى منزلهم بمنطقة بالهرم، يقول شقيقها الأكبر: "البيت اتسحبت منه الروح بوفاة نادين لأنها كانت أحلى حاجة في حياتنا".
ومع شروق شمس اليوم التالي، استيقظ أفراد الأسرة الأربعة، ليتذكروا مواقف "نادين" منذ السادسة وحتى 11 صباحا: "كانت بتفطر القطط اللي في العمارة قبل ما تفطر نفسها"، قالها "هشام" الذي غالب دموعه وهو يكمل: كانت تسير في المنطقة، وعندما لاحظت قطة جائعة ذهبت وأحضرت لها بعض اللبن "ولما مرضيتش جابتلها سرنجة وشربتها".
"كانت عضو نشط بجمعية رسالة"، يقولها "هشام" متذكرا إشادة مديرها المباشر بالجمعية بجهودها: "كان بيقولها دايما انت سبب مباشر في جمع مبالغ كبيرة من التبرعات".
وعن يوم الحادثة، يقول النقيب هشام، إن نادين أخبرته بأنها ستذهب للتنزه وتناول الطعام بمول العرب، مشيرا إلى أن صديقتها سارة أحمد أصيبت بحالة انهيار عصبي، وأكدت له أن شقيقته ترددت مرتين في القفز من أعلى اللعبة، وفي المرة الثالثة قفزت لكن مع التردد اختل توازنها، وسقطت على الأرض.
"مفيش عوامل أمان خالص، مش معمول حساب حد يدوخ أو يتعب".. يقول "هشام" إن اللعبة تفتقد للمواصفات القياسية، خاصة عدم إحاطتها بأشياء تمتص الصدمات حال سقوط القافز بمكان خطأ "الأرضية مثل ملل السرير المخلعة فيها فراغات".
وأكد "هشام" أن شقيقته كانت تتمتع بحب الجميع خاصة بين زملائها بالمدرسة الذين يتصلون به على مدار الساعة، وقال إن والده رآها في رؤية صباح اليوم، وأخبره أنه كان يشتكي من السير في طريق مظلم فإذا بـ"نادين" تقول له: "الطريق كله نور".
بين أركان البيت تجلس الأم تنظر إلى صورة ابنتها "نادين"، تتذكر لحظات ابتسمت فيها الطفلة الصغيرة عندما وُلدت وقدمت للدنيا، وآخر نظرة على جُثمانها عندما رحلت: "أنا عاوزة حق بنتي، مش عاوزة دمها يروح هدر".
فيديو قد يعجبك: