كيف تستفيد مصر والأسواق الناشئة من خفض مرتقب للفيدرالي الأمريكي للفائدة؟
كتبت- منال المصري:
تتطلع الأسواق الناشئة ومنها مصر إلى قرار الاحتياطي الفيدرالي- البنك لمركزي الأمريكي- في اجتماعه الشهر المقبل بخفض سعر الفائدة على الدولار، بعد زيادة ضغوط عبء الفائدة على عملاتهم المحلية بفعل قوة الدولار.
وقال مصرفيون تحدث إليهم مصراوي، إن إبقاء الفيدرالي على سعر الفائدة بالاجتماع المقبل لن يغير من وضع الأسواق شيئا، ولكن في حال توافق مع التوقعات وخفض الفائدة سينعكس ذلك بحزمة من المكاسب منها زيادة جاذبية الاستثمار في الجنيه، وتقليل عبء الفائدة بالدولار.
ويعلن البنك المركزي الأمريكي في سادس اجتماع له خلال 2024 يوم 18 من سبتمبر المقبل قرار سعر الفائدة على الدولار وسط توقعات قوية من خبراء واقتصاديين وبنوك عالمية بخفض مرتقب بين 0.25% و0.5% للفائدة على الدولار بعد أن وصل العائد على الدولار خلال آخر عامين ونصف إلى 5% و5.25%.
وتأتي هذه التوقعات للحد من مخاوف دخول اقتصاد أمريكا في حالة ركود بسبب تراجع الوظائف قبل أن تصدر أمريكا قبل أيام مؤشرات تعكس تحسن مستويات البطالة وتراجع طلبات التوظيف وهو ما قلل من المخاوف إلى حد ما.
ويؤثر قرار البنك المركزي الأمريكي برفع أو خفض أو تثبيت سعر الفائدة على كافة الأسواق على مستوى العالم تحت ضغط قوة الدولار وهيمنته التجارية على مستوى العالم، باعتبار أمريكا أكبر اقتصاد على مستوى العالم.
جاذبية الاستثمار في الجنيه
يرى محمد عبد العال، الخبير المصرفي، إن خفض الفيدرالي للفائدة سيكون له تأثير إيجابي على مصر منها زيادة جاذبية المستثمرين الأجانب لاستثمار في الجنيه بعائد مرتفع مقارنة بالدولار..
وأوضح في حديثه مع مصراوي أن فروق سعر العائد على الجنيه والدولار سيكون في صالح مصر في زيادة جذب الأموال الساخنة.
ووفق بيانات المركزي المصري، جذبت مصر نحو 24 مليار دولار خلال أول 3 أشهر من تحرير سعر الصرف بداية من مارس الماضي مسجلا إجمالي رصيد المحفظة مستوى قياسي نحو 37.45 مليار دولار بنهاية مايو الماضي.
وجاء هذه الدخول بعد خروج جماعي للأموال الساخنة بنحو 22 مليار دولار في 2022 على أثر الحرب الروسية الأوكرانية بما أدى إلى تفاقم أزمة النقد الأجنبي وزيادة الضغوط على الدولار بمصر.
وقال محمود نجلة، المدير التنفيذ لأسواق النقد والدخل الثابت، في شركة الأهلي للاستثمارات المالية، لمصراوي، إن خفض الفائدة على الدولار يسهل من انتقال المستثمرين الأجانب للأسواق الناشئة ومنها مصر، وكذلك في خفض طلباتهم لأسعار العائد للاستثمار في أدوات الدين المحلية.
وعادة دخول الاستثمار الأجنبي غير المباشر يساعد في تخفيف الضغط على العملات المحلية ومنها الجنيه المصري نتيجة زيادة بيع الدولار وشراء العملة المحلية.
ولكن في حال خروجهم وخاصة بشكل جماعي وقت الأزمات من الأسواق الناشئة يتسبب في ضغط على طلب الدولار ويتباين حدته وفق عجز ميزان المدفوعات لكل دولة كما مرت به مصر خلال عامي 2022 و2023.
تقليل عبء الدين وقوة الجنيه
وبحسب محمود نجلة، فإن هذا القرار المرتقب سيخفف من عبء الفائدة المرتفع على الأسواق الناشئه ومنها مصر في حال لجؤها لطرح سندات يورو بوند في الأسواق الدولية.
وأوضح أن زيادة سعر الفائدة على الدولار تسبب في رفع ضغوط تكلفة الفائدة على الدول الناشئة التي تحتاج إلى تمويل خارجي لسد فجوة النقد الأجنبي.
كان الدكتور محمد معيط وزير المالية السابق، قال في تصريحات سابقة إن زيادة أسعار الفائدة حدت من طرح مصر سندات في الأسواق الدولية بسبب عبء تكلفة الدين.
وقالت سهر الدماطي، نائب رئيس بنك مصر سابقا، لمصراوي، إن الاقتراض الخارجي سينخفض على أقل بعد خفض الفائدة على الدولار.
وأوضحت أن طلب المستثمرين الأجانب سعر فائدة مرتفع للاستثمار في أذون الخزانة بالجنيه سيتراجع بدعم خفض الفائدة على الدولار.
استقرار سعر الصرف
ورجح محمد عبد العال، أن خفض الفائدة على الدولار سيعزز من استقرار سعر صرف الجنيه وعدم وجود ضغوط كبيرة عليه نتيجة تقليص سعر العائد بين العملتين بشرط استقرار العوامل بالمنطقة وعدم تصاعد التوترات الجيوسياسية.
كان البنك المركزي أعلن في مارس الماضي تحرير سعر الصرف خلال الموجة الرابعة لتعويم الجنيه ليرتفع الدولار بنحو 60% مقابل الجينه مسجلا بنهاية التعاملات اليوم نحو 48.83 جنيه لكل دولار.
وأيد محمود نجلة رأي محمد عبد العال في أن أسعار الفائدة المرتفعة تؤدي إلى زيادة تقوية العملات مثل ما حدث مع الدولار الذي أصبح أكثر قوة على مستوى العملات الأخرى بسبب الفائدة المرتفعة عليه.
وأكد أن خفض الفائدة على الدولار سيقلل من قوته مقابل باقي العملات خاصة في الدول الناشئة ومنها مصر التي عانت من هيمنة الدولار.
خفض المركزي المصري للفائدة
استبعد المدير التنفيذي لأسواق النقد والدخل الثابت في شركة الأهلي للاستثمارات المالية، أن يبدأ البنك المركزي المصري خفض أسعار الفائدة في الاجتماع المقبل تماشيا مع الفيدرالي وسط اعتبارات أخرى منها استمرار الضغوط التضخمية.
ومن المقرر عقد البنك المركزي اجتماع لجنة السياسية النقدية مطلع سبتمبر المقبل لحسم سعر الفائدة على الإيداع والإقراض بعد أن أبقى عليها دون تغيير في آخر اجتماعين له مايو ويوليو.
وأوضح نجلة أن خفض الفيدرالي للفائدة يمهد الطريق أمام البنوك المركزي العالمية ببدء خفض وتيرة الفائدة لديها ولكن توقيتات الخفض يختلف من دولة إلى أخرى حسب الدورة الاقتصادية في كل دولة.
كان البنك المركزي رفع سعر الفائدة 19% خلال آخر عامين ونصف آخرها 6% دفعة واحدة في مارس الماضي ليصل العائد إلى متسوى قياسي 27.25% للإيداع و28.25% للإقراض بهدف مواجهة الضغوط التضخمية الناجمة من تحرير سعر الصرف.
وتوقع المركزي في تقرير له سابق بزيادة مخاطر لضغوط التضخمية خلال الفترة المقبلة بفعل إجراءات الضبط المالي- ترشيد الدعم- وهو ما أرجعه بعض الخبراء إلى أن أسعار الفائدة ستظل مرتفعة دون تغيير حتى نهاية 2024.
وأوضح محمود نجلة أنه رغم تراجع معدل التضخم خلال آخر 5 أشهر فإنه لا يزال بعيدا عن مستوى التضخم المستهدف بين 5%إلى 9% بنهاية ديسمبر المقبل.
وأضاف أن العائد الحقيقي على الجنيه تحول إلى موجب لأول مرة بعد انخفاض معدل التضخم تحت مستوى سعر الإيداع لدى البنك المركزي.
وتراجع معدل التضخم على مستوى المدن للشهر الخامس على التوالي إلى 25.7% بنهاية يوليو الماضي من 27.5% بنهاية يونيو، وفق الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وتوقع عبد العال أن يبقي البنك المركزي على أسعار الفائدة مرتفعة حتى نهاية العام الجاري مستبعدا أن يتأثر بقرار الفيدرالي الأمريكي بخفض الفائدة وسط استمرار مخاوف تولد ضغوط تضخمية بفعل ترشيد الدعم على الكهرباء.
كانت وزارة الكهرباء رفعت تعريفة الكهرباء بداية من شهر أغسطس الجاري على المنازل بنسبة تتراوح بين 17% إلى 40% ووصلت على المصانع إلى 40%، وفق ما نقلته مواقع خبرية خلال الأسبوع الماضي.
وجاء هذا بعد أن رفعت مصر قبل شهر أسعار البنزين والسولار بنحو 15% للمرة الثانية خلال العام الجاري وفق برنامج الإصلاح الاقتصادي المدعوم من صندوق النقد الدولي بقرض بقيمة 8 مليارات دولار.
وأوضح محمد عبد العال، أنه لا تزال المسافة الحالية بين التضخم الحالي والمستهدف من المركزي واسعة وهو ما يستوجب عدم خفض الفائدة حتى التأكد من تراجع التضخم بشكل مستدام وهو الهدف الأساسي للمركزي.
واتفقت سهر الدماطي مع لأراء السابقة في أن المركزي لن يخفض الفائدة خلال العام الجاري بعد خفض مرتقب للفيدرالي الأمريكي للفائدة بسبب انعكاس أعباء ترشيد الدعم على الكهرباء على التضخم.
فيديو قد يعجبك: