إعلان

كيف يعمل مفتشون الأسلحة للوصول إلى الحقيقة؟

09:51 م الأربعاء 25 سبتمبر 2013

بي بي سي

يعود فريق من مفتشي الأسلحة إلى دمشق الأربعاء في أعقاب تعهد سوريا بتسليم ترسانتها من الأسلحة الكيماوية.

وفي آخر مرة كانوا فيها هناك تعرضوا لإطلاق نار فيما كانوا يحاولون جمع الأدلة. فما الذي يتطلبه الأمر لتكون مفتشا للأسلحة؟.

تفاوض الشهر الماضي مفتش الأسلحة إيك سيلستورم وفريقه المكون من 20 مفتشا من أجل وقف لإطلاق النار بين الأطراف المتنازعة في دمشق، وتوجه إلى المعضمية في ضاحية الغوطة للتحقق من صحة التقارير التي تفيد بوقوع هجوم بالأسلحة الكيماوية.

لكن بمجرد دخولهم أرضا متنازعا عليها بدأ إطلاق النار باتجاههم.

وقال ''تعرضنا لطلقات نار قناصة في النوافذ، تهشمت نوافذ السيارة المدرعة.''

وأضاف ''حذرنا رجال أمن يتعاونون معنا من أن هذا شئ معتاد، ويمكن لقناصة أن يطلقوا الرصاص هنا أوهناك للإعلان عن تبعية هذه المنطقة لهم. وأنهم يتمتعون بسلطة.''

وانتقل فريق سيلستروم إلى عربة مدرعة أخرى إلى أن وصلوا في النهاية إلى موقع لجمع الأدلة.


الاستعداد للمهمة

وتبرز الأحداث نوعا من الفكر الإصراري يقول بشأنه تيم تريفان، مفتش أسلحة سابق في العراق تابع للامم المتحدة، إنه أحد المتطلبات الرئيسية للوظيفة.

وأضاف ''في السادس والعشرين من أغسطس/آب ذهبنا إلى بلدة المعضمية في الغوطة الغربية، وأجرينا مفاوضات لوقف إطلاق النار لمدة خمس ساعات مع الحكومة والمعارضة.

وكانت المدينة منعزلة تماما لمدة تسعة أشهر، وبمجرد تقدم سيارتنا تجمع حشد من المواطنين حولنا وانشدوا أغنيات وباركوا مهمتنا''.

وقال ''قبل أن نذهب إلى المواقع التي استخدمت فيها الأسلحة الكيماوية، ارتدى الفريق أقنعتهم وستراتهم وقفازاتهم وأحذيتهم لحماية أنفسهم من المواد السامة. كانت درجة الحرارة أكبر من 40 درجة مئوية واضطروا إلى ارتداء جميع الأدوات الوقائية إلى جانب ملابس وخوذات تقي من الرصاص، لذا كان من الصعب لهم العمل.''

وقال ''أنت تحتاج إلى أناس يتمتعون بإصرار. كما تحتاج بلا شك إلى نوع من الكلاب الخاصة.''

وأضاف ''ما كان من المفترض أن يعطوه لنا هو إعلان كامل ونهائي، وأحيانا كنا نستخدم الدعابات وهو ما كان يدفعهم إلى إخبارنا بقصص كاملة ونهائية.''

اختفاء المستندات

في إحدى المناسبات اضطر فريق من المفتشين التابعين للأمم المتحدة في العراق إلى نصب خيام خارج وزارة الزراعة لمدة ثلاثة أسابيع قبل السماح لهم بدخول المبنى.
ثم اختفت المستندات التي كانوا يرغبون في رؤيتها، واستطاع المفتشون رؤية الأثاث وقد نقل وهو ما عزز من شكوكهم.

وعندما يتعامل المفتشون مع بلد ما في حرب، فهم يحتاجون إلى الاستعانة بفريق يتمتع بإمكانيات بعضها ليس بالضرورة في مجال أسلحة الدمار الشامل.

وكشف تريفان عن قائمة طويلة من الخبراء يضمهم فريقه وهم – مهندس مدني لفحص ما إذا كانت الأبنية التي يدخلها آمنة من ناحية البناء، وخبير متفجرات يمكنه إبطال القنابل والألغام، بالإضافة إلى أناس يمكنهم الاعتناء بأمنه الشخصي.

وإذا كان المفتشون يحققون في موقع يعتقد أن أسلحة كيماوية استخدمت فيه، فيلزم جمع عينات من الجثث والتربة المياه. كما يحتاج الدليل بعد ذلك إلى تسجيل بمنتهى الدقة وتخزينه للتأكد من عدم الشك في مصداقيته.

البحث عن الأدلة

كما يلزم وجود خبراء طبيين لتسجيل معلومات دقيقة من أطباء محليين عالجوا مصابين. كما تمثل معرفة الأثار المترتبة على المواد وكيفية تحللها في الجسم أهمية بالغة في هذه المرحلة.

وعندما يقدم فريق تفتيش على التحقيق في برنامج أسلحة كيماوية كامل، يكون هناك مهندسا كيمياويا وخبيرا في الكيمياء الصناعية يفهم كيفية تحويل المواد الكيماوية الى أسلحة.

وربما يجب عليه تحديد الغرض الحقيقي من المنشأة الصناعية، وما إذا كانت لهدف انتاج كميات كبيرة من المواد الكيماوية من اجل برنامج أسلحة.

ثم يلزم الاستعانة بشخص ما يستطيع تحديد الأسلحة التي تستخدم في توصيل المواد الكيمياوية، من خلال قذائف مدفعية وصواريخ ورؤوس حربية تحمل على صواريخ وقنابل.
غير أن ذلك ليس كل شئ، ففي العراق واجه تريفان لعبة ''الكر والفر''.

وأضاف ''العراقيون أعلنوا ما لم نصدقه، لذا اضطررنا إلى الذهاب للوقوف على الأدلة التي تثبت أنهم على خطأ، بعدها أخبرونا بقصة جديدة.''

وفي مواقف مثل هذه تضيع الثقة، وقال تريفان نحتاج إلى دراسة مستندات تعود لعشرات السنين. وهذا يلزم مجموعة من المهارات.

وقال تريفان ''تحتاج إلى أناس خبراء في أوراق وثائق التصدير حتى تتمكن من العثور على الشركات الموردة للمواد الكيماوية وسؤالها عن ما طلبت البلاد استيراده.''

كما يجري المحققون العديد من المقابلات الخاصة، لذا يحتاج فريق التفتيش إلى مترجمين ثقات إلى جانب أناس مهرة في طرق الاستجواب وعلم نفس لغة الجسد.

وبالنسبة لتريفان، تعتبر التفاصيل الصغيرة مفاتيح تفضي إلى الوصول الى الحقيقة. ففي العراق يسألون الكثير من الأسئلة بشأن التواريخ والزملاء وحتى ألوان دهان جدران المختبرات. فتفاصيل تافهة كهذه قد تقودك إلى مستوى يمكنك من إثبات كذبهم.''

ويتفق سيلستروم مع ذلك ويعرب عن قلقه ازاء أثر عمليات التفتيش ويقول ''استخدم عقلي وقلبي في عملي المهني، لكن أعتقد أن الخطر هو أن تتعرض لمواقف تصعب عليك الامور.''

غير أنه يعتقد أن الخطر الذي تعرض له مؤخرا في سوريا يستحق النظر، ''قبل هذا كان لدينا فقط المؤشرات التي لم يستوثق منها، والآن لدينا أدلة دامغة على استخدام أسلحة كيماوية في سوريا.''

فيديو قد يعجبك: