قبور جماعية في إيران والحكومة تتستر على حقيقة تفشي فيروس كورونا
(بي بي سي):
تابعت الصحف البريطانية الصادرة الجمعة في نسخها الورقية والإلكترونية انشغالها بفيروس كورونا المستجد، الذي اجتاح معظم دول العالم، ومناقشة تداعيات تفشيه، وسبل مكافحته، ومدى شفافية الحكومات في الكشف عن حقيقة تفشيه في أراضيها.
وفي صحيفة الغارديان، كتب جوليان بورجير محرر الشؤون الدولية تقريراً بعنوان "صور الأقمار الصناعية تظهر أن إيران تحفر قبوراً جماعية وسط تفشي فيروس كورونا"، اعتبر فيه أن الحكومة الإيرانية "تتستر على الأعداد الحقيقية الصادمة للإصابات والوفيات"، وأن علاقاتها التجارية الوثيقة مع الصين حالت دون اتخاذها تدابير صارمة منذ البداية للحد من انتشار الفيروس.
ويقول الكاتب إن "القبور الجماعية في مدينة قُم التي تظهرها صور الأقمار الصناعية، تشي بأن الوضع بشأن تفشي وباء كورونا في إيران أخطر بكثير مما تعترف به الحكومة".
ويضيف أنه "في الوقت الذي كان فيه الخندقان محفورين، أعلنت الحكومة أن عدد الوفيات في أنحاء البلاد بسبب الفيروس هو 12 شخصاً فقط، في حين كان عدد الوفيات في قم وحدها 50 شخصاً".
وتظهر الصور، التي نشرت للمرة الأولى في صحيفة نيويورك تايمز، كما يقول الكاتب، قسماً جديداً تم بناؤه في مقبرة شمالي مدينة قم في أواخر فبراير/شباط، إلى جانب حفر خندقين كبيرين طول كل منهما نحو 90 متراً.
ويقول الكاتب إن "أصحاب المناصب العليا في القيادة الدينية الإيرانية مهددون بشكل خاص بسبب تقدمهم في السن".
كما ينقل بورجير عن أمير أفخمي، الأستاذ المساعد في جامعة جورج واشنطن، والذي سبق أن كتب عن تجربة إيران مع وباء الكوليرا "لست متفاجئاً من أنهم يقومون الآن بحفر مقابر مقابر جماعية، ويحاولون إخفاء الآثار الفعلية لتفشي المرض".
وبحسب أفخمي فإن العلاقات التجارية الوثيقة بين إيران والصين، وخشية الحكومة الإيرانية من عرقلة شراكتها مع الصين، ساهمتا في الانتشار المبكر والسريع للمرض في إيران"، ولذلك "لم تتخذ الحكومة إجراءات كافية لتقييد حركة السفر من الصين ومراقبة المسافرين، إضافة إلى غياب الشفافية، وعدم اتخاذ إجراءات فعالة مثل الحجر الصحي، خاصة في بؤر تفشي المرض".
التنسيق الدولي هو الحل
وما زلنا مع فيروس كورونا ولكن من صحيفة التايمز التي نشرت مقالاً لإيد كونواي بعنوان "الفيروس كشف ضعف منظمة الصحة العالمية". ويعتبر الكاتب أن فشل المؤسسات العالمية في إيجاد طريقة للتعامل مع انتشار الوباء يذكر بما حصل في الأزمة المالية العالمية عام 2008.
ويقول الكاتب "إذا نظرنا إلى الوراء، إلى عام 2008 حين حصلت الأزمة التي هزت الاقتصاد العالمي، أدرك قادة العالم حينها أن المشكلة تكمن في كون البنية الاقتصادية العالمية ضعيفة من حيث الاستعداد للتعامل مع عاصفة مثل هذه، لذلك قدموا لها الدعم. أعادوا هيكلة مجموعة العشرين التي يفترض أن تتعامل مع الأزمات المالية، وضخوا مزيداً من الأموال في صندوق النقد الدولي".
ويعتبر الكاتب أننا اليوم ومع تفشي فيروس كورونا "نكتشف أيضاً أن البنية التحتية الصحية العالمية، هي ببساطة غير مستعدة، على غرار ما حدث عام 2008".
ويخلص كونواي إلى أن "الطريقة الوحيدة لمكافحة فيروس كورونا هي التنسيق المشترك، وتشارك الموارد والوسائل والمعلومات واستراتيجيات مكافحة انتشار الفيروس، ولكن للأسف ما يحصل هو عكس ذلك"، مضيفاً أن "المنطلقات التي تقف وراء القرارات الحاسمة متباينة جداً ما بين دولة وأخرى، وإلا فلماذا تمنع فرنسا الفعاليات الرياضية مثلاً، في حين يجتمع الآلاف في مهرجان تشيلتمان (للخيل في بريطانيا)؟".
وحسب كونواي فإن من أسباب غياب التنسيق العالمي في التعامل مع وباء فيروس كورونا المستجد هو "كون البيت الأبيض يدار من قبل من لا يبدو متحمساً أو مؤمناً بالأدلة العلمية، ولا بالتنسيق متعدد الأطراف".
ويرى الكاتب أن هناك تكراراً في حالة العجز في تعامل المنظمات العالمية مع الكوارث، ويقول إن "منظمة الصحة العالمية مليئة بمسؤولين وأطباء غير مستعدين على الإطلاق، وهناك نقص في الموارد المالية، وهذا يشبه إلى حد كبير ما كان عليه حال صندوق النقد الدولي قبل أزمة عام 2008 ".
ويضيف "إن منظمة الصحة العالمية يجب أن تكون السلطة العليا، والمصدر الأعلى لتحقيق الأمن الصحي، وهي مثلها مثل صندوق النقد الدولي في مستهل الأزمة المالية (عام 2008)، تحتاج إلى دعم، وقد يكون هذا المزيد من المال، كما قد يعني تشكيل جسم (هيئة) جديد مستقل، يمكنه مواجهة الأوبئة من دون خوف من أن يتم إغلاقه إن صرّح بما هو غير مقبول بالنسبة للقوى العظمى".
ويختم كونواي مقاله قائلاً "لطالما تساءلنا خلال سنوات، ما الذي يمكن أن يحصل حين يصاب عالم توقف عن الإيمان بالتعاون الجماعي حين يواجه أزمة جماعية. فهل عثرنا على الجواب؟".
هل بدأ مسلسل العنف الإيراني الأمريكي؟
ونشرت صحيفة "آي" مقالاً بقلم كيم سنغوبتا بعنوان "مليشيات متعطشة للانتقام من الولايات المتحدة"، يتساءل فيه إذا كانت العلاقة بين الولايات المتحدة وإيران ستدخل في سلسلة طويلة من العنف المتبادل، بمشاركة وكلاء إيران في المنطقة.
يقول الكاتب إن الهجوم على معسكر التاجي في العراق، ومقتل جنديين أمريكيين وثالث بريطاني جاء بعد إعلان أحد قادة المليشيات الشيعية البارزين بأن المليشيات لم تعد مقيدة في الانتقام لاغتيال الجنرال قاسم سليماني.
ويضيف الكاتب أن الهجوم نفذ في ذكرى ميلاد سليماني، في اليوم الذي كان سيبلغ فيه الـ 63 عاماً.
ويقول الكاتب إن الهجوم على المعسكر الأمريكي، الذي أسفر عن خمس إصابات خطيرة إضافة إلى القتلى، ردت عليه القوات الأمريكية بغارات جوية على مواقع لكتائب مدعومة من إيران قتل فيها 26 مقاتلاً.
والسؤال هنا، كما يقول المقال، "هل ما حصل هو البداية لسلسلة من الهجمات من قبل المليشيات المدعومة من إيران ثأراً لمقتل الجنرال سليماني وأبو مهدي المهندس، ووفاء بتعهدها بطرد القوات الأمريكية من العراق؟ أم أنه عمل رمزي للتأكيد بأن الشهداء لا يمكن نسيانهم، وأن أتباعهم من المقاتلين الأوفياء ما زالوا موجودين؟".
ويمضي الكاتب في القول "لقد كانت الكتائب متعطشة للرد منذ مقتل سليماني. وقد أخبرني الجنرال حسين كنعاني مقدم، الرئيس السابق للحرس الثوري الإيراني وصديق سليماني، الشهر الماضي في طهران إنه تلقى دعوات للانتقام في الوقت الذي تلقى فيه مكالمات العزاء خلال الساعات القليلة التي أعقبت عملية الاغتيال".
ويضيف أن "جماعات من عدة دول اتصلت بالجنرال مقدم، من العراق، وسوريا، واليمن، وأفغانستان، وشمال أفريقيا، وأماكن أخرى في آسيا، كلها تؤكد أنها تريد الثأر لموت سليماني".
ويذكر الكاتب بالهجوم الإيراني على قاعدة عين الأسد، الذي كان انتقاماً لمقتل سليماني، لكنه يقول إن الاشارات التي جاءت عقب ذلك "تدل على أن الجانبين كانا حريصين على عدم تصعيد العنف" .
ويضيف المقال "مع تفشي الإصابات بفيروس كورونا في إيران لتصبح البؤرة الأكبر للفيروس خارج الصين، وإعلان الحكومة وضع جميع مواردها البشرية، بما في ذلك الجيش، لمحاربة الفيروس. ننتظر لنرى ما الذي سيحدث بعد ذلك".
ويختتم الكاتب مقاله قائلا "ولكن الحاجة إلى مكافحة وباء غير مسبوق ومستمر بالتفشي، قد يعني أن أزمة أخرى من صنع الانسان سيرافقها عنف طويل الأمد، يمكن تجنبها في الوقت الحاضر".
فيديو قد يعجبك: