إعلان

كيف أثر اللاجئون السوريون على الدول المضيفة: 3 وجهات نظر

10:45 ص الإثنين 26 أغسطس 2013

لندن - بي بي سي
تقول وكالات الأمم المتحدة إن عدد الأطفال الذين اضطروا للفرار من سوريا وصلوا إلى مليون، ووصفت هذا الرقم بأنه يدعو ''للخجل''.
وبصورة أشمل، فقد سجل أكثر من مليون وسبعمائة ألف شخص أنفسهم كلاجئين منذ بدء الانتفاضة ضد حكم الرئيس بشار الأسد في مارس / آذار 2011، ويعتقد أن الكثيرين مثلهم غير مسجلين على قوائم اللاجئين.

ورغم أن اللاجئين السوريين فروا إلى العديد من الدول إلا أن الغالبية العظمى منهم لجأت إلى أي من لبنان أو الأردن أو تركيا.
واستقبلت لبنان، أصغر الدول الثلاث ذات الأربعة ملايين نسمة، أكثر من سبعمائة ألف لاجئ مسجل. بينما تضم الأردن وتركيا أكثر من تسعمائة وستين ألف لاجئ آخرين.
ويحاول ثلاثة خبراء هنا مناقشة كيفية تعامل تلك البلاد مع تدفق اللاجئين.

لبنان
باتريسيا معمّر مديرة الاعلام والتواصل في مؤسسة ''الرؤية العالمية في لبنان''.
في بداية الحرب في سوريا رحب اللبنانيون باستقبال اللاجئين السوريين داخل بيوتهم وغرف الضيوف، بل وحتى في المدارس.

واقتسم اللبنانيون مع السوريين كل شيء في أحيائهم.
لكن حينما طال أمد الحرب في سوريا تزايد مستوى التوتر بين اللبنانيين والسوريين.
وفي بعض البلدات تزايد عدد السكان إلى الضعف وأدى هذا إلى الضغط على الخدمات الصحية والتعليمية ولم تقدر إدارة النظافة على التعامل مع هذا الوضع.

وفقد كثير من اللبنانيين وظائفهم بسبب ترحيب السوريين بالعمل مقابل أجور أقل والبعض منهم اضطر لمغادرة مكان السكن لأن السوريين يقبلون بمشاطرة المسكن مع عدد أكبر وبالتالي يتمكنون من تحمل الإيجار المرتفع بينما لا يستطيع اللبنانيون.

وعلى الجانب المقابل، يتألم بعض السوريين من قول بعض اللبنانيين إن السوريين يستحقون ما يجري لهم.
وأورث هذا شعورا بالإحباط لدى الجانبين وهو ما يوجب على المجتمع الدولي مساعدتهما.

وكان الإحباط أشد وضوحا في المدارس.
ومن بين المشكلات الرئيسية تفاوت مستويات التحصيل فقد تغيب الكثير من الأطفال السوريين عن صفوف الدراسة لفترات طويلة وما زالوا يكافحون ليلحقوا بسنوات الدراسة.
وفي ذات الوقت يشعر الأطفال اللبنانيون بالتهميش بسبب تزايد اهتمام المعلمين بزملائهم السوريين وقال لي أحدهم ''أشعر وكأنني داخل مدرسة سورية''.

وهناك أيضا مشكلات بسبب عدم وجود مقاعد كافية في المدارس كما أنه لا يوجد ما يكفي من المعلمين وقد لجأت بعض المدارس لاختصار فترة التعليم إلى نصف اليوم حتى توفر فترة ثانية لتعليم السوريين.

ويتواجد اللاجئون السوريون في كل أرجاء البلاد لهذا فالأزمة تطال كل لبنان هذا البلد الذي يبلغ تعداد سكانه أربعة ملايين نسمة ويستضيف أكثر من مليون لاجيء وهذا يعني أن هناك لاجئ واحد من بين كل خمسة أشخاص.
وبالرغم من أن الحكومة لا بد وأن تضطلع بالدور الرائد لإيجاد حل، إلا أنها تركت الأمر للدوائر المحلية كي تتعامل مع الوضع.

وقد خلف هذا الكثير من الآثار السلبية على الاقتصادات المحلية.
ربما يوفر صاحب العمل بعض المال حينما يوظف سوريين بدلا من اللبنانيين ولكن العديد من السوريين تتراكم عليهم الديون على العديد من المستويات، الدواء والمأوى والانتقالات.
وتغرق بعض المتاجر اللبنانية الصغيرة في الديون لأنها أضحت محاطة باللاجئين السوريين من كل حدب وصوب.

اللاجئون يطلبون منها سلعا كالخبز والأرز والفول ولكنهم لا يطيقون دفع الثمن ولا تجد المتاجر إجراء مناسبا لاتخاذه.
تقول صاحبة أحد المتاجر ''لا أستطيع أن أقول لهم لا''، وأظهرت لي دفترا دونت فيه حسابات الديون.
لست متفائلة جدا بالنسبة لمستقبل الأوضاع فالوضع الأمني يزداد تدهورا كما يؤدي الفقر للمزيد من التدهور.

الأردن
لورا شيهن، مسؤولة الإعلام بمؤسسة كير العالمية
لسنوات طويلة، اختلط السوريون بالأردنيين وأصبح لديهم الكثير من الأقارب المشتركين لهذا لا يوجد بينهما تناقض اجتماعي صارخ، بالرغم من وجود بعض الاختلافات في العادات والتقاليد.

من بين المشكلات التي سمعتها أمس بالقرب من الحدود السورية أن الكثير من الشباب هناك اضطروا لتأخير زفافهم والسبب أن السوريين لديهم استعداد للعمل مقابل أجر أقل، وبالتالي لا يتمكن الشاب الأردني من كسب ما يكفي لتقديم المهر وتأثيث منزل الزوجية لعروسه.

ومن بين المشكلات الأخرى المتعلقة بالزواج أن بعض الشباب أصبح يتطلع للزواج بالسوريات باعتبارهن على استعداد لقبول مهر أقل وهو ما أورث بعض الاستياء في المجتمع الأردني الذي قد يعتبر الفتاة السورية جاءت لاقتناص فتيانهم.
ولا شك أن هذه الصور النمطية تسلط الضوء على بعض الأبعاد الاجتماعية لما يجري.

وشهدت بعض مناطق الأردن اضطرابات مثل العاصمة عمان على الرغم من أن هذا لم يشمل كافة المناطق.
لكن أحد الوجهاء قال لي بينما كنت في قرية صغيرة شمال البلاد ''إن الرجال السوريين يقدمون إلى هنا وهم يرتدون السراويل القصيرة نحن لا نفعل هذا مطلقا'' وأردف ''النساء السوريات يركبن الدراجات النارية خلف أزواجهن، هذا أمر لا نفعله نحن هنا''.

يمكننا أن نستنبط بطبيعة الحال أن الدراجات النارية لم تكن تستعمل في تلك المناطق على الإطلاق حتى وقت قريب.
وبوجه عام، فإن تزايد أمد إقامة العائلات المهاجرة يزيد من الأعباء على المجتمعات المحلية التي تستضيفها.

والقضية الأهم هنا هي المياه فالأردن دولة ''فقيرة مائيا'' فكل قطرة مياه ثمينة وبعض الأردنيين يتصورون، سواء كان هذا صحيحا أم لا، أن السوريين لا يقتصدون في استخدام المياه كما ينبغي خلال استخدامها في حياتهم اليومية.
ويتزايد الشعور العام بالاستياء إزاء هذه المظاهر.

ويتصور السوريون أنهم على استعداد لأن يتقاضوا أجورا أقل مقابل العمل على نحو جيد جدا وهذا ما يجعل بعض الأردنيين يشعرون بأن هذه الأجور المتدنية أخرجتهم من سوق العمل.
إنها أمور تتعاظم شيئا فشيئا وهي أوضاع مؤلمة حقا.

تركيا
داون شاتي مديرة مركز دراسات اللاجئين بجامعة أوكسفورد
تختلف تركيا عن كل من لبنان والأردن.
معظم اللاجئين توجهوا خلال الأسابيع الماضية إلى محافظة هاتاي التي كانت تعرف في السابق باسم لواء الإسكندرونة، وهي التخوم التي كانت تتبع سوريا حتى قبيل الحرب العالمية الثانية.

ومن المعروف أن السكان في محافظة هاتاي على ارتباط وثيق بالمواطنين السوريين على الجانب المقابل من الحدود.
وبشكل ما يعكس سكان هاتاي الطبيعة العرقية والدينية المعقدة في المحافظات التي تحيط بالمدن السورية حلب وإدلب وهناك الكثير من أواصر القرابة والشبكات الاجتماعية ورأس المال الاجتماعي الذي يربط بين هذه المناطق.

هناك الأرمن وكذلك العلويون والمسلمون السنة، كلهم على اتصال ببعض السكان الذين يتشابهون معهم في العرق أو المعتقد هنا.
ولهذا فمن الناحية الاجتماعية ما يزال الناس يشعرون بأنهم إخوة وأنهم قادرون على تدارك المشاكل، والجميع ينتظر هدوء القتال حتى تسنح الفرصة للعودة.
ولهذا فإن الأمر أكثر سلاسة مما هو عليه في لبنان والأردن.

ومن جانبها كانت الحكومة التركية سخية في النهج الذي اتبعته في التعامل مع أزمة اللاجئين فقد أنشأت مخيمات لإيوائهم يمكن اعتبارها من فئة النجوم الخمس.
الجميع لديه إمكانية الدخول والخروج متى شاء والقليل جدا أصبح لديه أسباب للشكوى.

وأعتقد أن الأردن يحصل على الأرجح على الكثير من المعونات لمساعدته على استضافة اللاجئين السوريين. وينبغي أن يقوم لبنان بهذا أيضا.
وعلى الرغم من أن هذا لا يبدو وشيك الحدوث وذلك لأن لبنان لأسباب كثيرة لم يرغب في العمل مع وكالات الأمم المتحدة لإنشاء المخيمات مفضلا الاعتماد على استضافة السكان المحليين.
واعتمدت السياسة التركية في التعامل مع اللاجئين السوريين على إنشاء المخيمات ولكن هذه المخيمات لا يجري تطويقها بصورة مادية بما يجعلها مناطق لا يمكن للاجئ مغادرتها دون موافقة من السلطات المحلية.

كما أن كل هذه المخيمات تمول تقريبا من الميزانية التركية.
تجدر الإشارة إلى أنه جرت العادة على أن تخلق المخيمات التي تتلقى الكثير من المساعدات الخارجية بيئة سلبية داخل المجتمع الذي يحيط بها وقد جرى هذا بالفعل في بعض مخيمات الأردن.
ويبذل اللبنانيون قصارى جهدهم لئلا يحدث هذا مجددا في بلادهم فلديهم خبرة سيئة بشأن المخيمات التي تؤوي أقليات وتعزلهم وتفصلهم عن بقية قطاعات المجتمع.
ونعلم من خلال سنوات الخبرة من العمل مع اللاجئين أن الاستضافة المحلية والإسكان المحلي أفضل بكثير من إعاشة اللاجئين في المخيمات حيث تتمكن الدولة من تجريدهم من قوتهم وأيضا من كرامتهم.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان