نيوزيلندا: رحلة إلى أكثر البلاد إثارةً على كوكبنا
لندن(بي بي سي)
يبتكر الناس عادة عندما يعيشون حياة مفعمة بالإثارة والنشاط، وحسب قول برِت أورايلي، المدير التنفيذي لمجموعة التنمية الاقتصادية في العاصمة النيوزيلندية أوكلاند: "لن تكون حياتك أكثر إثارة من وجودك في نيوزيلندا".
لعلّ أوكلاند هي أكبر مدن نيوزيلندا، لكنها حافظت على الشعور بأنك في قرية بهيجة، كما يقول السكان المحليون. إنها مدينة تبعث على هدوء الأعصاب، وهي محاطة بتلال وسواحل رائعة. كما أنها أصبحت بسرعة مركزاً تجارياً لعقد صفقات عالمية. ويعود الفضل في ذلك، جزئياً، إلى الاهتمام الكبير من قبل الصين.
يبلغ فرق التوقيت مع الساحل الغربي للولايات المتحدة الأمريكية ثلاث ساعات؛ ويعني هذا أن مديري الشركات العالمية، ممن يرغبون في إنجاز مهمات متعددة في آن واحد، يمكنهم أن ينجزوا أعمالهم من هنا وعبر مناطق زمنية متعددة في نفس الوقت. الصين واستراليا والولايات المتحدة الأمريكية جميعاً هي ضمن مجال الاتصال في نفس اليوم.
في الوقت الذي تعد فيه نيوزيلندا بلداً ذا اقتصاد صغير، أثبت غياب القواعد الرسمية الجامدة والفساد الإداري من جهة، وتوفر المزيد من الحريات الشخصية وحماية المستثمرين من جهة أخرى، أن البلد يتمتع بقوة جذب كبيرة لأرباب العمل والشركات. أضف إلى كل ذلك، أجواء عمل شفافة ومستقرة مما يجعل قوة الجذب تلك هائلة.
وقد انعكس الاهتمام الآسيوي المتزايد بها على زيادة أعداد زائريها في العام الماضي؛ والتي بلغت 5 في المئة في عدد زائري المؤتمرات والنشاطات الأخرى المعقودة في العاصمة أوكلاند من جميع أنحاء العالم، استناداً إلى "مركز الإحصاء النيوزيلندي". كما تُبيّن الأرقام الصادرة من وزارة الأعمال والابتكار والتوظيف ارتفاعاً في عدد المؤتمرات والاجتماعات.
"شعب الكيوي"، كما يُطلق علي سكان البلاد، متحمس جداً لممارسة أنواع مختلفة من الرياضات، ويكتظ التقويم السنوي لعام 2015 بمثل هذه النشاطات. واستُهلّ هذا العام بدورة كأس العالم للعبة الكريكت، ثم سباق المحيطات الذي ترعاه شركة فولفو. كما ستستضيف المدينة بطولة كأس العالم لكرة القدم تحت سن الـ 20 والتي ينظمها الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، والمقررة في نهاية شهر مايو/آيار القادم. ويتوقع لجميع هذه الأحداث أن تجذب المزيد من الشركات العالمية، وترفع من مكانة البلاد دوليا.
في عام 2010، اتّحدت المجالس البلدية السبعة في مدينة أوكلاند وكونت "مدينة كبرى"، وتلى ذلك تجديد وتطوير مركز المدينة. سيصبح وسط المدينة أكثر حيوية للسكان المحليين، وسيسهل التنقل في نواحيها لأرباب الأعمال وممثلو الشركات، إضافة إلى السواح من مختلف بقاع العالم.
ويجري حالياً إعادة إحياء مناطق شهيرة مثل "بريتومارت" و "وينوارد كوارتر"، المطلتان على البحر.
وذلك عبر بناء شقق سكنية، ومحال تجارية، ومطاعم جديدة، إضافة إلى مكاتب لشركات التكنولوجيا التي بدأت تظهر هنا وهناك. كما تُستثمر الكثير من الأموال في بناء منظومة متكاملة للمواصلات، كما سيجري بناء سكك حديدية لقطارات الأنفاق.
المطار
تنطلق حافلات مكوكية تعرف باسم "إيرباص" بين مطار أوكلاند الدولي ومركز المدينة كل ربع ساعة، لتقطع مسافة 21 كيلو متر. وتتوقف الحافلات بالقرب من معظم الفنادق الكبيرة والمعالم الأخرى للمدينة (كلفة بطاقة الركاب 28 دولار نيوزيلندي، ما يعادل 22 دولار أمريكي، وتستغرق الرحلة 45 دقيقة).
كما تتوفر سيارات الأجرة من منطقة الوافدين في المطار. وهناك نوعان منها: الأغلى ثمنا، وهي سيارات "كوبوريت كابس" الموثوقة تماماً (وتتكلف 90 دولاراً نيوزيلندياً، ما يعادل 70 دولاراً أمريكياً)، وسيارات الأجرة العادية (وتتكلف 60 دولاراً نيوزيلندياً، ما يعادل 47 دولاراً أمريكياً).
وبإمكانك أن تنادي على أيٍّ منها على الطريق، ويمكنك أيضا حجز سيارات "كوربوريت كابس" مما يجعلها ذات شعبية لدى مسافري الشركات ورجال الأعمال الذين يكون أغلبهم قد وصل إلى البلاد عبر رحلة طويلة بالطائرة.
عليك أن تضع في الحسبان الزمن اللازم للانتقال من المطار الدولي لتلحق بالرحلات الجوية الداخلية، حيث لا ترتبط الرحلات الدولية بالداخلية في نفس المطار. ويمكن للمسافرين أن ينتقلوا بسهولة ما بين المطارين، إما مشياً على الأقدام لمدة عشر دقائق، أو عن طريق الحافلة مجاناً، علماً بأن الحافلات تنطلق بين المطارين كل 20 دقيقة.
ويواصل معظم المسافرين رحلاتهم مستفيدين من الشبكة الواسعة للخطوط الجوية النيوزيلندية، ورحلاتها الطويلة. و تُعزى النسبة الكبيرة في زيادة أعداد القادمين إلى البلاد إلى الزيادة التي تبلغ 14 في المئة من القادمين من الصين، وزيادة الوافدين من الولايات المتحدة الأمريكية التي بلغت نسبتهم 10.4 في المئة.
ومع أن هذه الزيادات في أعداد القادمين هي أرقام ونسب عامة، إلا أن الخطوط الجوية النيوزيلندية قد أوردت زيادة كبيرة في عدد مقاعد درجة رجال الأعمال أيضاً.
كما ازدادت شعبية الخطوط الجوية النيوزيلندية لأنها الوحيدة التي تفتخر بتوفير المقاعد التي يمكن طيها لتصبح فراشا للنوم في الدرجة العادية (أو الاقتصادية).
وقد أصبحت هذه الميزة مفضلة لدى مسافري الشركات من ذوي الميزانيات المحدودة.
الأمور المالية
كانت نيوزيلندا واستراليا، على حد سواء، معزولتين نسبياً عن الركود الاقتصادي العالمي واستمرتا في الازدهار. ومع أن أسعار العقارات في ارتفاع، لا تزال تلك الأسعار معقولة في عقارات أوكلاند، وهذا مستغرب بالنسبة لمدينة كبيرة. حتى المشروب الذي يتميز به شعب نيوزيلندا، وهو مشروب "فلات وايت" (حليب مُبخّر مع قهوة مضاعفة) لا يكلف إلا بضعة دولارات.
وما تنفرد به المنطقة هو أن بعض البنوك تفتح أبوابها لساعات إضافية خلال أيام عطلة نهاية الأسبوع. ما يتيح للمنشغلين بأعمالهم ومسافري الشركات فرصة إنجاز معاملاتهم البنكية في كل يوم من أيام الاسبوع تقريباً.
المعرفة الثقافية
النيوزيلنديون أناسٌ ودودون للغاية وغير متحفظين. فإذا ما احتجت لمساعدة أو إرشاد للوصول إلى وجهتك، لا تخجل من أن تسأل أيّاً من المارة على الطريق. وفيما يخص أمور التجارة والأعمال، فإن ثقافة المساواة تعني استخدام الاسم الأول للشخص (وليس كنيته).
إنهم يتبادلون أسماءهم على الفور تقريباً في معظم الأوقات، ولكن عليك ان تنتظر لكي يقوم مضيّفك المحلي بأخذ زمام المبادرة بتجاوز الأمور الرسمية. كما يشيع جداً ارتداء ملابس غير رسمية أثناء لقاءات ممثلي الشركات، حتى بالنسبة لكبار المديرين.
الفنادق
يختار أكثر الزوار من ممثلي الشركات ورجال الأعمال البقاء في المنطقة التجارية المركزية من العاصمة. هناك، بدأ فندق "سوفيتيل أوكلاند فايادكت هاربر" المواجه للبحر في مشروع ترميم 172 غرفة لتحويلها إلى أماكن تناسب رجال الأعمال بمكاتبها المريحة وحماماتها المحسّنة ذات ضغط الماء القوي. كما سيُبنى مركزان جديدان، أحدهما للياقة البدنية وآخر صحي. وسيحصل كل من يتلقى العناية هناك على تدليك مجاني للقدمين.
كما تجري أعمال الترميم في "سكاي ستي غراند" ولكن بالحفاظ على طابق فاصل بين كل طابقين لرجال الأعمال وذلك لتفادي إزعاج نزلائه. للفندق 316 غرفة ويقع قبالة أكبر كازينو في نيوزيلندا.
وافتتح الفندق ثلاثة مطاعم مؤخرا كجزء من مشروع بعث الحيوية في المدينة.
أما "فيدرال ستريت"، الشارع الذي يقع عليه الفندق، فقد تغيرت معالمه مؤخراً ليشمل في جزئه ممشى للمارّة ينبض بالحياة، مع حانات ومقاهي وأماكن للجلوس في الهواء الطلق. إنه مكان رائع لمشاهدة هواة القفز باستخدام الحبال وهم يقفزون من فوق برج "ذا سكاي تاور"، الذي يعتبر أعلى بناء مشيّد بسواعد بشرية في الجزء الجنوبي من الكرة الأرضية.
وجبة لشخص واحد
الأكلات المخلوطة، التي تمزج ما بين أفضل الطبخات النيوزيلندية والاسترالية مع طبخات من جنوب شرقي آسيا، هي علامة مميزة كبيرة في نيوزيلندا. إتجه صوب "فايادكت هاربر" ، فهي القلب النابض للمدينة على أطراف المنطقة التجارية المركزية حيث يقع بار ومشويات المحيط في "مبنى فيري" التاريخي.
عليك أن تصل مبكراً لتضمن الجلوس إلى مائدة على الشرفة أو احجز مقدماً مائدة لغداء عمل.
من الشائع أن ترى أحد رجال الأعمال المعروفين وهو يتناول طعام الغداء بمفرده قبالة البحر.
تذوق طبخة لاكسا لسلطعون النهر، فهي تعبر عن ميل النيوزيلنديين إلى خلط الأكلات البحرية المحلية بنكهات المناطق المطلة على المحيط الهاديء. أو جرّب أن تأكل لحم الخروف المطبوخ ببطء مع يخني الطماطم، العلامة المميزة على قائمة الطعام في هذا البلد.
يقع "ذا شوغر كلوب" في أعلى بناية "ذا سكاي تاور" ويعد من أكثر مطاعم المدينة إطلالاً عليها بمناظره الشاملة، ويقدم قائمة لذيذة من الأكلات التي يعدها الطباخ المشهور "بيتر غوردن".
تعتبر فترات الغداء القصيرة مثالية لضيوف الشركات، سواء كانوا على انفراد أم مع زميل لهم. توفر المنصة المرتفعة التي تحيط بالمطعم ما يرفّه عن رواده وهم يتطلعون إلى ذوي الأفئدة القوية يقفزون على الحافة الممتدة خارج المبنى بعرض 1.2 متراً. لا تقلق، فهم يربطون أنفسهم بحبال متينة.
قضاء أوقات مذهلة
من السهولة قضاء بعضٍ وقت فراغك خارج المدينة، وخاصة لمدة ساعتين أو ثلاث ساعات. يمكنك أن تستقل عبارة من "فايادكت هاربر" لتنقلك خلال نصف ساعة عبر الخليج إلى جزيرة "وايهكي". إنها منطقة سكنية صغيرة تنتشر فيها مزارع الكروم والخضروات والفاكهة العضوية.
تجول في الجزيرة وتذوق عيّنات من منتجات المتعهدين المحليين، بما في ذلك زيت الزيتون الطازج والأجبان المصنوعة في الجزيرة.
إن كنت من هواة التشويق والإثارة ولديك ساعة من الوقت، شاهد المدينة من على سطح البحر وذلك بأن تمسك بمقود أحد يخوت "أمريكا كلوب" الأصلية مع شركة "إكسبلور إن. ز." التي تأخذ زبائنها في رحلات بحرية مذهلة عبر الخليج. إختر مكانك بعناية على المركب، فغالباً ما تُشاهد المراكب وهي تقطع الأمواج بزوايا حادة. كما تتوفر رحلات بحرية لمشاهدة الحيتان الضخمة وأسماك الدولفين.
اعتبارات خاصة
كما هي الحال مع العديد من الجزر، فإن الرقابة على الحدود محكمة عندما يتعلق الأمر بإحضار الفواكه والخضروات ومواد أخرى مثل النباتات والخشب وغيرها من المنتجات الطبيعية. ليس هذا إلا جزءا من الجهود المبذولة للوقاية من دخول الأمراض إلى البلد. العقوبات المفروضة على المخالفين كبيرة، وعليك أن تتذكر هذا إن كنت تريد أن تأخذ معك هدايا لأصدقائك أو زملائك.
عليك أيضاً أن تأخذ حالة الطقس في أوكلاند بعين الاعتبار إذا ما أردت السفر إلى المدينة.
فالطقس المتغير يعني أنك قد ترى أشعة الشمس والأعاصير وحتى نزول البرد، كل هذه مجتمعة في صباح يوم واحد فقط. خذ معك مرهماً ليقيك من أشعة الشمس، فالمعروف عن المدينة ارتفاع معدلات الأشعة فوق البنفسجية.
فيديو قد يعجبك: