هجمات باريس: مسلحو ''داعش'' يغيرون تكتيكاتهم
لندن (بي بي سي)
أشّرت هجمات ليلة الجمعة في باريس الى اعتماد مسلحي ما يسمى ''بالدولة الاسلامية'' اسلوبا جديدا ومخيفا في نشاطاتهم، إذ كان تركيز هذا التنظيم في معظم العام الماضي والجزء الأكبر من العام الحالي على احتلال الاراضي في دول الشرق الأوسط والإمساك بها. وبالنسبة لزعماء ''الدولة'' المقيمين في الرقة والموصل، ما زال هذا هو الهدف الذي يحظى بالأولوية.
ولكن المنضوين تحت لواء هذه ''الدولة'' يعرفون حق المعرفة مدى الجاذبية التي تحملها بالنسبة للجهاديين في أوروبا وغيرها.
وفيما يئن التنظيم من وطأة الغارات الجوية اليومية التي يشنها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على قادته وعناصره، وهي الغارات التي تقضي على قادته واحدا تلو الآخر، بدأ بالنظر الى القيام بهجمات في اماكن بعيدة عن المنطقة.
تخطيط محكم
في يونيو الماضي، تبنى التنظيم الهجوم الذي استهدف منتجع سوسة التونسي والذي راح ضحيته 38 سائحا جلهم من البريطانيين.
وفي أكتوبر، اتهمت تركيا التنظيم بالمسؤولية عن الهجوم الانتحاري الذي أسفر عن مقتل 102 شخصا في العاصمة أنقرة. وفي وقت لاحق من الشهر ذاته، ادعى فرع التنظيم في شبه جزيرة سيناء المصرية مسؤوليته عن اسقاط طائرة ركاب روسية وقتل ركابها الـ 224.
وفي الثاني عشر من الشهر الحالي، ادعى التنظيم مسؤوليته عن التفجيرين اللذين استهدفا ضاحية بيروت الجنوبية - معقل حزب الله اللبناني - وأسفرا عن مقتل 44 شخصا.
ثم جاءت هجمات باريس، التي راح ضحيتها أكثر من 120 قتيلا و300 جريح.
لم تكن أي من هذه الهجمات منفردة أو عفوية.
ورغم بساطة تنفيذها النسبية، تطلبت هذه العمليات الكثير من التخطيط والاستعداد والتدريب. كما تطلبت تجهيز اسلحة ومتفجرات واستطلاع الاهداف وتجنيد الانتحاريين.
ويذكرنا هذا الاسلوب بالعمليات التي كان ينفذها تنظيم القاعدة في اوائل القرن الحالي والتي تميزت بضخامتها والعدد الكبير للضحايا الذي خلفته وكل ذلك من أجل الحصول على أكبر قدر من الدعاية حول العالم.
لقد استنتج مسؤولو مكافحة الارهاب الغربيون مؤخرا أنه فيما ما زال هناك أناس يطمحون الى تنفيذ هذا النمط من الهجمات الكبيرة، الا ان التهديد الماثل والاكبر والاكثر ترجيحا مصدره من اصطلح على تسميتهم بـ ''الارهابيين ذاتيي الدوافع'' كأولئك الذين ذبحوا الجندي البريطاني لي ريغبي في لندن في عام 2013.
ولكن في ضوء ما حصل في باريس وغيرها، لا بد ان يغير هؤلاء المسؤولين تقييمهم.
اغلاق المنفذ
وهناك عامل آخر، فالحدود البالغ طولها 1600 كيلومتر بين تركيا وسوريا لم تمثل في الماضي عائقا يذكر لآلاف الجهاديين القادمين من أوروبا للانضمام الى صفوف التنظيم.
ولكن الجزء الاكبر من هذه الحدود مسيطر عليها من قبل ميليشيا قوات حماية الشعب الكردية المعادية للتنظيم.
وبذا تقلص الى حد بعيد ''المنفذ'' الذي يتمكن منه المجندون من عبور الحدود والالتحاق بالتنظيم، إذ لا يمثل العراق منفذا مناسبا للجهاديين الاوروبيين والحدود بين الاردن وسوريا مغلقة ويواجه هؤلاء خطر الاعتقال اذا حاولوا التسلل الى سوريا من لبنان.
النتيجة هي أن عناصر التنظيم الذين يتولون تجنيد الجهاديين عبر الانترنت بدأوا بحث اتباعهم بالبقاء في بلدانهم والتخطيط لتنفيذ هجمات فيها عوضا عن المخاطرة بالتوجه الى سوريا.
ويعني هذا - على المدى القصير على الأقل - زيادة احتمال وقوع هجمات ارهابية في القارة الاوروبية.
فيديو قد يعجبك: