مسلمو لاس فيجاس مرعوبون من العداء الذي يكنه لهم مؤيدو ترامب
لندن (بي بي سي)
يصعب على المرء تصور لاس فيجاس، عاصمة القمار والحياة الليلية الصاخبة الواقعة في وسط صحراء ولاية نيفادا جنوب غربي الولايات المتحدة، بأنها مدينة ملائمة لمعيشة المسلمين.
ولكن، وحسب احصاءات الجمعية الاسلامية في الولاية، تحوي لاس فيغاس على 6 مساجد ويعيش فيها 30 الفا من المسلمين.
ولكن الحياة في هذه المدينة - الملقبة "بمدينة المعاصي" - ليست دائما سهلة وهانئة بالنسبة للأقلية المسلمة القاطنة فيها.
عندما تنظر الى الاضواء البراقة من شباك الحافلة التي تستقلها، تشعر طالبة عبدالوحيد - وهي طالبة بالفعل، كما تعطي دروسا في مسجد الصبور بالمدينة - بالقلق.
فليست هذه الرحلات التي تقوم بها بالحافلة، وهي الامريكية المحجبة، لطيفة دائما ولاسيما في الآونة الاخيرة.
تقول طالبة، "يرفض بعضهم الجلوس الى جانبي، كما اسمع بعضهم يتساءل همسا عما اذا كنت احمل قنبلة بمعيتي او ما اذا كنت سأؤذيهم."
وانضمت طالبة البالغة من العمر 19 عاما هذا الاسبوع الى العديد من المسلمين واتباع الديانات الاخرى في تجمع لإدانة الهجوم الذي وقع في كاليفورنيا في الاسبوع الماضي، والذي اوقع 14 قتيلا - وهو الهجوم الذي نفذه زوجان مسلمان واعتبر هجوما ارهابيا.
وتحدث الحاضرون الذين كانوا محاطين بالأعلام الامريكية واللافتات التي تحمل شعارات تعلن احترام الاسلام لأمريكا واعلاءه لقيم التسامح والحرية والديمقراطية، عن الهجوم المذكور وردود الفعل عليه - وعن دونالد ترامب.
وكان ترامب الساعي للفوز بترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية المزمع اجراؤها العام المقبل قد رد على هجوم كاليفورنيا بالمطالبة بمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة ان كان ذلك بصفة لاجئين او طلابا او طلبا للسياحة. وقد أدخل ذلك التصريح الرعب في قلوب المسلمين الامريكيين.
وقال احد المتحدثين، ويدعى الدكتور ضياء خان، ويعمل اخصائيا في امراض القلب في لاس فيجاس، إن الاسلام "قد اهين وتلطخت سمعته من قبل سياسيين عديمي المبادئ."
ومضى للقول إن هذا الخطاب "سيذكي نيران الكراهية ويؤدي بنا الى ذات المكان الذي يريد اعداؤنا ان نذهب اليه."
نفاق؟
هناك شعور بالتعب والملل هنا من تكرار الاحداث بشكل متماثل، إذ يقع هجوم ثم يتوقع الناس من الجالية الاسلامية أن تؤكد مرة اخرى التزامها بالسلام.
في مسجد الصبور، يقول الامام فطين سيف الله إن هذه التوقعات لا تخلو من نفاق.
ويقول "إنها متناقضة وتفتقر الى الانسجام، فنحن لا نطالب بذلك عندما يقتل الناس على ايدي العنصريين البيض الذين يدخلون الى المسارح والمدارس والعيادات الطبية والكنائس."
بعبارة اخرى، لماذا لا يشار الى هؤلاء باعتبارهم متطرفين مسيحيين حتى عندما يقولون إنهم مدفوعون بتعاليم الانجيل؟
وقال الامام "سنكون اكثر امانا لو اشرنا الى المجرمين كمجرمين والقتلة بوصفهم قتلة دون اقحام الدين في الموضوع"، مضيفا أن رد ترامب على هجوم بلدة سان برناردينو بكاليفورنيا "سمح للناس" بأن يتصرفوا بعنصرية وتعصب و"أن يعتقدوا انه شيء لا بأس به ان يميزوا ضد مجموعة بعينها."
وقال محذرا، "بعد خمسين عاما من النضال الشاق في سبيل الحقوق المدنية، عدنا الى التمييز والتعصب. فهناك من يتبنى خطاب ترامب ويتلقفه بشغف، وهذا شيء مخيف."
تجمع لترامب
وعندما كان الامام فطين يدلي بهذه الاقوال، كان ترامب يستعد لمخاطبة مؤيديه في تجمع انتخابي اقيم قرب مجمع (برج ترامب) الفندقي.
واستخف العديد من الحاضرين ما يقال عن إن مواقف ترامب تخلق صعوبات للمسلمين.
فكريس باترسون، الذي كان يرتدي فانلة ولفافا وشارة تحمل كلها شعار حملة ترامب، قال "آمل الا تؤدي تصريحاته (ترامب) الى اخراج اسوأ ما في بعض الناس المتطرفين."
"حسب علمي، لا يوجد هنا من يتعمد ايذاء الناس."
ولكن نورما آش ماين، التي كانت ترتدي هي الاخرى فانلة تحمل شعار ترامب، فكانت اكثر عدائية بكثير وطالبت بمهاجمة المساجد في الولايات المتحدة.
وقالت، "اعتقد انه ينبغي تفجير المساجد." وعند سؤالها اذا كانت تقصد المساجد في الولايات المتحدة، اجابت، "أجل، لانهم (المسلمون) يواصلون القدوم الى هنا ويخلقون المشاكل."
ومضت للقول "لا تعلم من هم، لا تعلم ان كانوا جيدين ام سيئين."
ومن الغريب ان احدا من الحضور الذين تحدثنا اليهم لم يؤيد ما قالته نورما او يحمل آراء مشابهة.
وعندما القى ترامب كلمته التي هاجم فيها الاعلام، قاطعه عدد من المحتجين عدة مرات.
وعندما كان الحرس يخرجون احد هؤلاء المحتجين من القاعة، دعا احد الحضور الى اضرام النار فيه.
كان صوتا وحيدا، ولكنه كان كافيا لزيادة الرعب والتوجس بين مسلمي لاس فيجاس.
تقول طالبة عبدالوحيد، "في الاسابيع الاخيرة، سكبت تصريحات دونالد ترامب وامثاله الزيت على النار بالتأكيد."
"فقبل ان اتوجه الى المدرسة، اشعر بقلق عميق. هل سأعود الى المنزل؟ هل سأرى اسرتي ثانية؟"
ولكن رغم ذلك، تقول طالبة إنها لن تتخلى عن زيها الاسلامي.
"اذا توقفنا عن ارتداء الحجاب، واذا تخلينا عن وصف انفسنا بمسلمين، سيعني ذلك ان ترامب وامثاله قد انتصروا وان الدستور لا معنى له واننا ارهابيون بينما نحن لسنا كذلك."
فيديو قد يعجبك: