إعلان

فيروس كورونا: كيف أثر الوباء على الطريقة التي نحلم بها؟

10:21 م الثلاثاء 28 أبريل 2020

كثيرون يروون مشاهدتهم أحلاما واضحة وقوية على غير ا

لندن (بي بي سي)

كان قد مرّ أسبوعان على فرض الإغلاق بسبب كورونا، عندما بدأت شابة فلبينية في عامها التاسع عشر ترى في منامها سلسلة من الأحلام القوية.

تقول إليشا أنغليس: "حلمت بأنني في مستشفى في منتصف الليل وأن ثمة طبيبا يُجري عملية جراحية في إحدى يدَّي. ولم تمض دقائق معدودة حتى غادرت المستشفى بيد واحدة".

"أذكرُ كيف كان الطبيب يتمشّى على مقربة مني وهو يلعب بيدي التي بترها قبل أن يشرع في تشريحها، عندئذ أحسست بالضياع".

في الليالي التالية، حلمتْ أنغليس أنها تفقد أشياء أخرى: "تارة أموالا، وتارة أخرى حاسوبي اللوحي".

أنغليس ليست وحدها في هذا المضمار.أزمة فيروس كورونا تغير العالم بقوة، وكذلك الأحلام.

كثيرون يروون مشاهدتهم أحلاما أكثر وضوحا وتكثيفا منذ تفشي الفيروس في أكثر من 175 دولة وفرْض الإغلاق.

قلق وتوتر

تعكف ديردري باريت على تجميع مثل هذه الأحلام منذ مارس/آذار في محاولة لفهم ما طرأ عليها من تغيير منذ تفشي الوباء.

باريت أستاذة مساعدة لعلم النفس بجامعة هارفارد ومؤلفة كتاب "لجنة النوم".

تقول باريت: "أيّ باعث قوي على التوتر يزيد عدد الأحلام القوية المتسمة بالقلق - وما أقوم به من مسح يشتمل على عدد كبير من تلك النوعية من الأحلام".

عدد ممن شملتْهم عينةُ المسح رووا مشاهدة أحلام مرتبطة بوضوح بالأزمة: "بعد مشاهدة فيلم كونتيجَن'عدوى'، رأيتُ في الحلم أنني أُصبتُ بـكوفيد-19".

"كنتُ أشعر بالاختناق وأعاني آلاما جسدية وبأن الرؤية تسودُّ أمام عيني. عندئذ أدركتُ أنني أحتضر. لكنني بعد ذلك حصلتُ على عدد من الأشياء لتخفيف الأعراض في محاولة لعلاج المرض، لكنني لم أتبيّن على وجه التأكيد فعالية ذلك".

وكانت الباحثة باريت قد أجرت أبحاثا على الأحلام إبان العديد من الأحداث الباعثة على التوتر في السابق، كتلك التي تلت الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، وحق الكويتيين بعد اجتياح العراق لبلادهم، والجنود البريطانيين في معسكر نازي لأسرى الحرب.

ومن واقع خبراتها، فإن الحروب تُفرز صورا واضحة تتراءى في الأحلام - لكن الوضع مع الوباء الراهن يختلف.

عدو خفي

تقول باريت: "هو عدو خفي، وثمة الكثير من الأشياء ترمز إليه في الأحلام؛ فهناك الكثيرون يروون مشاهدة جحافل من حشرات البق، وآخرون يروون مشاهدة أمواج تسونامي عاتية، أو أعاصير، أو زلازل".

ويظن تشارلي من إنجلترا (24 عاما) أن أسوأ مخاوفه تداهمه في منامه.

ومنذ الإغلاق جرّاء كورونا، يرى تشارلي في منامه أحلاما غريبة بها عناكب ضخمة.

"رأيت في الحلم أن عنكبوتا ضخما زحف إلى فراشي من تحت السرير. عنكبوت بحجم القطة، باهت اللون، سيقانه كأغصان الأشجار. عندئذ هرولتُ خارج الغرفة وأنا أصرخ طلبا للنجدة. ثم تمكنت أمي من الإمساك به وحبْسه في سلة المهملات قبل أن ترمي بها خارج المنزل، حيث ظل العنكبوت الضخم يرتطم في جنبات السلة قبل أن أصحو من منامي".

يختلف حجم وشكل العناكب - لكن أحلام تشارلي دائما ما تقع في المنزل.

"دائما ما تهاجمني العناكب في منطقتي الآمنة، وتحديدا سريري، مما يضفي مزيدا من الواقعية!"

وتعتقد الباحثة باريت أن إجراءات البقاء في المنازل بسبب كورونا قد تترك البعض أكثر قدرة على استذكار تفاصيل الأحلام، وربما يرجع ذلك إلى أنهم ينامون لوقتٍ أطول الآن، وأحيانا بلا منبّه لإيقاظهم.

تقول باريت: "كثيرون ممن كانوا يُحرَمون من النوم بسبب استغراقهم لساعات طويلة في العمل، أو في الحياة الاجتماعية، ربما يحظون الآن بالنوم لساعات أطول".

حالِمٌ آخر، ممن شملتهم عينةُ المسح، يقول إنه رأى في المنام أنه يجلس في متنزه في يوم مشمس ثم تحوّل الأمر إلى كابوس.

يقول: "كنتُ جالسا وأصدقائي على مقعد خشبي نتحدث، وفجأة سمعنا جلبة ورأينا مسدسا رشاشا طائرا في السماء مقبلا في اتجاهنا بسرعة شديدة. كان المسدس يغير اتجاهه بسرعة ويستهدف الناس بالقتل. ثم جاء نحونا، عندئذ أخذتُ أهرول بحثا عن مخبأ".

تمثّل الأحلام ذلك الجزء الغامض أبدا في عقولنا، وهي لا تزال إحدى الظواهر الأغرب والأقل وضوحا لنا، لكن ثمة ملايين من البشر مع ذلك يرون أحلاما كل ليلة.

لويجي دي جينارو تدرس أحلام الإيطاليين الذين اضطرهم الوباء للبقاء في منازلهم.

تقول لويجي إنها رصدت زيادة كبيرة في معدل استذكار الأحلام في ظل هذه الظروف.

حركة العين السريعة

وجدت الباحثة لويجي أن تدّني جودة النوم بسبب القلق العام قد يورث اضطرابات كـ حركة العين السريعة، وتواتُر استيقاظ البعض أثناء الليل.

وفي حالة اضطراب نوم حركة العين السريعة، تعاني العينان اهتزازا سريعا، وتطرأ تغييرات على التنفس والدورة الدموية، ويدخل الجسم في حالة من ارتخاء العضلات. ويحدث ذلك في موجاتٍ مدةُ الواحدة منها 90 دقيقة أثناء النوم، وفي هذه المرحلة يميل المخ إلى الأحلام.

وإذا ما استيقظ النائم أثناء هذه الحالة من حركة العين السريعة، فأغلب الظن أنه سيتذكر تفاصيل أحلامه.

تقول لويجي: "الأحلام تُعدُّ أيضا ردّ فِعل عاطفي على الوباء. كما نشهد في هذا الوقت تزايدا في أعداد الذين يروون عن كوابيس".

نياماي ديفيرو، من دبلن، تروي أنها شاهدت في المنام شبحا عاريا في الحديقة بينما كانت حاضرة في حفل في المنزل.

تقول ديفيرو ذات الثمانية والعشرين عاما: "شبحٌ عارٍ مرعب كان يطوف حولنا جميعا، وغير بعيد كانت هنالك أيضا نعجة".

"كِدْت أُجنّ"

"لم يلتفت أحد إلى أي منهما، أما أنا فكدت أُجنّ ولم أحوّل عيني عنهما، لا سيما عن الشبح الذي كان ذكرا كبيرا".

ويتفق الباحثون على أن ما نختبره في يقظتنا بالنهار تنطبع آثاره مباشرة على أحلامنا، لا سيما ما كان عاطفيا من تلك الخبرات، مما يجعل الأشخاص الذين هم في خطوط المواجهة أكثر عرضة للكوابيس.

واعتمدت السلطات في إيطاليا مؤخرا استخدام تطبيق تتبُّع الاتصالات "إيميوني"، في محاولة لمنع تفشي الوباء.

كارلوتا تابعت تلك المستجدات على مواقع الأخبار ووجدت آثارًا لذلك في أحلامها.

تقول كارلوتا: "حلمتُ أنني أشعر بشيء غريب على جبهتي. ذهبتُ على الفور إلى المرحاض ونظرت إلى المرآة. رفعتُ الشعر عن جبهتي لأجد ثلاثة أزرار صغيرة، اثنان لهما ضوء أحمر والثالث له ضوء أخضر. شخص ما أخبرني أن الزر الأخضر هو تطبيق تحديد المواقع 'جي بي إس' للتحكم في أنشطة الناس".

وتتابع كارلوتا: "لم أعرف ما فائدة الزرّين الأحمرين، لكنني ضغطتُ على الزرّ الأخضر، قبل أن أستيقظ من نومي".

الأحلام: مرآة الواقع أم رسائل خفية؟

جامعة الأحلام

إرين غريفلي تروي ما تحلم به على موقع idreamofcovid الإلكتروني الذي دشّنتْه في ظل الإغلاق بسبب وباء كوفيد-19.

إرين المقيمة في كاليفورنيا، ليست باحثة ولكن الفكرة واتتها بعد أن رأت في الحلم أناسا يتبعون إجراءات التباعد الاجتماعي.

تقول لبي بي سي: "كانوا يقفون على مسافة ست أقدام من أحدهم الآخر، ولا يتصافحون. أتساءل عما إذا كانت هذه الأزمة قد وجدت طريقها إلى أحلام الآخرين كما في حالتي".

وتأمل إرين في أن يساعد المشروع في رصد الاختلافات التي تطرأ على أنساق أحلام البشر تبعًا للاختلافات التي تطرأ على العالم.

من الممكن إيجاد قواسم مشتركة بين الأحلام في النطاق الجغرافي الواحد. على سبيل المثال، ولاية نيويورك بها عدد الإصابات بفيروس كورونا يتجاوز نظيره في أي دولة على حدة، بحسب الإحصاءات.

هذه امرأة خمسينية تقيم في نيويورك تروي حلما رأته مؤخرا بالتفصيل: "كنتُ أستقلّ زورقا في بحيرة وإذا بموجة تسونامي كبيرة في طريقها نحوي. حاولت التشبث ونجوت من هذه الموجة. لكن سرعان ما ظهرتْ موجة أخرى، بل وأكبر حجما. هذه الموجة قذفتْ بي إلى الشاطئ. هناك رأيت الكثير من الصخور أمامي. ثم استيقظتُ من نومي".

لكن الحلم لا يبدو بعيدا جدا عن الواقع.

"أظن أن الموجة الأولى ترمز إلى كوفيد-19، أما الثانية فترمز إلى التغير المناخي".

أحلام إيجابية

قد يظن البعض أن الجميع يرون أحلاما سلبية في تلك الأوقات، لكن هذا الظن غير صائب.

تقول الباحثة باريت: "ربما كان مما يثير الدهشة، لكن عددا لا بأس به من الناس يرون في منامهم في هذه الأيام أحلاما إيجابية؛ فالبعض يرى مستقبلا بلا هذا الكم من التلوث، والبعض يحلم باكتشاف علاج للفيروس".

نيرو مالوهترا، من العاصمة الهندية نيو دلهي، ترى أحلاما إيجابية.

"منذ بدأ الإغلاق، تراودني أحلام بارتياد غرف فندقية خيالية، كتلك التي أشاهدها على شاشات التليفزيون. هذه الغرف ذات نوافذ كبيرة تطل على البحر وأحيانا على مساحات خضراء شاسعة. عندئذ أشعر بسعادة وارتياح. ولا زحام هناك، بل لا أحد على الإطلاق في المشهد".

عزيزي القارئ إذا كنت تتساءل الآن في نفسك كيف يتسنى لك أن تجعل أحلامك أكثر أمانًا، فإن الباحثين ينصحونك بالتحضير لأحلامك!

نعم، يمكنك أن تقترح على نفسك وأنت تستعد للنوم ما تودّ أن ترى في أحلامك.

تقول الباحثة باريت: "فكِّرْ في الشخص المفضّل لديك، وفي مكانك المفضل. استعِدْ في ذاكرتك حلما طيبا حلمت به من قبل. كرِّرْ على نفسك ما تودّ أن تراه في منامك".

هذه الحيلة تنطلي أحيانا على العقل فيلبّي بدوره الطلب وتتراءى الأحلام السعيدة في المنام.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان