موقف بعض الدول الأساسية من تنظيم "الدولة الإسلامية"
بي بي سي:
شكل الصعود المفاجئ لتنظيم الدولة الإسلامية صدمة داخل منطقة الشرق الأوسط وخارجها، الأمر الذي دفع الحلفاء والخصوم إلى اتخاذ قرار بشأن كيفية التعامل مع هذا التهديد.
وقالت الولايات المتحدة إنها ستشكل "تحالفا دوليا واسع النطاق" لهزيمة التنظيم، الذي كان يعرف سابقا بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"، غير أن العداء طويل الأجل والوضع المعقد بالفعل في الشرق الأوسط يعني أنه ليس أمرا يسيرا. وهنا نظرة على موقف عدد من الدول الرئيسية في المنطقة:
إيران
رصدت إيران، القوة الشيعية في المنطقة، زحف تنظيم الدولة الإسلامية، الذي يكفر الشيعة بمثابة منشقين عن العقيدة ينبغي قتلهم، على بعد 40 كيلومترا من حدودها.
وعلى الرغم من أن إيران تقف على الجانب المعارض للمجتمع الدولي بشأن قضية سوريا، إلا أننا نجدها قد دعت إلى التعاون في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية.
كما بسطت يدها إلى خصمها السعودية، القوة السنية الرئيسية في المنطقة، وغضت الطرف عن الأعمال الأمريكية في العراق التي لها سجل تاريخي في معارضتها.
وفي العراق، لعب الإيرانيون أنفسهم دورا رئيسيا في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية، إذ قدم الحرس الثوري المشورة لقوات الأمن العراقية، كما نفذ طيارون إيرانيون ضربات جوية إلى جانب تعبئة ميليشيا شيعية بدعم إيراني.
وتقول إيران إنها أرسلت أسلحة ومستشارين لكردستان العراقية. علاوة على ذلك، شاركت طهران واشنطن في سحب دعمها لرئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي في أغسطس/آب.
وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن بلاده "لن تتردد في حماية الأضرحة (الشيعية) المقدسة" في العراق، التي هدد تنظيم الدولة الإسلامية بتدميرها.
العراق
تأمل الولايات المتحدة في أن تستطيع حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي كسب دعم السنة
طلبت حكومة نوري المالكي السابقة التي هيمن عليها الشيعة، واستغل تنظيم الدولة الإسلامية تهميشها للطائفة السنية في البلاد، من الولايات المتحدة إمدادها بالسلاح وتنفيذ أوامر توريد طائرات عسكرية بعد سقوط مدينة الفلوجة بوسط العراق في يناير/كانون الثاني الماضي بيد المسلحين.
وعندما استولى التنظيم على مدينة الموصل شمالي العراق في يونيو/حزيران الماضي قبل أن يزحف جنوبا، طالب المالكي بشن ضربة جوية أمريكية، بيد أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما قال إن تقديم المزيد من المساعدات العسكرية يعتمد على تشكيل حكومة شاملة لكل اطياف الشعب العراقي.
وعلى الرغم من ذلك شنت ضربات جوية في أغسطس/آب عندما أصبح الآلاف من الأقلية الإيزيدية محاصرين في جبل سنجار.
وتنحى المالكي عن منصبه وعينت حكومة عراقية جديدة. وتفيد أنباء بأن المرحلة القادمة من المساعدات الأمريكية ستشمل بذل جهود مكثفة لتدريب ونصح وتجهيز الجيش العراقي ومقاتلي البيشمركة الأكراد والقبائل السنية الراغبة في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية.
وليس معروفا حتى الآن كيف سيتعامل رئيس الوزراء العراقي الجديد، حيدر العبادي، مع الميليشيا الشيعية التي تصدت لزحف تنظيم الدولة الإسلامية على العاصمة بغداد. فثمة اتهامات توجه للبعض بأنهم يعملون خارج سيطرة الدولة وينفذون هجمات ثأرية ضد السنة.
سوريا
تعتمد الولايات المتحدة على المعارضة السورية "المعتدلة" في قتال تنظيم الدولة الإسلامية
منذ بداية الانتفاضة على نظام حكمه في عام 2011، حذر الرئيس السوري بشار الأسد مرارا وتكرارا من تهديد المتطرفين الإسلاميين في سوريا والمنطقة.
ورفضت القوى الغربية في البداية الصورة التي رسمها الأسد لخصومه ووصمهم بـ "إرهابيين"، لكن الوضع تفاقم بنهوض تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة، التابعة لتنظيم القاعدة، في سوريا.
كما حذر الجنرال الأمريكي، مارتن ديمبسي، من عدم إمكانية سحق تنظيم الدولة الإسلامية بدون شن هجمات على معاقلها في سوريا. وأثار ذلك تساؤلات بشأن إمكانية التعاون مع الحكومة السورية من عدمه، حيث عرضت الحكومة مساعدة المجتمع الدولي في محاربة التنظيم.
لكن واشنطن والدول الحليفة مازالت ترغب في تنحية الأسد عن السلطة. وأمر أوباما بشن طلعات استطلاعية فوق سوريا بدون توجيه ضربات جوية بسبب ما يشكله نظام الدفاع الجوي السوري من مخاطر، وكذا القانون الدولي، وحقيقة إمكانية الاستفادة من الأسد.
وبدلا من ذلك يعتمد أوباما على المعارضة السورية في قتال تنظيم الدولة الإسلامية.
تركيا
تحرص تركيا على هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية، التي زحفت على أراض على امتداد حدودها مع سوريا والعراق، لكنها كبحت رد فعلها من منطلق الخوف على 49 مواطنا تركيا خطفتهم جماعة جهادية في الموصل في يونيو/حزيران.
وعلى الرغم من ذلك سعت السلطات إلى صد زحف الجهاديين الراغبين في الانضمام لتنظيم الدولة الإسلامية. وتركيا واحدة من بين الدولة المعارضة بالقول فقط للرئيس الأسد، وأصبحت طريقا رئيسيا تجاه سوريا للأجانب الراغبين في القتال ضمن صفوف المعارضة. ومنذ بداية العام، اعتقلت السلطات، أو رحلت، ما يربو على 450 أجنبيا، كما سعت قوات الأمن التركية إلى إغلاق طرق التهريب.
وليس واضحا بعد ما إذا كانت الحكومة التركية ستسمح للولايات المتحدة باستخدام قواعد عسكرية على أراضيها لشن عمليات ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا.
كما تعرب تركيا عن قلقها من احتمال أن تصل الأسلحة التي ترسلها القوى الغربية لقوات البيشمركة الكردية العراقية في نهاية الأمر إلى يد حزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره أنقرة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي جماعة إرهابية، والذي انضم للقتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية في شمال العراق.
السعودية
أرسلت السعودية مؤخرا الآف القوات إلى حدودها مع العراق
تعتبر المملكة العربية السعودية، القوى السنية في المنطقة، داعمة لقوات المعارضة السورية، بما في ذلك الجماعات الإسلامية المتشددة، غير أنها رفضت اتهامات وجهتها إيران بأنها (السعودية) تدعم مباشرة التنظيم. لكن سعوديين أثرياء أرسلوا تبرعات، كما سافر نحو 2500 سعودي للقتال في سوريا.
وتعرب السلطات السعودية عن قلقها من تشجيع تنظيم الدولة الإسلامية لجهاديين سعوديين على تحدي شرعية الملكية في البلاد والسعي لإسقاطها. ودعا الملك عبد الله، عاهل السعودية، إلى تحرك "سريع" وحذر من أن "الإرهاب لا حدود له".
ونشرت الرياض، في يوليو/تموز الماضي، 30 ألف جندي لتعزيز الأمن على حدودها مع العراق، كما استضافت في الشهر التالي نائب وزيرالخارجية الإيراني، إذ اتفق الخصمان الإقليميان على التعاون.
الأردن
يملك الأردن، وهو حليف قوي للولايات المتحدة، أجهزة أمنية وجيشا يمكن أن يدعم الجهود لقتال تنظيم الدولة الإسلامية. وهدد التنظيم بـ "خرق" الحدود الأردنية، على الرغم من الاعتقاد بعدم شن هجمات قريبا.
وعلى الرغم من ذلك ضاعف الجيش الأردني وجوده العسكري على امتداد الحدود مع العراق. كما حضر الملك عبد الله، عاهل الأردن، قمة حلف شمال الأطلسي في ويلز في سبتمبر/أيلول، حيث ناقش الحلف كيفية التعامل مع التنظيم.
وداخل الأردن نفسه، يتمتع تنظيم الدولة الإسلامية بدعم يتزايد، إذ نظم البعض مظاهرات في مدينة معان في يونيو/حزيران الماضي، ويعتقد أن ما يربو على ألفي مواطن أردني سافروا إلى سوريا للقتال.
ولطالما دعا العاهل الأردني الرئيس السوري الأسد إلى التنحي، وأفادت أنباء بأنه سمح بأن يصبح الأردن ساحة انطلاق للمعارضة وداعميها من الدول الأجنبية.
لبنان
اختطف تنظيم الدولة الإسلامية عشرات الجنود اللبنانيين في أغسطس/آب الماضي
تعمق الانقسام في لبنان جراء الصراع في سوريا، وأصبح لزاما عليه أن يتعامل مع أعمال العنف والتدفق الهائل للاجئين.
وفي أغسطس/آب أغار مقاتلو التنظيم في سوريا على بلدة عرسال الحدودية، وقتلوا واختطفوا العشرات من رجال الأمن اللبنانيين.
كما نفذ متشددون جهاديون سلسلة من التفجيرات الدامية في العاصمة بيروت وأماكن أخرى. واستهدفوا في الغالب المنشآت الإيرانية وحركة حزب الله الإسلامية الشيعية، التي ساعد مقاتلوها قوات الحكومة السورية في تغيير دفة القتال مع المعارضة السورية.
وحذر رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام من أن انتشار تنظيم الدولة الإسلامية يشكل "اختبارا كبيرا لما يعتمد عليه مصيرنا".
ووجهت دعوات للكثير من الفصائل الدينية والسياسية في البلاد لتنحية خلافاتها لضمان عدم ترسيخ التنظيم لأقدامه في البلاد.
قطر
ترفض قطر اتهامات من الزعماء العراقيين الشيعة تقول إنها تقدم دعما ماليا لتنظيم الدولة الإسلامية. لكن يُعتقد أن الأثرياء من الأفراد قدموا تبرعات كما أعطت الحكومة أموالا وأسلحة للجماعات الإسلامية المتشددة في سوريا.
ويعتقد أن الدوحة تربطها صلات بجماعة جبهة النصرة، المنتمية لتنظيم القاعدة.
ومنذ أن شن تنظيم الدولة الإسلامية هجماته في شمال العراق في يونيو/حزيران، أفادت تقارير بأن السلطات القطرية أصلحت علاقاتها مع دول الخليج التي اتهمتها بالتدخل في شؤونها الداخلية.
روسيا
تعد روسيا من أهم حلفاء الرئيس السوري بشار الأسد، إذ تقدم الدعم الدبلوماسي والعسكري. وصوتت روسيا بالفيتو على عدد من القرارات التي أصدرها مجلس الأمن الدولي التي تدين تصديه للمعارضة السلمية وتواصل دعم الجيش السوري بالسلاح والطائرات.
ودفعت تحركات موسكو مقاتلي التنظيم إلى التعهد بالإطاحة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين و "تحرير" شمال القوقاز.
وتعتقد أجهزة الأمن الروسية أن مئات المتشددين من الشيشان وجمهوريات القوقاز الأخرى انضموا إلى تنظيم الدولة الإسلامية، بما في ذلك القائد عمر الشيشاني.
وفي يوليو/تموز، سلمت روسيا أول دفعة من 25 طائرة سوخوي للعراق للمساعدة في تعزيز قواتها الجوية.
الإتحاد الأوروبي
أرسلت بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا أسلحة لقوات البيشمركة الكردية، فضلا عن مساعدة مئات الآلاف من النازحين في شمال العراق.
وقالت الحكومة الألمانية إن لديها "مسؤولية إنسانية لمساعدة الذين يعانون، وكذلك لكبح تنظيم الدولة الإسلامية".
ودعا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند القوى العالمية للاتحاد أمام تهديد التنظيم، واقترح احتمال أن يكون تنفيذ تحرك عسكري في سوريا من الأمور الضرورية.
وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إنه لن يستبعد شن ضربات جوية ضد التنظيم، الذي يحتجز بريطانيا كرهينة، لكنه قال إن أي تحرك يجب ألا يعتبر
"تدخلا غربيا فوق رؤوس الدول الجارة".
فيديو قد يعجبك: