إعلان

قصص لضمان ولاء الأطفال في كوريا الشمالية

12:20 م الخميس 20 فبراير 2014

قصص لضمان ولاء الأطفال في كوريا الشمالية

لندن – (بي بي سي):

غالبا ما يُعتقد أن قادة كوريا الشمالية أشخاص مستبدون قساة القلوب يعيشون في أجواء تتسم بالتحفظ والسرية، ولكن نادرا ما ينظر إليهم على أنهم كتاب قصص أطفال يحظون بشعبية كبيرة.

وبين إصدار تعليمات بشأن معسكرات الاعتقال وتطوير الأسلحة النووية، يبدو أن والد الزعيم الكوري كيم جونغ أون وجده كانا لديهما من الوقت ما يسمح لكتابة قصص للصغار.

''في النهاية، انفجر البالون الأيسر وانبعث منه لهب رهيب، وسقط القائد وسقط فريقه. وفي تلك اللحظة، انطلقت صرخات مدوية من المعركة وسمع صداها بالخارج، وتبين أن القرويين قتلوا بقية اللصوص''.

هذا جزء صغير من قصة ''الأولاد يقتلون اللصوص'' للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ إيل، الذي توفي عام 2011.

وأدرك كيم جونغ إيل ووالده كيم إيل سونغ مدى قوة الكتب، لذا توجه كل منهما لكتابة قصص الأطفال.

يقول كريستوفر ريتشاردسون، وهو باحث متخصص في أدب الأطفال في كوريا الشمالية بجامعة سيدني، إن هذه القصة ''عنيفة للغاية''.

وأضاف: ''إنها تحكي قصة مجموعة من الرجعيين وقطاع الطرق واللصوص المختبئين في تلال كوريا الشمالية، ينهبون ممتلكات قرويين أنقياء القلوب الذين يتحلون بكافة الخصال الحميدة وفضائل ثورة كوريا الشمالية''.

أما الأبطال فهم مجموعة من الشبان الشجعان وقفوا في مواجهة اللصوص.

وعلى الرغم من الرسالة السياسية التي تحملها القصة، إلا أن ريتشاردسون يعتقد أنه سيكون من الخطأ وصف هذه الحكايات ببساطة على أنها نوع من الدعايا للنظام الكوري.

وأضاف: ''يمكن أن تكون ممتعة للغاية، وهي في واقع الأمر قصص جيدة جدا. وأتصور أن الأطفال ليسوا على دراية بمحتواها الأيديولوجي''.

وأردف: ''إذا قمنا بتحويل قصة الأولاد يقتلون اللصوص إلى فيلم رسوم متحركة وعرضناه على مجموعة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ست وثماني سنوات في البلدان الغربية فستعجبهم، لكونها من نفس نوعية العنف السخيف الذي يميل له الأطفال في كل مكان''.

ثقافة ثورة

كتب كيم جونغ إيل دراسة أدبية خصص فصلا منها لكتب الأطفال – ولجأ إلى استخدام الأمثال والسخرية لتوجيه النقد لأعداء الدولة.

ويختلف الأشرار من قصة لأخرى – ففي قصة ''الأولاد يقتلون اللصوص'' نجد أن الأشرار مجموعة من الكوريين المتمردين اللذين يتصرفون مثل الإقطاعيين لا يهتمون بعامة الشعب، وهو شيء بعيد كل البعد عن الثورة وعن ثقافة زوتشيه.''

ووفقا لفكر زوتشيه، الذي روج له كيم إيل سونج، فإن الإنسان هو سيد كل شيء ومقرر كل شيء وهو من يملك السلطة والمسؤولية لإنجاح الثورة، وتركز هذه الاستراتيجية على قيم الاعتماد على الذات والاستقلال عن القوى الأجنبية.

وهناك الكثير من الحكايات المناهضة للولايات المتحدة والتي تعكس هذه الفلسفة، مثل قصة ''الفراشة والديك''، وهي القصة حكاها كيم إيل سونج في البداية، قبل أن يكتبها.

وتحكي القصة عن ديك صغير – يرمز للولايات المتحدة – يحاول تخريب حديقة جميلة ويضايق الحيوانات الأخرى، ولكن فراشة حديثة السن – في إشارة لكوريا الشمالية – تتصدى له وتنقذ الحديقة وسكانها.

شكوك

أما في حكاية كيم إيل سونج ''الحصان المجنح'' فيظهر لصوص أجانب أيضًا ولكن من عهد قديم، إذ تعود الأحداث إلى وقت تهديد الغزو الياباني للبلاد، وتسخر الحكاية من مقاتلي السامواري بأسلوب لاذع ومباشر.

ولكن المنقذ هذه المرة هو طفل ملائكي الملامح يأتي على ظهر حصان مجنح مستعد لبذل حياته دفاعًا عن قريته.

ويشكك ريتشاردسون فيما إذا كان القادة قد كتبوا هذه الكتب بأنفسهم، وتكرر نفس التساؤل لي هيون سيو التي تربت في كوريا الشمالية لكن تركتها في عمر السابعة العشرة، إذ تتذكر جيدًا الكتب التي تسلمتها هي وزملاء المدرسة في الصغر.

وتقول إن أكثر الحكايات وضوحًا في ذاكرتها هي تلك التي عن معارك كيم إيل سونغ البطولية ضد اليابانيين، وتعلق ''هذا بالإضافة إلى بعض القصص السخيفة عن كيم جونغ إيل... عندما كان في الخامسة وقتل بعض الأعداء.''

وتضيف ''إنها قصص مستحيلة، لكننا كنا نصدقها في طفولتنا لأنهم بالنسبة لنا لم يكونوا بشرًا، ولكن أشبه بآلهتنا.''

وتقول إن المدرسين كانوا يلقنوهم أن الولايات المتحدة احتلت كوريا الجنوبية، وأعدمت الطلاب، وأن أهل كوريا الجنوبية يشحذون ولا يملكون المال للتعليم، وأن المرضى يموتون على أبواب المستشفيات لأن الخدمة الصحية باهظة الثمن.''

وكان يسمح للي وهي صغيرة أن تقرأ كتبًا أجنبية مصورة مثل ''سندريلا''، ولكنها اكتشفت عندما بدأت تكبر أن ثمة كتب ممنوعة – مثل تلك التي عن لينين وماركس إذ أنها كانت تتناول منهجًا مختلفًا للشيوعية.

من جهته يدرك الزعيم الحالي للبلاد أن عليه إيجاد طريقة يضمن بها ولاء الأطفال واليافعين للدولة التي أسسها جده، لذا استثمر القائد الشاب في دور السينما وإنشاء حديقة ألعاب مائية جديدة.

وتزحف بعض العناصر الغربية من وقت لآخر، إذ أذاع التلفزيون الحكومي فيلم الرسوم المتحركة الأمريكي ''مدغشقر''، كما ظهرت شخصيتان لديزني منذ عامين في حفل لفرقة ''مورانبونج'' الغنائية المكونة من مجموعة فتيات جمعها كيم جونغ-إيل بنفسه.

ويقول ريتشاردسون إن قرار عدم الحجر على الثقافة الأجنبية كان قرارا ثوريًا لكنه لم يدم طويلًا.

ويضيف ''منذ ذلك الوقت حدث تراجع إلى الوراء، وتشعر الدولة بذعر من تأثير الثقافة الأجنبية على الأطفال، لذا تأمل في أن يرضى الناس بتذوق ما تقدمه من قدر ضئيل الثقافة الغربية''.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان