لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

مظاهرات هونغ كونغ: كيف تحرك تطبيقات الهواتف الاحتجاجات

09:17 م الثلاثاء 02 يوليه 2019

مظاهرات هونغ كونغ

لندن (بي بي سي)

يجلس في غرفة صغيرة تقع على تخوم مجمع سكني عادي شاب لا تظنه في أول وهلة من المشاركين في الحراك الاحتجاجي الذي تشهده هونغ كونغ، ناهيك أن يكون من بين الذين يشاركون في التحشيد لهذه الاحتجاجات. يجلس توني أمام حاسوبه الشخصي (وتوني ليس اسمه الحقيقي) ويراقب العشرات من المنابر من خلال تطبيق "تلغرام" فضلا عن عدد من المنتديات على الإنترنت.

ويقول منظمو الاحتجاجات إن متطوعين كتوني يديرون المئات من المنابر في تلغرام، وهي المنابر التي تحرك الاحتجاجات التي تحولت إلى حملة للعصيان المدني. ويدعي هؤلاء أن أكثر من مليونين من سكان هونغ كونغ خرجوا إلى الشوارع في الأسابيع الماضية للتعبير عن معارضتهم لمشروع قانون لتسليم المطلوبين كان - لو قّدّر أن يصدّق عليه في المجلس التشريعي - أن يشرعن تسليم المنشقين والمعارضين السياسيين إلى الصين.

شهدت هونغ كونغ سلسلة من المظاهرات الجماهيرية الكبيرة ضد مشروع القانون الذي يخشى منتقدون أنه قد يعني نهاية القضاء المستقل في المدينة في حال إقراره. وبالفعل خرجت مظاهرات كبيرة في الأول من يوليو ذكرى استعادة الصين لهونغ كونغ من بريطانيا بعد أن استعمرها البريطانيون منذ عام 1842.

تصويت مباشر وفوري

تبث العديد من الدعوات بشكل مجهول دون ذكر اسم المرسلين في منابر الرسائل ومجاميع التحدث والدردشة باستخدام تطبيقات مراسلة مشفرة.

ويشارك في بعض من هذه المجاميع نحو 70 ألفا من الأشخاص (أي 1 في المئة من مجموع سكان هونغ كونغ). وتتيح العديد منها للمشاركين الاطلاع أولا بأول على ما يجري من تطورات في الاحتجاجات والمظاهرات بينما توفر مجاميع أخرى لمتابعيها معلومات عن تحركات الشرطة محذرة المحتجين من أي نشاط يقع أو قد يقع بالقرب من أماكن وجودهم.

كما توجد مجموعات أصغر حجما خاصة للمحامين والمسعفين والأطباء. وتوفر هذه المجموعات النصح القانوني وتعنى بإيصال التجهيزات الضرورية إلى المحتجين في خطوط المواجهة الأمامية.

ويقول متظاهرون إن تنسيق الاحتجاجات عبر الإنترنت اسلوب عملي وفوري لنشر المعلومات والأخبار. وتتيح مجموعات التحدث والدردشة فرصة للتصويت - بشكل فوري ومباشر - حول الخطوات التي ينبغي اتخاذها لاحقا.

يقول توني "يعمل هذا السياق بنجاح عندما تكون الخيارات قليلة العدد أو واضحة، ويعمل جيدا عندما يكون الخيار بين الأبيض والأسود".

ففي مساء 21 يونيو، أدلى نحو 4 آلاف مشاركا عبر مجموعة في تلغرام بأصواتهم لتقرير ما اذا كان ينبغي للجموع أن تتفرق وتعود إلى منازلها أو تستمر في الاحتجاجات ونقلها إلى مقر قيادة الشرطة في المدينة. ولم يصوت إلا 39 في المئة من المشاركين لصالح نقل الاحتجاج إلى مقر الشرطة - ولكنهم توجهوا إلى هناك مع ذلك وحاصروه لمدة ست ساعات. وساعدت تطبيقات أخرى المحتجين في تنظيم نشاطاتهم أيضا.

فقد انتشرت في الأماكن العامة لافتات وبيارق تعلن عن النشاطات الاحتجاجية المقبلة، ويتم بث الرسائل التي تحتويها هذه اللافتات عبر تطبيق "إيردروب" الذي يتيح نشرها الى أجهزة آيفون وآيباد التي يحملها المحتجون القريبون من المكان.

وتمكنت مجموعة من الناشطين مجهولي الهوية هذا الأسبوع من جمع أكثر من نصف مليون دولار باستخدام منصة للتبرعات. ونشرت المجموعة المذكورة إعلانات في الصحف العالمية تطالب بمناقشة مشروع قانون تسليم المطلوبين في هونغ كونغ في قمة العشرين التي عقدت في أوساكا في اليابان في الأسبوع الماضي. ويقول المتظاهرون إن التقدم التكنولوجي سمح بنشوء حركة احتجاجية كبيرة دون الحاجة إلى قيادة تسيرها.

هويات مخفية

يقول الأستاذ أدمون تشينغ، الأستاذ في جامعة هونغ كونغ المعمدانية "إن السبب الأهم (لانتشار التحشيد عبر وسائل التواصل الاجتماعي) يتلخص في غياب الثقة بالسلطات، فالكثير من قادة حركة المظلات في عام 2014 لوحقوا وسجنوا".

وفي أبريل الماضي، جرّم تسعة من اولئك القادة بتهم تحريض الآخرين على التسبب في ضرر عام.

أما توني، فيقول "اذا شاركت في حركة أو حملة احتجاج منظمة وواضحة المعالم، هناك سلسلة من التهم يمكن للسلطات أن توجهها لك".

لذا، يبذل العديد من محتجي هونغ كونغ جهودا مضنية لتجنب ترك أي أدلة قد تشير إلى هوياتهم.

يقول جوني ذو الـ 25 عاما، والذي دأب على المشاركة في الاحتجاجات مع صديقته "نستخدم النقد فقط، ولا نستخدم حتى أجهزة الصرف الآلي اثناء المظاهرات".

ويستعمل جوني هاتفا خلويا قديما يغير شريحته كلما خرج في مظاهرة احتجاجية.

وقال مشرف مجموعة أخرى - امتنع عن ذكر اسمه مخافة القصاص - إن بعضهم يستخدم حسابات متعددة لاخفاء آثارهم الألكترونية.

وقال هؤلاء لبي بي سي "يحمل بعضنا 3 أو 4 أجهزة هاتف وجهاز آيباد وحواسيب منضدية ودفاتر، وقد يسيطر شخص واحد على خمسة أو ستة حسابات. ولا يعلم الآخرين إن كان هذا هو الشخص نفسه، كما يتمكن عدة أشخاص من استخدام حسابا واحدا.

حماية

توني على يقين بأن التوصل إلى قرارات من خلال التصويت في مجموعات التحدث والدردشة قد يكون سبيلا لحماية المحتجين من الملاحقة القانونية. ويحاجج بأن المشرفين على هذه المجموعات غير منتمين إلى أي أحزاب سياسية وليس لديهم أي وسيلة للتحكم بما ينشره المشاركون في مجموعاتهم.

ويقول "ليس بوسع الحكومة اعتقال كل من يشارك في هذه الحركة، فذلك ليس ممكنا على أي حال"، ولكنه يعترف بأن الجهات القانونية قد تسلك سبلا أخرى.

"سيختارون أهدافا لأشخاص ذوي نفوذ أو قادة رأي ليجعلوا منهم عبرة لمن اعتبر ولاخافة المشاركين الآخرين".

وفي 12 يونيو، ألقت الشرطة القبض على مشرف على مجموعة في تلغرام بتهمة التخطيط بالتعاون مع آخرين لاقتحام مجمع المجلس التشريعي في هونغ كونغ واغلاق الطرق المجاورة له.

ويقول بوند إنغ، وهو محامي يمثل عددا من المحتجين المعتقلين "يريدون أن يحيطون الآخرين علما بأنهم يستطيعون اعتقالهم في بيوتهم حتى اذا تمكنوا من الاختفاء في غياهب الإنترنت".

آخر التطورات

وعلى صعيد آخر التطورات، اتهمت الصين المحتجين الذين اقتحموا مقر المجلس التشريعي في هونغ كونغ وأحدثوا أضرارا فيه يوم الإثنين بارتكاب "أعمال غير شرعية خطيرة تدوس على سيادة القانون".

وكانت مجموعة كبيرة من الناشطين المحتجين قد احتلت مبنى المجلس التشريعي واعتصمت فيه لعدة ساعات بعد ان انشقت عن مظاهرة احتجاجية سلمية.

واضطرت الشرطة إلى استخدام الغاز المسيل للدموع لاخراج المعتصمين من المبنى.

وحثت بكين من جانبها إدارة هونغ كونغ على التحقيق فيما وصفته "المسؤولية الجنائية التي يتحملها المعتدون الذين سلكوا سبيل العنف".

يُذكر أن هونغ كونغ جزء من الصين، ولكنها تدار حسب تفاهم يقال له "بلد واحد ونظامان" يضمن لها حيزا من الاستقلالية ويضمن لسكانها قدرا من الحقوق لا نظير له في البر الصيني.

وجاءت اضطرابات الإثنين بعد أن شهدت المدينة احتجاجات كبيرة استمرت لاسابيع ضد مشروع قانون لتسليم المطلوبين كان المجلس التشريعي على وشك دراسته يقول منتقدون إنه قد يستخدم - في حال إقراره - لتسليم المنشقين السياسيين في هونغ كونغ إلى البر الصيني.

وجاء رد الحكومة الصينية بعد أن أدلت الرئيسة التنفيذية لادارة المدينة كاري لام بتصريحات فجر الثلاثاء (بتوقيت هونغ كونغ) استنكرت فيها ما وصفته "الاستخدام المفرط للعنف" من جانب المحتجين.

وقالت لام في مؤتمر صحفي عقدته فجرا وشارك فيه مدير شرطة المدينة لو واي تشونغ إن تصرفات أولئك الذين اقتحموا مبنى المجلس التشريعي كانت تصرفات "ينبغي علينا أن ندينها بقوة، لأنه ما من أمر أكثر أهمية من سيادة القانون في هونغ كونغ".

وكانت ادارة المدينة قد علّقت النظر في مشروع قانون تسليم المطلوبين في الشهر الماضي، ومن غير المرجح أن يصدّق عليه الآن، ولكن المحتجين يصرون على إلغائه كليا ويطالبون بإقالة كاري لام.

ما الذي حدث الإثنين؟

صادف يوم الإثنين ذكرى تسليم بريطانيا هونغ كونغ للصين في عام 1997.

ودرج على الإحتفال بهذه الذكرى بمسيرة سنوية مؤيدة للديمقراطية، ولكنه كان متوقعا أن تكون المظاهرات هذه السنة أكبر من سابقاتها.

ووقعت بعض الاشتباكات بين المتظاهرين المحتجين ورجال الشرطة صباح الإثنين الباكر، وذلك عندما حاول المحتجون اغلاق الطرق المحيطة بالقاعة التي كانت لام تحظر فيه حفل رفع الأعلام الذي يقام سنويا بالمناسبة.

وعند الظهر، انشق العشرات من المحتجين من المظاهرة الرئيسية وتوجهوا إلى مبنى المجلس التنفيذي (برلمان المدينة).

وحاصر المحتجون المبنى قبل أن يقتحموه بعد أن حطموا زجاج واجهته.

وما أن دخلوا المبنى حتى أتلفوا شعار هونغ كونغ المعلق في واجهة قاعته المركزية ورفعوا علم هونغ كونغ إبان حقبة الحكم البريطاني وكتبوا شعارات على جدرانه وأثاثه الذي حطموه.

وحوالي منتصف الليل خارج المبنى، اضطر المحتجون الذين كانوا يعتمرون خوذا بلاستيكية ويحملون الشمسيات إلى الإنسحاب بعد أن هاجمتهم الشرطة بالعصي. وتمكن رجال الشرطة بسرعة من اقتحام الحواجز التي أقامها المحتجون.

وفي غضون ساعة واحدة لا أكثر، أخليت الشوارع المحيطة بمبنى المجلس التشريعي من المحتجين ولم يتبق فيها إلا ممثلي الإعلام ورجال الشرطة.

ما الذي قالته كاري لام؟

وصفت الرئيسة التنفيذية كاري لام في مؤتمرها الصحفي الذي عقدته في الرابعة فجرا خارج مقر الشرطة المشهد في مبنى المجلس التنفيذي بأنه "مشهد يحزن كثيرا من الناس جدا...بل ويصدمهم".

وأشارت إلى الفرق بين أحداث الإثنين العاصفة من جهة والمظاهرات السلمية التي درجت المدينة عليها في الأول من يوليو، والتي قالت إنها تعكس "قيّمنا الأساسية ومنها السلم والنظام" في هونغ كونغ.

ولم تبد لام الكثير من العواطف عندما أكدت على أهمية التمسك بسيادة القانون في المدينة.

وقالت للصحفيين "أرجو أن تتفق معنا غالبية الجمهور بأن أعمال العنف التي شهدناها مؤخرا جديرة بالإدانة والاستنكار، وآمل أن يعود المجتمع الى حالته الطبيعية في أسرع وقت".

ونفت لام بشدة أن تكون هي المسؤولة عن الاخفاق في الاستجابة لمطالب المحتجين، قائلة إن الإدارة "لم تستجب لكل المطالب لأسباب مشروعة".

وقالت إن مشروع قانون تسليم المطلوبين سينتهي مفعوله بنهاية فترة ولاية الإدارة الحالية، مضيفة "وهذا رد إيجابي جدا للمطالب التي سمعناها".

كما أصرت على أن اصدار عفو عن كل المحتجين المعتقلين لن يكون متماشيا مع مبدأ سيادة القانون.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان