الاتفاق النووي الإيراني يذكي حماس المستثمرين
لندن (بي بي سي)
كانت المرة الأولى التي رد فيها شانيار كمانغار على مكالمة هاتفية جاءته وهو واقف في طابور تخليص إجراءات جواز سفره في مطار طهران بعد يوم من توقيع إيران والقوى العالمية على إطار لاتفاق نووي.
وكانت المرة الثانية بعد ذلك بيومين، عندما كان كمانغار يعكف على إبرام صفقة له، وكان الوقت ضيقا للغاية لإجراء لقاء هاتفي معه.
وترك كمانغار، وهو مصرفي يبلغ من العمر 39 عاما، عمله في وظيفة جيدة كانت تدر عليه دخلا جيدا في بنك "دوتشيه" في العاصمة البريطانية لندن أواخر العام الماضي من أجل المشاركة في تأسيس شركة "غيفرون كابيتال" للاستشارات المالية وإدارة الأصول والتي "تسعى لفتح أعمال لها في إيران."
وقال كمانغار، وهو خريج في كلية لندن لإدارة الأعمال "إنها فرصة الجيل وفرصة لصنع شئ مختلف."
وأضاف "إذا كنت تتصور أن روسيا كبيرة، فإيران ستكون أكبر، لأن إيران لديها إطار عمل وقواعد مالية، لكن روسيا تحولت إلى غرب متوحش عندما انفتحت."
واستطاعت شركة كمانغار بالفعل تقييم وجمع استثمارات كبيرة من معظم الشركات الأوروبية لصالح "ديجيكالا"، وهي شركة تجارة تجزئة عبر الإنترنت سريعة النمو، وقدرت قيمتها بما يقرب من 150 مليون دولار.
وإذا كان الاستثمار متواضعا بالمقارنة العالمية، فإن ذلك يعد أكبر استثمار حتى الآن كبداية نشاط تكنولوجي في إيران.
بداية الإنطلاق
وكانت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على قطاعات المال والطاقة والتجارة أدت إلى عرقلة إيران التي كان توصف يوما ما بأنها "أكبر سوق غير مستغلة مثل المريخ والقمر".
وكان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قد صرح ردا على سؤال يتعلق بموعد رفع العقوبات الاقتصادية عن طهران قائلا إن ذلك يعتمد على سرعة إيران في الوفاء بالتزاماتها الخاصة بالحد من أنشطتها النووية.
ويعتقد كيري أن العمل الذي لابد أن تنجزه إيران "من نحو أربعة أشهر إلى سنة" من تاريخ الاتفاق النهائي، والمرجو في 30 يونيو.
يذكر أنه، منذ اتفاق جينيف النووي المؤقت مع إيران في نوفمبر/تشرين الثاني 2013، بدأت الكثير من الشركات الأوروبية والأمريكية في وضع خطط لدخول السوق الإيرانية.
واستطاعت بعضها التوصل لشركاء وعملاء وإبرام عقود متفاوض عليها في حين استطاع البعض تكوين فرق عمل مؤقتة، فيما اهتم آخرون بالبحث في خصائص بيئة العيش والعمل، والكل في انتظار بداية "الانطلاق".
علاوة على ذلك يمكن للإيرانيين الاستفادة من رفع العقوبات في مجالات مختلفة بداية من المرضى الذين يعانون من أجل الحصول على دواء مستورد وحتى قطاع الطيران في البلد الذي أصيب بالشلل نتيجة عدم توافر قطع الغيار.
والأهم من كل ذلك هو توجيه الطبقة المتوسطة في البلاد نحو التجدد والنشاط.
عامل الخطر
لكن الصورة ليست وردية عندما يتعلق الأمر بتدشين أعمال في إيران. فالاقتصاد تهيمن عليه كيانات قوية قريبة من المرشد الأعلى الإيراني وقوات الأمن والجيش، بعضها لايخضع لمساءلة، ناهيك عن القضاء.
ففي عام 2004 استبعد الحرس الثوري الإيراني شركة تركية لخدمات المطارات من إبرام عقد مع مطار طهران الذي كان جديدا في ذلك الوقت، بحجة الدواعي الأمنية. وحلت محل الشركة التركية مجموعة من الشركات المحلية.
حدث ذلك على مرأى من الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي وبتحريض من المؤسسات التي تخضع لمراقبة حكومته.
ووجد خلفه الرئيس حسن روحاني نفسه في الوضع ذاته.
ويتوافد المستثمرون الأجانب على أي منتدى يسلط الضوء على آليات العمل الغامضة أحيانا للسوق الإيرانية.
ويقول اسفادنديار باتمانغيلدجي، الذي ساعد في تنظيم مؤتمر استثماري بشأن إيران في لندن في نوفمبر الماضي :"بعيدا عن التكهنات من كلا الجانبين بشأن (التهافت) على إيران، نحتاج إلى قادة أعمال يفكرون كأصحاب مصالح ويستطيعون رسم مستقبل إيران على نحو بناء."
ويخطط أسفانديار بالفعل لتنظيم المنتدى الأوروبي الإيراني الثاني في سبتمبر/أيلول في جينيف، ويركز هذه المرة على قطاعات المال والبنوك الإيرانية.
وأضاف :"هذه المنتديات تشجعنا على المناقشات الشفافة بين الشركات الإيرانية والأجنبية بشأن هذا الهدف المشترك."
كما تخطط وزارة البترول الإيرانية لتنظيم مؤتمر كبير في سبتمبر/أيلول المقبل في لندن، ستطرح من خلاله عقود بترول جديدة على شركات الطاقة العملاقة في العالم.
بداية الطريق
لكن ذلك ليس هو نهاية المطاف. فالطريق أمام المفاوضين النوويين مازال صعبا.
والمعارضة للاتفاقية قوية، لاسيما من جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتنياهو، وهناك فرصة قد لا ترى النور في الأول من يوليو.
وقال كامنغار :"أرى ذلك بمثابة احتمال بعيد المنال. وإذا أخفقت الاتفاقية، فسنكون من الصابرين ممن يؤمنون بالامكانيات الفريدة طويلة الأجل للبلاد."
فيديو قد يعجبك: