إعلان

لماذا تمنح بعض الشركات الأمريكية موظفيها عطلة للتظاهر ضد سياسات ترامب؟

01:50 م الثلاثاء 14 فبراير 2017

بعض الشركات الأمريكية الكبرى منحت موظفيها إجازة م

لندن (بي بي سي)
يمنح بعض المديرين الأمريكيين موظفيهم أيام إجازة مدفوعة الأجر للتظاهر والاحتجاج على السياسات الجديدة في الولايات المتحدة. فهل هي فكرة ذكية؟

عندما طلبت إحدى الموظفات من مديرها هاوي باروكاس إجازة للاحتجاج على سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في واشنطن العاصمة، لم يوافق مديرها فقط، بل ومنحها يوم إجازة مدفوعة الأجر، وأرسلها إلى المظاهرة مع هدية كانت عبارة عن "معدات احتجاج" اشتملت على قفازات، وقلم تلوين عريض، ولوحة.

وكانت تلك المرة الأولى التي يمنح فيها باروكاس، الذي يدير شركة علاقات عامة مقرها في سياتل، إجازة لموظفة لحضور مظاهرة أو احتجاج. ولكن في ظل الأجواء الراهنة وتصاعد الاحتجاجات الشعبية على قضايا مثل حقوق الهجرة في أعقاب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يشعر باروكاس بأنه لم يعد قادرا على إبقاء السياسة خارج مجال العمل.

ويقول باروكاس: "لن نفرض معتقداتنا السياسية على الموظفين، ولكننا نعتقد أن ممارستهم للنشاط السياسي أمر مهم". ويريد باروكاس أن يشعر الموظفون بأنه يدعم نشاطهم.

وباروكاس ليس الوحيد الذي انتهج هذه السياسة. إذ أن مزيدا من الشركات- بما فيها ستاربكس، وليفت، وجوجل، وأبل- تعبر علنا عن رفضها للسياسات التي وضعها ترامب. وأصبحت هذه الشركات وغيرها تعتقد أن عليها أيضا أن تساعد الموظفين الذين يشعرون بحاجة إلى أن تسمع أصواتهم.

وكانت شركات وادي السيليكون في الولايات المتحدة قد عبرت بصراحة شديدة عن رأيها خلال فترة قصيرة من مراسم التنصيب الرئاسي في 20 يناير.

فعلى سبيل المثال، في 30 يناير شارك ما يقدر بألفين من موظفي جوجل بجوار المؤسس المشارك للشركة، سيرجي برين، والرئيس التنفيذي لها، سندار بيتشاي، في الاحتجاج على الأمر التنفيذي الرئاسي بشأن الهجرة.

ويقول ألان آدمسون، المستشار في مجال اختيار العلامات التجارية في نيويورك، والذي يعمل مع شركات متعددة الجنسيات: "كان يكفي في السابق أن تحرر شيكات وتسعى إلى التأثير من خلال جماعات الضغط، أما الآن فإنك تشجع الموظفين على التعبير عن أنفسهم بشكل أكثر علانية". لكن الشركات ترى فوائد أيضا لهذا النهج.

ويضيف أن الموظفين الذين يعملون في شركات تدعم النشاط السياسي قد يكونون أقل ميلا لترك وظائفهم لأنهم يشعرون بأن الشركة تهتم بمصالحهم.

وبالنسبة لبعضهم، فإن الأمر لا يختلف كثيرا عن تفسير الأسباب التي تدفع الشركات لإعطاء موظفيها أيام إجازة للمشاركة في نشاط تطوعي، أو متابعة اهتماماتهم الشخصية، أو المشاركة في خدمة المجتمع.

واقع جديد

يقول آدمسون إن الشركات الكبيرة غالبا ما تشارك في السياسة من خلال التبرعات والضغط، ولكن تلك الجهود تهدف في الغالب إلى تخفيف المخاطر على الشركة، ولا علاقة لها بقيم الشركة أو قيم موظفيها.

ولكن في الآونة الأخيرة، ارتفع عدد المديرين التنفيذيين الذين يتفحصون ويعيدون تقييم كيفية تلبية احتياجات الموظفين الذين يتوقون للتعبير عن معتقداتهم، دون استعداء للزبائن أو لموظفين آخرين.

ويقول آدمسون إن هذا الاتجاه يعد "منطقة مجهولة"، ويتوقع أيضا أن يشكل طريقا وعرة، وأن بعض الشركات "ستتضرر" وهي تسير في ذلك الطريق الفاصل بين إعطاء مساحة محدودة للغاية للموظفين، ومساحة كبيرة للغاية لمجموعة متنوعة من العملاء.

بعد الإعلان في الآونة الأخيرة عن حظر السفر إلى الولايات المتحدة من خلال الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب، توصل بن ويبر، مؤسس "هيومانايز"، وهي مؤسسة تستخدم تحليلات حسابية للتكهن بسلوك الموظف، ومقرها بوسطن، إلى قرار يقضي بأنه من الضروري السماح لموظفيه بأخذ إجازة لممارسة النشاط السياسي.

ويعود ذلك جزئيا إلى خشية ويبر من أن يقطع حظر السفر السبيل أمام المواهب، لأن مؤسسته تواصل توظيف مواهب عالمية في الولايات المتحدة.

وفي 31 من يناير، أبلغ ويبر موظفيه البالغ عددهم 21 موظفا أن أخذ إجازة للمشاركة في الاحتجاجات لن يحسب في عداد العطل.

ويقول ويبر: "الأمر مختلف الآن، لأننا نرى موظفينا مهددين بشكل مباشر".
ومع ذلك، فهو حريص على ألا يجبر أحدا أو حتى أن يوحي لموظفيه بأن عليهم أن يتخذوا موقفا سياسيا معينا.

وبينما يخطط ويبر للترافع شخصيا ضد حظر السفر، فإنه لا يريد أن يشعر موظفوه بأن عليهم تبني وجهات نظر الشركة ذاتها، وإنما عليهم أن يعلموا أن لديهم الحرية في دعم معتقداتهم في أوقات فراغهم دون إضاعة أجورهم، أو أوقات عطلاتهم.

وضع خطر

وقد خلق ذلك الاتجاه الذي يجمع بين المصالح التجارية المهددة، والموظفين الذين يشعرون نفسيا أن هوياتهم هي وظائفهم، الأجواء المثالية لتشجيع النشاط السياسي في العمل، وفقا لبروكس هولتوم، الأستاذ في جامعة جورج تاون في واشنطن العاصمة، والمتخصص في السلوك التنظيمي وإدارة الموارد البشرية.

ويقول هولتوم: "حينما تتوافق المصالح التجارية للموظفين مع مصالحهم السياسية، تكون هناك رغبة أكبر في المشاركة" نيابة عن الشركات.
ويقول آدمسون إن تشجيع النشاط السياسي قد يؤتي ثماره خاصة لدى اجتذاب الموظفين الصغار الذين يميلون إلى اختيار العمل مع الشركات التي تتوافق قيمها مع قيمهم وإلى شراء منتجاتها.

لكن تشجيع النشاط السياسي قد يكون ضارا على المدى الطويل بسبب وجود احتمال استبعاد أولئك الذين هم على الجانب الآخر من الطيف السياسي.

وفي نهاية المطاف، فإن الشركات نفسها التي توافق على منح إجازات للاحتجاج قد تجد نفسها الآن في مواجهة موضوعات أكثر سخونة في المستقبل، ولن يكون كل الموظفين على الجانب نفسه من القضية سواء الآن أو لاحقا.

وقد لا يكون هناك خيار أمام الشركات متعددة الجنسيات الأكبر حجما، مع وجود روابط سياسية ومصالح تجارية أكثر تعقيدا، إلا إظهار التكيف مع جهود الموظفين إذا بدأوا مثل ذلك النشاط، حتى لو اختلفت آراء تلك المؤسسات مع القضية المثارة.

ويقول آدمسون: "إذا حاولت الشركات منع ممارسة النشاط السياسي فإنها ستخلق المزيد من المشاكل. وبالنسبة لها، فإن تبني نهج يشجع ذلك النشاط سيكون أقل ضررا".

قدر من الاحترام

بالنسبة للموظفين، يعد الحصول على موافقة من رئيس العمل على نشاطهم السياسي بمثابة رسالة ترحيب منه.

فعندما فحص مستشار تكنولوجيا المعلومات ستيف داك، البالغ 38 عاما، بريده الإلكتروني الأسبوع الماضي، وجد هذه الرسالة المقتضبة من رئيسه: "الرجاء ملاحظة أن لك الحرية في أخذ إجازة من العمل للاحتجاج.. أرجو أن تحاول إكمال عملك في الوقت المناسب، ولكن إذا احتجت لأن تنسحب مما تقوم به من عمل لحضور احتجاج ما، سأشجعك على ذلك".

لكن بالنسبة للسيد داك، كان الكلام واضحا "وخلق مستوى مختلفا من الاحترام" لرئيسه في شركة صغيرة، يقول إن كل موظف فيها مهم للغاية حتى تحقق الشركة نجاحها يوميا.

ويقول داك إن رغبة الرئيس التنفيذي في التضحية بساعات العمل في البيئة التي يعملون فيها تعد رغبة قوية بشكل استثنائي. ويضيف "إنه على استعداد للمجازفة بخفض الإنتاج دعما لقضية معينة".

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان