لماذا أخفى رجل أعمال شاب شركته التي تدر الملايين في بدايتها
لندن (بي بي سي)
يقدم برنامج "المدير"، الذي تبثه بي بي سي أسبوعيا سلسلة لمحات شخصية عن قادة أعمال مختلفين من أنحاء العالم.
وهذا الأسبوع نتحدث مع مارتشين كليتشينيسكي، المدير التنفيذي وأحد مؤسسي شركة "مالويربايتس" الأمريكية التي تعمل في مجال برامج مكافحة فيروسات الكمبيوتر.
لحظة مهمة
في حياة كثير من رواد الأعمال "لحظة"، يدركون فيها أنهم مقبلون على عمل شيء كبير.
وجاءت تلك اللحظة، بالنسبة إلى مارتشين كليتشينيسكي، بينما كان يعمل في تكتم في مجال برمجة مكافحة فيروسات الكمبيوتر في غرفته وهو طالب.
وكانت شركته، "مالويربايتس" في أول عهدها، ولم يكن قد مضى على إنشائها أكثر من عام في 2008، لكن صيته بدأ ينتشر في مجال الأمن الإلكتروني.
كان مارتشين حينئذ في الـ18 من عمره، وكان على وشك التوفيق بين إدارة أعمال شركته الناشئة ومشاركة حياة الطلاب في جامعة إلينوي، حينما واجهته عقبة.
ويقول: "كنت أواجه مصاعب في تحليل أحدث فيروسات الكمبيوتر، وفجأة رأيت صفحة بيضاء على شاشة حاسوبي، تقول إنني منعت من الوصول إلى شبكة الكلية الإلكترونية، بسبب أنشطة فيروسية خبيثة وضارة على جهاز الحاسوب".
"لقد عرفوا أن لدي فيروسا على جهازي، ولكنهم لم يدركوا أن هذا كان أمرا متعمدا. ولذلك تكلمت مع قسم المساعدة في تكنولوجيا المعلومات في الجامعة، فأرسلوا لي شابا، في سني تقريبا. وجلس الشاب أمام حاسوبي وأخذ ينظر إليه ويقول "أيها الشاب، لقد خربت كل شيء".
"ثم فتح، أمام عيني، موقع شركة "مالويربايتس" على الإنترنت. ولم أنطق أنا بكلمة، بل وقفت خلفه وشاهدته وهو يصلح حاسوبي باستخدام برنامجي أنا لمكافحة الفيروسات. وترك الغرفة وهو لم يعرف من أنا، ولكني لا أنسى تلك اللحظة".
وعند تخرج مارتشين وحصوله على درجة جامعية في علوم الكمبيوتر في 2012، كانت "مالويربايتس" قد تحولت بالفعل إلى شركة تربح عدة ملايين في العام. وحدث كل ذلك دون أن يعرف أحد من محاضريه شيئا عما يقضي مارتشين وقته فيه، وأدى إلى انخفاض درجاته.
واليوم تبلغ عوائد الشركة السنوية أكثر من 126 مليون دولار، ولديها ملايين من العملاء في جميع أنحاء العالم.
من هو مارتشين؟
انتقل مارتشين، المولود في بولندا في 1989، إلى الولايات المتحدة مع أسرته حينما كان في الثالثة من عمره، واستقر في شيكاغو.
وكان صبيا مولعا بألعاب الكمبيوتر، وأصاب حاسوبه، وهو في الـ14، فيروس، وتعلم كل ما كان يحتاج إلى معرفته عن الكمبيوتر، وعن ثغرات الكمبيوتر، من منتديات الإنترنت، ومن كتاب عن الموضوع في سلسلة معروفة بعنوان "فور داميز".
وبدأت شركة مالويربايتس رسميا في يناير/كانون الثاني 2008، ثم نمت بسرعة، ورأى مارتشين أن بدء دراسته الجامعية في سبتمبر/أيلول من ذاك العام، سوف يؤدي إلى إبطاء العمل. لكن أمه كان لديها رأي آخر.
ويقول مارتشين: "أصبح العمل أمرا واقعيا، ولذلك توجهت إلى أمي في خجل وقلت لها: "لا أظن أني سألتحق بالكلية"، وبعد 15 ثانية فقط كنا نعد أمتعتي للذهاب إلى الكلية".
وما جعل أمه تقلق هو أن صبيها قد دشن عملا هو ورجل آخر في سن الـ30، يدعى بروس هاريسون. وأخذ مارتشين وبروس يكتبان برامج إلكترونية لفترة زادت على العام، بعد أن كانا يتحدثان عن مكافحة فيروسات الكمبيوتر في المنتديات.
ولم يلتق مارتشين وبروس شخصيا في ذلك الوقت. كان بروس يعمل في إصلاح أجهزة الكمبيوتر في ماساتشوسيتس، وكان مارتشين في بيته في شيكاغو. وظلا يعملان معا دون أن يرى أحدهما الآخر، حتى بلغ عمر الشركة 12 شهرا.
ويقول مارتشين: "لم نتقابل إلا بعد أن حققنا أول مليون دولار، بعد عام من بدء الشركة. وكان لقاء عابرا، حييت فيه بروس وصافحته، ثم مضى كل منا إلى عمله".
شركة مالويربايتيس
ولايزال بروس، الذي يرأس قسم البحوث في الشركة، يعيش ويعمل في الساحل الشرقي من الولايات المتحدة، بينما يوجد مارتشين في مقر الشركة الرئيسي في سيليكون فالي.
ويعمل في الشركة اليوم أكثر من 750 موظفا، ولها مكاتب في أيرلندا، وسنغافورة، واستونيا. وحققت استثمارات قيمتها 80 مليون دولار، منذ عام 2014.
وتقول الشركة إن برامجها لمكافحة فيروسات الكمبيوتر تستخدم في 187 مليون جهاز للأفراد والشركات كل شهر، وتُحمل أكثر من 247000 مرة يوميا.
وتعمل الشركة، مثل غيرها من شركات برامج مكافحة فيروسات الكمبيوتر، بنظام "الخدمة المجانية"، في نسخة أساسية من برامجها، لكن على العميل أن يدفع مقابلا ماليا إذا أراد حماية متقدمة لجهازه.
وبينما تستمر الشركة في النمو باطراد، يتواصل في الوقت نفسه تعلم مارتشين من دروس الرحلة الصعبة. وكان أصعب وقت بالنسبة إليه هو المرور بالشركة عبر فترة خطيرة في 2014، حينما أصاب منتجها خلل كبير.
ويقول مارتشين: "تعرضنا لجزء من برنامج فيروس شرير، لم يكن في الحقيقة شريرا أو خبيثا بالمرة. وبالطبع حاولنا التعامل معه، وانتهى بنا المطاف بأن برنامجنا لمكافحة فيروسات الكمبيوتر عطل، بالخطأ، مئات الآلاف من أجهزة الكمبيوتر. وأدى ذلك إلى تعطل مراكز خطوط الطوارئ 911، وتعطل مستشفيات. كان أمرا سيئا".
"وقد حدث هذا لكل شركة من شركات مكافحة فيروسات الكمبيوتر، وأحيانا ما يكون في مثل تلك الأخطاء مقتل الشركة، لأنك تفقد ثقة العملاء. ولكننا أصلحنا الخطأ. والنظام الذي أسسناه لمنع تكرار مثل هذه الأخطاء مرة أخرى سميناه "نظام مالويربايتس للحيلولة ضد الانقراض"، تندرا على ما حدث".
ويقول مارتشين، الذي لا يزال في الـ29 من عمره، إن سنه الصغير كان ميزة. وقد شجع شبابا آخرين في سنه في مجال العمل على بدء أعمالهم.
وأضاف: "سمعتم حكايتي، بدأت تأسيس شركتي بينما كنت أعيش مع والدي. وبعد ذلك عندما كنت في الكلية، ودفعت كل ذلك من قرض مالي يمنح للطلاب. فإذا كنت تدرس في كلية الآن، أنصحك بأنه بدلا من الخروج ليلا، وشرب الخمر حتى السكر مع أصدقائك، خصص ليلة واحدة في الأسبوع لترى إن كان هناك شيء ما تحب شخصيا أن تعمل فيه".
وأقر مارتشين بأن سنوات دراسته في الكلية كانت صعبة بالنسبة إليه أكثر من زملائه، وأنه بالكاد نجح في الحصول على الدرجة الجامعية، وتأثرت حياته الاجتماعية بالطبع بذلك. ولكنه، مع ذلك سعيد لأن أمه أجبرته على الذهاب إلى الكلية.
ويقول: "ترجع سعادتي بذلك إلى شيء واحد، وهو أني قابلت زوجتي هناك، في الكلية".
فيديو قد يعجبك: